الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام إلا بذكر طرفه الآخر (1).
الثاني: أن طول الفصل بينهما، يدل على إعراض المشتري عن العقد، وعدم رغبته في إتمام البيع، وإذا قبل بعد طول المدة لربما اختل جانب الرضا من الطرف الآخر، فلزم إعادة العقد من أصله (2).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: ابن العربي من المالكية، فقال بجواز تأخير القبول عن الإيجاب حتى وإن طالت المدة، إلا ما يتطرق في أثناء ذلك إلى السلعة من فساد يلحق عينها، أو حَطٍّ يُدرِكُ قيمتها (3).
ويفهم من هذا القيد الذي ذكره: أن التأخير لا يضر، حتى وإن تغيَّر المجلس.
ودليله على هذا الرأي: أن الأدلة جاءت مطلقة من غير تحديد مدة بين القبول والإيجاب، فما دام أنهما وقعا، على أي صفة كان، فالعقد تام وصحيح (4).
ولم أجد من وافقه على هذا الرأي.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لشذوذ الخلاف فيها.
3] عدم انعقاد البيع الذي تقدم فيه الإيجاب على القبول بلفظ الاستفهام:
• المراد بالمسألة: الصيغة المشتملة على الإيجاب والقبول ركن من أركان البيع، والأصل تقدم الإيجاب على القبول، فإذا حدث العكس وكان بصيغة الاستفهام، فإن البيع لا يصح ولا ينعقد إلا إذا رد المشتري بالقبول بعد هذا، بلا خلاف بين العلماء.
وصورة ذلك: أن يقول المشتري للبائع: أتبيعني هذه السلعة بألف ريال؟ فيقول البائع: بعتك، فلا بد أن يقول المشتري: قبلت.
(1)"النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر"(1/ 257) بتصرف يسير.
(2)
ينظر: "مغني المحتاج"(2/ 329 - 330).
(3)
"القبس"(2/ 777).
(4)
المصدر السابق.
• من نقل الإجماع:
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ولا ينعقد بصيغة الاستفهام بالاتفاق، بأن يقول المشتري للبائع: أتبيع مني هذا الشيء بكذا؟ أو ابعته مني بكذا؟ فقال البائع: بعت، لا ينعقد ما لم يقل المشتري: اشتريت](1).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [فأما إن تقدم -أي: القبول على الإيجاب- بلفظ الاستفهام، مثل أن يقول: أتبيعني ثوبك بكذا؟ فيقول: بعتك، لم يصح بحال. نص عليه أحمد، وبه يقول أبو حنيفة، والشافعي، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم](2).
• النووي (676 هـ) يقول: [أما إذا قال المشتري: أتبيعني عبدك بكذا؟ أو قال: بعتني بكذا، فقال: بعت، لا ينعقد البيع بلا خلاف، إلا أن يقول بعده: اشتريت](3).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [فأما إن تقدم -أي: القبول على الإيجاب- بلفظ الاستفهام، مثل أن يقول: أتبيعني ثوبك بكذا؟ فيقول: بعتك، لم يصح بحال. نص عليه أحمد، وبه يقول أبو حنيفة، والشافعي، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم](4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن الاستفهام سؤال الإيجاب والقبول، وليس إيجابا وقبولا بنفسه، ولذا يُعد البيع هنا قد فَقَد أحد ركني الصيغة وهو القبول، فلم ينعقد (5).
الثاني: أن هذه الصيغة تعتبر مساومة وليست إيقاعا للعقد، وفرق بين المساومة والعقد (6).
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 133).
(2)
"المغني"(6/ 7).
(3)
"المجموع"(9/ 199).
(4)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 10 - 11).
(5)
ينظر: "بدائع الصنائع"(5/ 134).
(6)
"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 246).