الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [ولو اشتراها مزوجة، فوطئها الزوج، لم يمنع ذلك الرد، بغير خلاف نعلمه](1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن وطء الزوج لا ضرر فيه على العقد، بل لا أثر له فيه، وإذا كان كذلك فوطؤه يعد من التصرفات التي لا تمنع الرد عند وجود العيب.
الثاني: أن المشتري دخل على بيِّنة وبصيرة بأن الأمة ذات زوج، ومعلوم أن من حقوق الزوجية الوطء، فكما أن المشتري ليس له حق منعه من هذا، فيقال بأن هذا لا تأثير له على ما مُنِع منه، فالغنم بالغرم.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
41] الرجوع بنقصان العيب في الثوب المقطوع:
• المراد بالمسألة: حين يكون المبيع ثوبا، ويقطعه المشتري بعد أن يقبضه، ثم يتبين له عيب فيه يحق له الرد من أجله، فإنه ليس له الحق في الرد بعد القطع، ويرجع على البائع بنقصان الثوب، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
(1)"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 385).
(2)
"البحر الرائق"(6/ 71)، "الفتاوى الهندية"(3/ 76)، "رد المحتار"(5/ 39)، "المدونة"(3/ 343)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي عليه"(3/ 130 - 131)، "منح الجليل"(5/ 194)، "روضة الطالبين"(3/ 465)، "تكملة المجموع"(11/ 323 - 324)، "مغني المحتاج"(2/ 448)"المحلى"(7/ 584).
تنبيه: من العلماء من لم ينص على هذه المسألة بعينها، وإنما فُهمت موافقتهم للإجماع من مسألة ما إذا كانت الأمة ثيبا وتزوجها المشتري، ووقع على عيب فيها فإن له الحق في الرد، فإذا جاز له الرد في هذه الحالة، فمن باب أولى أن يجوز له الرد إذا وقع الوطء من الزوج.
• العيني (855 هـ) يقول: [(. . . إذا كان) المبيع (ثوبا فقطعه) ثم وجده معيبا، فإنه يرجع بالنقصان، بالإجماع](1).
• ابن الهمام (861 هـ) لما ذكر الخلاف في مسألة الانتفاع بالمبيع بعد فساده قاس عليه هذه المسألة، فقال:[(. . . كما إذا كان) المبيع (ثوبا فقطعه) المشتري، ثم اطلع على عيب، فإنه لا يرده، مع أنه سلطه على قطعه بالبيع، فعرف بالإجماع على أنه لا يرده](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الشافعية في رواية، وكذلك أيضا الحنابلة (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى دليل من المعقول، وهو:
أن الرد إنما شرع لإزالة الضرر، وفي الرد على البائع في هذه الحالة إضرار به، ولا يزال الضرر بالضرر (4).
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في المسألة على أقوال:
القول الأول: التفصيل: إن كان البائع عالما بالعيب فإن المبتاع يرد الثوب وليس عليه غرم التقطيع. وإن كان لا يعلم بالعيب فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يضع عنه ما نقص من ثمن الثوب ويمسكه، وإن شاء أن يغرم ما نقص من التقطيع ويرده. قال به الإمام مالك (5).
واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
الأول: أن البائع لم يوفه ما أوجب له العقد من سلامة المبيع، فانعدم الرضا، فكان له حق الرد، كما لو لم يحدث عنده عيب.
(1)"البناية"(8/ 118).
(2)
"فتح القدير"(6/ 373).
(3)
"تكملة المجموع"(11/ 440)، "الإرشاد إلى سبيل الرشاد"(ص 200)، "تصحيح الفروع"(4/ 105 - 106).
(4)
"المغني"(6/ 231).
(5)
"الموطأ"(2/ 750 - 751)، "المدونة"(3/ 335)، "المعونة"(2/ 1055).
الثاني: أنه نقص حدث بالمبيع فلم يمنع رده مع أخذ أرشه، قياسا على المصراة.
الثالث: إنما قالوا في التدليس: إن المشتري مخيَّر ولا يلزمه أرش؛ لأن ذلك رضا من البائع؛ لأنه لما كتم العيب، وهو يعلم أن المشتري يتصرف في المبيع، ولا يعد ذلك منه رضا؛ لأنه لما تصرف عن غير علم بالعيب؛ كان رضيا به؛ لأنه هو الذي سلَّطه عليه فلم يلزم المشتري الأرش (1).
القول الثاني: إذا دلَّس البائع بالعيب وهو يعلم، ثم أحدث المشتري في الثوب القطع، فإنه بالخيار إن شاء حبس الثوب ورجع على البائع بما بين الصحة والداء، وإن شاء رده ولا شيء عليه. وهذا القول رواية ابن القاسم (2) عن الإمام مالك (3).
