الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء عن الحسن: أنه يضمن الراعي إلا من موت.
وجاء عن الشعبي أنه قال: يضمن الراعي (1).
ولعلهم يستدلون: بالقياس على الأجير المشترك، فإنه يضمن.
ويمكن أن يجاب عنهما: بأنه إذا ثبت ذلك عنهما فإنه: إما يحمل على الأجير المشترك، وقد وقع الخلاف فيه بين العلماء، أو يقال بأن قولهما شاذ لا يعتد به.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لشذوذ الخلاف فيها.
43] ضمان الحمَّال الذي زحمه الناس:
• المراد بالمسألة: من استأجر حمَّالا ليحمل له متاعا، فزحمه الناس من غير إرادة منه ولا قصد، ففسد المتاع الذي استؤجر عليه، فإنه لا ضمان عليه، ولو أنه هو الذي زحم الناس، فإنه يضمن، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الإسبيجابي (في حدود: 480 هـ) يقول: [لو زحمه -أي: الحمَّال- الناس حتى انكسر -أي: الدن- فإنه لا يضمن بالإجماع. . .، ولو أنه هو الذي زحم حتى انكسر، فإنه يضمن بالإجماع]. نقله عنه العيني (2).
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ولو زحمه الناس -أي: الحمال- حتى فسد، لم يضمن بالإجماع](3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية في المشهور عندهم، والحنابلة كذلك، وابن حزم من الظاهرية (4).
(1) أخرجه عنهما: ابن أبي شيبة في "المصنف"(5/ 407).
(2)
"البناية"(10/ 316). نقله عن كتابه "شرح مختصر الطحاوي"
(3)
"بدائع الصنائع"(4/ 211).
(4)
"المدونة"(3/ 458)، "التاج والإكليل"(7/ 553)، "الشرح الصغير"(4/ 41 - 42)، "منح الجليل"(7/ 508 - 509)، "روضة الطالبين"(5/ 228)، "أسنى المطالب"(2/ 425)، "مغني المحتاج"(3/ 477)، "المغني"(8/ 103)، "الفروع"(4/ 450)، "الإنصاف"(6/ 72 - 73)، "المحلى"(7/ 28).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أنه لا يمكنه حفظ نفسه عن ذلك، فكان بمعنى الحرق الغالب، والغرق الغالب (1).
الثاني: أن يده يد أمانة، والأمين لا يضمن ما تلف بغير فعله مما لا يمكنه التحرز منه، وتضمينه في هذه الحالة يعد أكلا لماله بغير حق.
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الصاحبان من الحنفية، والشافعية في رواية عندهم، والحنابلة كذلك، وقالوا: بأنه يضمن (2).
واستدل هؤلاء بدليل المعقول، وهو:
أنه تسلم العمل على أن يسلمه له، ويأخذ أجرته، وهو لم يسلمه كما وقع في العقد، فيلزمه الضمان (3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 211).
(2)
"المبسوط"(15/ 107)، "تبيين الحقائق"(5/ 136 - 137)، "رد المحتار"(6/ 67 - 68)، "روضة الطالبين"(5/ 228)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(3/ 82)، "مغني المحتاج"(3/ 477)، "الإنصاف"(6/ 73).
تنبيهات:
الأول: أن مما يلفت الانتباه هنا ويثير في النفس الغرابة أن ينقل الإجماع عالمان من علماء المذهب، والخلاف موجود من علمين من أعلامه، وقد أعدت النظر في هذا أكثر من مرة متهما النفس، والذي يظهر -واللَّه أعلم- أن ذلك وهم منهما.
الثاني: الشافعية لم ينصوا على هذه المسألة، لكنهم يرون أن الأجير المشترك إذا لم يتعد أو يفرط ففيه طريقان عندهم: الأول: قولان وهو الأصح: قول: لا يضمن. وقول: يضمن. والثاني: قول واحد لا يضمن. والمسألة معنا من قبيل الأجير المشترك، فتكون عندهم رواية على الطريق الأول.
الثالث: الحنابلة كذلك لم ينصوا على هذه المسألة، لكن جاءت رواية عندهم في الأجير المشترك: أنه يضمن ما تلف من حرزه أو بغير فعله، فتدخل مسألتنا في هذا.
(3)
ينظر: "تبيين الحقائق"(5/ 137).