الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع: مسائل الإجماع في كتاب المسابقة
1] مشروعية المسابقة والمناضلة:
• المراد بالمسألة: المسابقة: أصل الكلمة وهو السين والباء والقاف، أصل صحيح يدل على التقدم والمجاراة وبلوغ الغاية قبل غيره، يقال: سَبَقَ يسْبق سبْقا.
فأما السَّبَق فهو: الجُعْل الذي يُسابق عليه. ويقال له: الخطر والرهن والندب والقرع (1).
المناضلة: أصل الكلمة النون والضاد واللام، يدل على الرمي والمراماة. وتطلق على الرمي بالسهام، وسمي الرمي نضالا؛ لأن السهم التام يسمى نضالا (2).
ويراد بالمسألة: أن المسابقة والمناضلة بين اثنين فأكثر، أنها جائزة من حيث الأصل، بغض النظر عن التفاصيل فيما تكون عليه المسابقة والمناضلة، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا على استحسان الرمي وتعلمه والمناضلة. . .، واتفقوا على أن المناضلة بنزع واحد من القسيّ، وبتساوٍ في
(1)"معجم مقاييس اللغة"(3/ 129)، وينظر:"المغني"(13/ 412)، "مطالب أولي النهى"(3/ 699).
(2)
"معجم مقاييس اللغة"(5/ 436)، و"المغني"(13/ 416).
جميع أحوالها، بلا تفاضلٍ ولا شرطٍ أصلا، جائزة] (1).
• العمراني (558 هـ) يقول: [وأجمعت الأمة على جواز المسابقة](2).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أن السبق والرمي مشروعان، ويجوزان على العوض](3).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: "وأجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة] (4).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [وأجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة](5).
• الزركشي (772 هـ) يقول لما افتتح كتاب السبق: [الأصل في مشروعية ذلك: إلإجماع](6).
• زكريا الأنصاري (926 هـ) يقول: [وهي لقصد الجهاد سنة للرجال؛ للإجماع](7).
• ابن حجر الهيتمي (974 هـ) يقول: [كتاب المسابقة والمناضلة. والأصل فيهما قبل الإجماع. . .](8). ثم ذكر الأدلة عليهما.
• الشربيني (977 هـ) يقول: [(هما -أي: المسابقة والمناضلة- سنة) أي: مسنون بالإجماع](9).
• الرملي (1004 هـ) يقول في بداية كتاب المسابقة والمناضلة: [والأصل فيها قبل الإجماع](10).
(1)"مراتب الإجماع"(ص 254).
(2)
"البيان"(7/ 418).
(3)
"الإفصاح"(2/ 260).
(4)
"المغني"(13/ 404).
(5)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (15/ 5).
(6)
"شرح الزركشي"(3/ 293).
(7)
"أسنى المطالب"(4/ 227)، وكذا ذكره في "فتح الوهاب"(5/ 280).
(8)
"تحفة المحتاج"(9/ 397).
(9)
"مغني المحتاج"(6/ 166)، وكذا ذكره في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"(4/ 348).
(10)
"نهاية المحتاج"(8/ 165).
• البهوتي (1051 هـ) يقول: [وأجمع المسلمون على جوازها في الجملة](1).
• الرحيباني (1243 هـ) يقول: [وأجمع المسلمون على جوازها في الجملة](2).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول بعد ذكر باب السبق: [وهو جائز: بالكتاب، والسنة، والإجماع](3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: أردفني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء، راجعين إلى المدينة، قال: فبينما نحن نسير، قال: وكان رجل من الأنصار لا يُسْبق شدًّا، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه، قلت: أما تُكْرم كريما، ولا تهاب شريفا؟ ! قال: لا! إلا أن يكون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: يا رسول اللَّه بأبي وأمي ذرني فلأسابق الرجل؟ قال: "إن شئت" قال: قلت: اذهب إليك، وثنيت رجلي فطفرت (5) فعدوت، قال: فربطت عليه شرفا، أو شرفين أستبقي نفسي (6)، ثم عدوت في إثره، فربطت عليه شرفا أو شرفين، ثم إني رفعت حتى ألحقه (7).
(1)"دقائق أولي النهى"(2/ 278).
(2)
"مطالب أولي النهى"(3/ 699).
(3)
"حاشية الروض المربع"(5/ 347).
(4)
"بدائع الصنائع"(6/ 206)، "تبيين الحقائق"(6/ 227)، "الدر المختار"(6/ 402)، "الذخيرة"(3/ 464)، "التاج والإكليل"(4/ 609)، "شرح مختصر خليل" للخرشي (3/ 154).
(5)
طفرت: أي وثبت. "تفسير غريب ما في الصحيحين"(ص 146).
(6)
ربطت: حبست نفسي عن الجري الشديد. والشرف: ما ارتفع من الأرض. وقوله: أستبقي نفسي، بفتح أي: لئلا يقطعني البهر. "شرح النووي على صحيح مسلم"(12/ 183).
(7)
أخرجه مسلم (1807)، (3/ 1145).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أَقرَّ سلمة على المسابقة، فدل على المشروعية، ولو كان ممنوعا لمنعه النبي صلى الله عليه وسلم منها.
الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سابق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين الخيل التي قد أُضْمرت، فأرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع (1)، وسابق بين الخيل التي لم تضمر، فأرسلها من ثنية الوداع، وكان أمدها مسجد بني زُريق"(2)(3).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جعل المسابقة، ولو كانت ممنوعة لم يفعلها.
الثالث: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم (4) ينتضلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ارموابني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع بني فلان" قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما لكم لا ترمون؟ " قالوا: كيف نرمي، وأنت معهم؟ ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ارموا فأنا معكم كلكم"(5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على صنيعهم، بل حثهم عليه وبادر أن يكون معهم، فدل على مشروعية هذا العمل والترغيب فيه.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
(1) ثنية الوداع: موضع بالمدينة على طريق مكة، سمي بذلك؛ لأن الخارج منها يُودعه فيها مشيعه.
وقيل: بل لوداع النبي صلى الله عليه وسلم فيه بعض المسلمين المقيمين بالمدينة في بعض خرجاته. وقيل: ودع فيها بعض أمراء سراياه. وبينها وبين الحفياء ستة أميال أو سبعة، عند ابن عقبة. وخمسة أو ستة عند سفيان. "مشارق الأنوار"(1/ 136).
(2)
مسجد بني زريق: مسجد بينه وبين ثنية الوداع ميل أو نحوه. "مشارق الأنوار"(1/ 315).
(3)
أخرجه البخاري (2870)، (ص 552)، ومسلم (1870)، (3/ 1185).
(4)
أسلم: قبيلة تنسب إلى أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو، وعم إخوان خزاعة، منهم صحابة: كربيعة بن كعب، وحمزة بن عمرو، وأبو برزة، وغيرهم. "الأنساب"(2/ 151).
(5)
أخرجه البخاري (2899)، (ص 557).