القول الثالث: أن للمشتري رد الثوب، ويرد معه أرش التقطيع. قال به حماد ابن أبي سليمان (4)(5)، وأبو ثور (6)، وهو رواية عند الشافعية (7).
واستدل هؤلاء بدليل عقلي، وهو: إذا رد قيمة ما حدث عنده من العيب، فيكون كأنه رده بحاله، فهو قد أخذ النقصان بالعيب الحادث عند المشتري حقه (8).
القول الرابع: أنه مخير بين رد الثوب، ويرد معه أرش العيب الحادث عنده،
(1) ينظر في هذه الأدلة: "المعونة"(2/ 1056).
(2)
عبد الرحمن بن القاسم المصري أبو عبد اللَّه المالكي، ولد عام (132 هـ) صاحب مالك، وعامل مصر وفقيهها، لازم مالك حتى قال عنه:[مثله مثل جراب مملوء مسكا]. توفي عام (191 هـ). "ترتيب المدارك"(2/ 433)، "سير أعلام النبلاء"(9/ 120).
(3)
"الاستذكار"(7/ 222).
(4)
حماد بن أبي سليمان الكوفي أبو إسماعيل مولى الأشعريين، الإمام العلامة فقيه العراق، روى عن أنس بن مالك، وتفقه بإبراهيم النخعي وهو أنبل أصحابه وأفقههم، وليس هو بالمكثر من الرواية، وهو في عداد صغار التابعين. توفي عام (120 هـ). "سير أعلام النبلاء"(5/ 231)، "تهذيب الكمال"(7/ 269).
(5)
أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 137)، وابن حزم في "المحلى" (7/ 592). وقد رووا عنه أنه قال:[يوضع عنه أرش العوار].
(6)
"المحلى"(7/ 593).
(7)
"الحاوي الكبير"(5/ 262)، "أسنى المطالب"(2/ 68)، "نهاية المحتاج"(4/ 56).
(8)
"الاستذكار"(7/ 223).
ويأخذ الثمن. وبين أن يمسكه، وله أرش العيب القديم. قال به عثمان بن عفان (1)، وإسحاق، والنخعي (2)، وهو رواية عند الحنابلة (3).
استدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:
الأول: القياس على المصراة: فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بردها بعد حلبها، ورد عوض لبنها، فكذلك العيب في سائر السلع.
الثاني: أنه عيب حدث عند المشتري، فكان له الخيار بين رد المبيع وأرشه، وبين أخذ أرش العيب القديم، كما لو كان حدوثه لاستعلام المبيع.
الثالث: أن الرد كان جائزا قبل حدوث العيب الثاني، فلا يزول إلا بدليل، ولا دليل يمنع، فيبقى الجواز بحاله (4).
القول الخامس: له رد الثوب، ولا شيء عليه. قال به الحكم بن عتيبة (5)(6)،
(1) أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 137)، والإمام أحمد في "مسائل ابنه عبد اللَّه"(1/ 283)، وابن حزم في "المحلى" (7/ 592). ولفظه: كان يقضي في الثوب يشتريه الرجل فيجد به العيب أن يرده، وإن كان قد لبسه. وجاء عنه أنه قال: إنه مخير. والذي جعل الباحث ينسبه إلى عثمان أن الإمام أحمد في "المسائل" لما سئل عن هذه المسألة، ذكر هذا القول، ثم قال: أذهب إلى قول عثمان، وساق إسناده عنه.
(2)
"المحلى"(7/ 592)، "المغني"(6/ 231). وابن قدامة هو الذي ذكره عن النخعي دون ابن حزم.
(3)
"مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد اللَّه"(1/ 283)، "تصحيح الفروع"(4/ 105 - 106)، "دقائق أولي النهى"(2/ 47).
(4)
ينظر في هذه الأدلة: "المغني"(6/ 231).
(5)
الحكم بن عتيبة أبو محمد الكندي مولاهم الكوفي، ولد نحو سنة (40 هـ)، وهو إمام كبير، عالم أهل الكوفة، قال العجلي:[كان الحكم ثقة ثبتا فقيها من كبار أصحاب إبراهيم، وكان صاحب سنة واتباع]. توفي عام (115 هـ). "سير أعلام النبلاء"(5/ 208)، "تهذيب الكمال"(7/ 114).
(6)
أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 137)، وابن حزم في "المحلى"(7/ 592). وذكره مثل ما رووه عنه ابن قدامة في "المغني"(6/ 231)، أما ابن عبد البر في "الاستذكار"(7/ 223) فقد ذكره كذلك وزاد فيه [ويرد ما نقص من العيب الحادث، وبهذه الزيادة أصبح يوافق القول الآخر عند الشافعية. ويظهر للباحث أن هذه الزيادة وهم من =