الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
87] جواز التفريق بين ذوي الأرحام المحرمة إذا كانوا بالغين:
• المراد بالمسألة: إذا كان عند بائعٍ عبدان بينهما رحم محرمة: كأن يكون ولد وأمه أو أبوه، أو أخ وأخوه أو أخته ونحوهم، وكانا كبيرين أدركهما سن البلوغ وهما عاقلان صحيحان، فإنه يجوز التفريق بينهما في البيع، بأن يبيعهما لاثنين، أو يبيع أحدهما ويُبْقي الآخر، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا أن الفرقة بين ذوي الأرحام المحرمة، إذا كانوا كلهم بالغين عقلاء أصحاء غير زَمْنى، جائزة](1). نقله عنه ابن القطان (2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، وهو رواية عند الحنابلة (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن سلمة بن الأكوع (4) رضي الله عنه قال: غزونا فزارة، وعلينا أبو بكر أمَّره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علينا، فلما كان بيننا وبين الماء ساعة، أَمَرَنا أبو بكر فعرَّسْنا، ثم شنَّ الغارة، فورد الماء، فقتل من قتل عليه وسبى، وينظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا، فجئت بهم أسوقهم، وفيهم امرأة من بني فزارة (5)، عليها قشع
(1)"مراتب الإجماع"(ص 157 - 158).
(2)
"الإقناع" لابن القطان (4/ 1827).
(3)
"المبسوط"(13/ 139 - 140)، شرح السير الكبير (5/ 2071 - 2073)، "فتح القدير"(6/ 482 - 485)، "المدونة"(3/ 301)، "التاج والإكليل"(6/ 237 - 239)، "مواهب الجليل"(4/ 370 - 371)، "الإنصاف"(4/ 137).
(4)
سلمة بن عمرو بن الأكوع سنان بن عبد اللَّه الأسلمي أبو إياس، أول مشاهده الحديبية، وكان من الشجعان ويسبق الفرس عدوا، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:[خير رجالنا سلمة بن الأكوع] بايع النبي صلى الله عليه وسلم عند الشجرة على الموت، نزل الربذة، ثم غادر إلى المدينة، فمات بها عام (74 هـ). "الاستيعاب"(2/ 639)، "أسد الغابة"(2/ 517)، "الإصابة"(3/ 151).
(5)
بنو فزارة: قبيلة تنسب إلى فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان وهي قبيلة كبيرة من قيس عيلان. "اللباب في تهذيب الأنساب"(2/ 429).
من آدم - قال: القشع: النطع - معها ابنة لها من أحسن العرب، فسقْتهم حتى أتيت بهم أبا بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمنا المدينة، وما كشفت لها ثوبا، فلقيني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في السوق فقال:"يا سلمة: هب لي المرأة؟ " فقلت: يا رسول اللَّه واللَّه لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوبا، ثم لقيني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق، فقال لي:"يا سلمة: هب لي المرأة للَّه أبوك؟ " فقلت: هي لك يا رسول اللَّه، فوالله ما كشفت لها ثوبا. فبعث بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة (1).
• وجه الدلالة: أنه فُرِّق بين المرأة وابنتها، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا التفريق ولم ينكره، بل جعل البنت فداء لأسرى المسلمين بمكة. فحمل العلماء هذا على أن البنت كانت كبيرة، ولذا جاز التفريق، ومما يدل على كبرها أن سلمة ذكر أنه لم يكشف لها ثوبا، ولو كانت صغيرة لم يكن ثمة حاجة لذكره؛ لأن مثلها لا يكشف لها ثوب.
الثاني: عن عبادة بن الصامت (2) رضي الله عنه يقول: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين الأم وولدها". فقيل: يا رسول اللَّه إلى متى؟ قال: "حتى يبلغ الغلام، وتحيض الجارية"(3).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أمدا لمنع التفريق وهو البلوغ والحيض، فدل على أن ما بعده لا حرج فيه.
• المخالفون للإجماع:
اختلاف العلماء في هذه المسألة على قولين، هما:
(1) أخرجه مسلم (1755)، (3/ 1103).
(2)
عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم الخزرجي الأنصاري، أحد النقباء بالعقبة، شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ممن جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولاه أبا عبيدة إمرة حمص، أرسله عمر إلى فلسطين قاضيا ومعلما، مات بالرملة عام (34 هـ). "الاستيعاب"(2/ 807)، "أسد الغابة"(3/ 158)، "الإصابة"(3/ 624).
(3)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(258)، (3/ 68). قال الدارقطني:[عبد اللَّه هذا هو الواقعي، وهو ضعيف الحديث، رماه علي بن المديني بالكذب، ولم يروه عن سعيد غيره].