الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن هذه الشروط جاءت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع العلماء عليها، وقد جاء في كتاب اللَّه الأمر باتباع السنة، واتباع سبيل المؤمنين، فتدخل ضمنا في كتاب اللَّه (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
8] بطلان الشروط التي تخالف كتاب اللَّه في العقد:
• المراد بالمسألة: الشروط التي تكون بين المتعاقدين، إذا كان الشرط يخالف حكم اللَّه الذي جاء به، سواء في كتابه، أو في سنة نبيه عليه السلام، ويتضمن تحليل ما حرم اللَّه، أو تحريم ما أحل اللَّه، فإن هذا الشرط باطل، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن بطال (449 هـ) يقول: [أجمع العلماء على أن من اشترط في البيع شروطا لا تحل، أنه لا يجوز شيء منها](2).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [وهذا الحديث الشريف المستفيض -أي: حديث عائشة في قصة بريرة- الذى اتفق العلماء على تلقيه بالقبول، اتفقوا على أنه عام في الشروط في جميع العقود، ليس ذلك مخصوصا عند أحد منهم بالشروط في البيع، بل من اشترط في الوقف، أو العتق، أو الهبة، أو البيع، أو النكاح، أو الإجارة، أو النذر، أو غير ذلك شروطا تخالف ما كتبه اللَّه على عباده، بحيث تتضمن تلك الشروط الأمر بما نهى اللَّه عنه، أو النهي عما أمر به، أو تحليل ما حرمه، أو تحريم ما حلله، فهذه الشروط باطلة، باتفاق المسلمين، في جميع العقود: الوقف، وغيره](3). ويقول أيضا: [فمتى كان الشرط يخالف شرط اللَّه ورسوله، كان باطلا. . .، وإذا وقعت هذه الشروط، وفَّي منها بما أمر اللَّه به ورسوله، ولم يوفِّ منها بما نهى اللَّه عنه ورسوله، وهذا متفق عليه بين المسلمين](4).
(1) ينظر في الوجه الثاني: "مجموع الفتاوى"(29/ 163).
(2)
"شرح ابن بطال على صحيح البخاري"(6/ 293).
(3)
"مجموع الفتاوى"(31/ 28).
(4)
"مجموع الفتاوى"(35/ 97).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ". . . أما بعد: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب اللَّه؟ ! ما كان من شرط ليس في كتاب اللَّه فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء اللَّه أحق، وشرط اللَّه أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق"(2).
• وجه الدلالة: أن الحديث نص على أن الشروط التي ليست على حكم اللَّه، فهي باطلة، حتى وإن كثرت.
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم، ما وافق الحق من ذلك"(3).
• وجه الدلالة: أن الحديث يدل على أن الشروط التي توافق الحق هي التي يجب الوفاء بها، والتي لا توافقه لا يجوز الوفاء بها، وهذا يفسر معنى "كتاب اللَّه" في الحديث السابق.
(1)"المبسوط"(13/ 14 - 15)، "بدائع الصنائع"(5/ 168)، "البحر الرائق"(6/ 93 - 94)، "الحاوي الكبير"(5/ 312)، "المهذب مع المجموع"(9/ 451 - 452)، "حاشية قليوبي على "شرح جلال الدين المحلي" (2/ 224)، "المحلى" (7/ 319).
تنبيه: تعددت عبارات العلماء في بيان الشرط الذي يخالف كتاب اللَّه: فمنهم من يقول: الشرط الذي لا يقتضيه العقد، ولا يلائمه، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين، أو للمعقود عليه، أو لم يكن فيه منفعة لأحد، وهذا تعبير الحنفية. ومنهم جعله الشرط الذي لا يقتضيه العقد، وينافي المقصود منه، أو يخل بالثمن وهذا تعبير المالكية. ومنهم من جعله الشرط الذي ينافي مقتضي العقد، أو مما لا غرض له فيه، وهذا تعبير الشافعية. ومنهم من جعله الشرط الذي يتضمن مانعا من موانع العقد ومحظوراته، وهذا تعبير الماوردي من الشافعية. ومنهم من جعله كل شرط لم ينص عليه الشارع، فهو مخالف لكتاب اللَّه، وهذا رأي ابن حزم.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.