الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30] تحريم بيع المسلم فيه قبل قبضه:
• المراد بالمسألة: إذا أراد مستحق المسلم فيه، أو رأس مال السلم، أن يبيع نصيبه قبل أن يقبضه، سواء كان البيع على من هو عليه، أو على غيره، وسواء كان قبل حلول الأجل أو بعده، فإن ذلك محرم لا يجوز، بإجماع الفقهاء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [أما بيع المسلم فيه قبل قبضه، فلا نعلم في تحريمه خلافا](1). نقله عنه البهوتي، وعبد الرحمن القاسم (2).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [لا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه، بغير خلاف علمناه](3).
• العيني (855 هـ) يقول: [(ولا يجوز التصرف في رأس مال السلم، والمسلم فيه، قبل القبض) هذا باتفاق الفقهاء](4).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ): [ولا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه، بغير خلاف نعلمه](5). نقله عنه البهوتي (6).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول: [ولا يصح بيع المسلم فيه على غير من هو عليه قبل قبضه، إجماعا](7).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (8).
(1)"المغني"(6/ 415).
(2)
"كشاف القناع"(3/ 306)، "حاشية الروض المربع"(5/ 31).
(3)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (12/ 292 - 293).
(4)
"البناية"(8/ 356).
(5)
"المبدع"(4/ 197).
(6)
"كشاف القناع"(3/ 306).
(7)
"حاشية الروض المربع"(5/ 31).
(8)
"المدونة"(3/ 133)، "الاستذكار"(6/ 440 - 441)، "بداية المجتهد"(2/ 155)، "التنبيه"(ص 99)، "تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني عليه"(4/ 405 - 406)، "مغني المحتاج"(2/ 465).
تنبيه: المالكية قالوا: بالمنع من بيع المسلم فيه قبل قبضه، بناء على قولهم بالمنع من بيع =
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يقبضه"(1).
• وجه الدلالة: أن السلم لون من ألوان البيع، فيأخذ حكمه، ويدخل في عموم الحديث.
الثاني: عن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك"(2).
• وجه الدلالة: أن من باع المسلم فيه، أو رأس مال السلم قبل القبض، يكون قد باع ما لم يدخل في ضمانه، وهو ممنوع بنص الحديث.
الثالث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء، فلا يصرفه إلى غيره"(3).
• وجه الدلالة: أن بيع المسلم فيه، ورأس مال السلم قبل القبض، يعد صرفا للسلم إلى غيره، فيمنع منه.
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، هما:
القول الأول: يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه، لكن بشرط أن يكون بقدر قيمته
= المبيع قبل قبضه، وهم لا يقولون بالمنع المطلق في المسألتين، وإنما يخصونه بالطعام، وأن يكون لغير المسلم إليه، أما إذا كان غير الطعام أو للمسلم إليه فيجوز عندهم. وعلى هذا فهم يوافقون الإجماع في بعضه، ويمكن اعتبار قولهم قولا مخالفا لحكاية الإجماع، وقد عدهم ابن القيم موافقين لرأيه بالضوابط المذكورة. "تهذيب السنن"(5/ 117).
(1)
سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
أخرجه أبو داود (3462)، (4/ 171)، وابن ماجه (2283)، (3/ 602)، والبيهقي في "الكبرى"(10936)، (6/ 30). قال ابن حجر:[فيه عطية العوفي وهو ضعيف، وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب]. "التلخيص الحبير"(3/ 25). وقال أبو حاتم: [إنما هو سعد الطائي عن عطية عن ابن عباس قوله]. "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 387). وينظر: "نصب الراية"(4/ 51).
أو أقل، وأن يكون الثمن حالًّا. قال به ابن عباس رضي الله عنهما وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها: ابن تيمية، وابن القيم (1).
واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
الأول: القياس على الثمن في المبيع، قال ابن تيمية:[والدليل على ذلك: أن الثمن يجوز الاعتياض عنه قبل قبضه بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر: كنا نبيع الإبل بالنقيع -والنقيع بالنون هو: سوق المدينة، والبقيع بالباء هو مقبرتها (2) - قال: كنا نبيع بالذهب، ونقضي الورق، ونبيع بالورق، ونقضي الذهب. فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فقال: "لا بأس إذا كان بسعر يومه، إذا تفرقتما وليس بينكما شيء" (3). فقد جوَّز النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتاضوا عن الدين الذي هو الثمن بغيره، مع أن الثمن مضمون على المشتري لم ينتقل إلى ضمان البائع، فكذلك المبيع الذي هو دين السلم، يجوز بيعه، وإن كان مضمونا على البائع لم ينتقل إلى ضمان المشتري](4).
الثاني: أما الاستدلال على أن يكون بقدر قيمته أو أقل منها: فهو من أجل ألَّا
(1)"مجموع الفتاوى"(29/ 503 - 518)، "تهذيب السنن"(5/ 111 - 117)، "الإنصاف"(5/ 108 - 109)، "الفروع"(4/ 186). ونقل ابن تيمية وابن القيم عن ابن المنذر تصحيح الأثر الوارد عن ابن عباس.
تنبيه: مما يذكر هنا أن لابن تيمية فتوى صريحة في المسألة، يوافق فيها قول جماهير العلماء في "مجموع الفتاوى"(29/ 501). فلعله رجع عنها؛ لأنها موافقة للمذهب، ثم إن الذي نسب إليه المخالفة هم تلامذته العارفون بأقواله: كابن القيم وابن مفلح.
(2)
قال ابن الملقن: [البقيع بالباء الموحدة بلا خلاف، وصحف من قال بالنون، ففي رواية البيهقي كنت أبيع الإبل ببقيع الغرقد]. "تحفة المحتاج"(2/ 234). واستظهر ابن باطيش ضبطه بالنون، كما نقله عنه ابن حجر في "التلخيص الحبير"(3/ 26).
(3)
أخرجه أبو داود (3347)، (4/ 124)، والترمذي (1242)، (3/ 544)، والنسائي (4589)، (7/ 283)، والبيهقي في "الكبرى"(10293)، (5/ 284). قال الترمذي:[هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفا]. وممن رجح وقفه أيضا البيهقي. ينظر: "التلخيص الحبير"(3/ 26)، "إرواء الغليل"(5/ 174).
(4)
"مجموع الفتاوى"(29/ 510).