الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2] جواز المسابقة بغير عوض:
• المراد بالمسألة: إذا وقعت المسابقة بين طرفين، ولم يكن ثمة عوض منهما أو من غيرهما، وكانت فيما أباح اللَّه، ولم تُشْغل عن واجب، أو تُوقع في محرم، فإنها جائزة أيا كان نوعها، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [اتفقوا على إباحة المسابقة بالخيل والإبل وعلى الأقدام](1).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [فإن كانت المسابقة على الأقدام بغير عوض، فهي جائزة، إجماعا](2).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول لما تكلم على تفسير حديث أبي هريرة: "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر"(3): [. . . للإجماع على جواز المسابقة بغير عوض، في غير هذه الثلاثة](4).
• أبو العباس القرطبي (656 هـ) يقول: [ولا خلاف في جواز تضمير الخيل، والمسابقة بها على الجملة، وكذلك الإبل، وعلى الأقدام](5). نقله عنه ابن حجر، والعيني، والصنعاني، والشوكاني (6).
• النووي (676 هـ) يقول: [وفيه -أي: حديث ابن عمر في مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم بين الخيل المضمرة وغيرها- جواز المسابقة بين الخيل، وجواز تضميرها، وهما مجمع عليهما]. ويقول أيضًا: [وأجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض بين جميع أنواع الخيل، قويِّها مع ضعيفها، وسابقها مع غيره، سواء كان معها
(1)"مراتب الإجماع"(ص 254).
(2)
"الإفصاح"(2/ 260).
(3)
سيأتي تخريجه في مستند الإجماع.
(4)
"المغني"(13/ 407).
(5)
"المفهم"(3/ 701).
(6)
"فتح الباري"(6/ 72)، "عمدة القاري"(14/ 160)، "سبل السلام"(2/ 502)، "نيل الأوطار"(8/ 88).
ثالث أم لا] (1).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول لما تكلم على تفسير حديث أبي هريرة: "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر": [. . . للإجماع على جواز المسابقة بغير عوض في غير هذه الثلاثة](2).
• ابن القيم (751 هـ) يقول: [وأما المسابقة بالأقدام: فاتفق العلماء على جوازها، بلا عوض](3).
• الزركشي (772 هـ) يقول: [ولا نزاع في جواز المسابقة بغير عوض مطلقًا، من غير تقييد بشيء معين: كالمسابقة على الأقدام والسفن والمزاريق والطيور والفيلة ونحو ذلك، وكذلك المصارعة، ورفع الحجر ليعرف الأشَدّ](4).
• أبو زرعة العراقي (826 هـ) يقول: [فيه -أي: حديث ابن عمر في مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم بين الخيل المضمرة وغير المضمرة- المسابقة بين الخيل. . .، وهذا مجمع عليه](5).
• ابن حجر (852 هـ) يقول: [أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض](6).
• العيني (855 هـ) يقول: [أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض](7).
ويقول أيضًا: [اعلم أن المسابقة في الخيل والإبل والرمي، جائز بالسنة وإجماع الأمة](8).
• الشوكاني (1250 هـ) يقول: [أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض](9).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول لما ذكر حديث عائشة في مسابقتها
(1)"شرح صحيح مسلم"(13/ 14).
(2)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (15/ 11).
(3)
"الفروسية"(ص 98)
(4)
"شرح الزركشي"(3/ 294).
(5)
"طرح التثريب"(7/ 240).
(6)
"فتح الباري"(6/ 72).
(7)
"عمدة القاري"(14/ 160).
(8)
"البناية"(12/ 254).
(9)
"نيل الأوطار"(8/ 88).
للنبي صلى الله عليه وسلم الذي في • مستند الإجماع: [فدل على جواز السبق على الأقدام، ولا خلاف في ذلك](1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أنس رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تُسْبق، فجاء أعرابي على قُعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال:"حق على اللَّه أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه"(2).
الثاني: عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته، فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته، فسبقني، فقال:"هذه بتلك السبقة"(3).
• وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر المسابقة، وفعلها من دون تقييد بشيء، فدل على أن الأصل فيها أنها على الإباحة، ما لم يكن ثمة عارض ينقل الأمر عن الإباحة.
الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حصر السبق في المسابقة في هذه الثلاثة، فلا يحل
(1)"حاشية الروض المربع"(5/ 349).
(2)
أخرجه البخاري (2872)، (ص 553).
(3)
أخرجه أحمد في "مسنده"(26277)، (43/ 313)، وأبو داود (2571)، (3/ 249)، وابن ماجه (1979)، (3/ 397)، وابن حبان في "صحيحه"(4691)، (10/ 545)، واللفظ لأبي داود. قال ابن حجر:[اختلف فيه على هشام، فقيل هكذا -أي: هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - وقيل عن رجل عن أبي سلمة، وقيل عن أبيه وأبي سلمة عن عائشة]. "التلخيص الحبير"(4/ 162). قال أبو زرعة: [هشام عن رجل أصح]. "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 322).
(4)
أخرجه أبو داود (2567)، (3/ 248)، والترمذي (1700)، (4/ 178)، والنسائي في "المجتبى"(3585)، (6/ 226)، وابن حبان في "صحيحه"(4690)، (10/ 544). قال الترمذي:[هذا حديث حسن]. وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد. ينظر: "بيان الوهم والإيهام"(5/ 383)، "التلخيص الحبير"(4/ 161).
أخذ المال بالمسابقة إلا فيها، فدل على جواز ما عدا هذه إذا لم يكن ثمة سبق.
• المخالفون للإجماع:
هذه المسألة قد اختلف فيها العلماء على أقوال:
القول الأول: من العلماء من قصر الجواز على الخف والحافر والنصل فقط. قال به صاحب الروضة (1) من الحنابلة.
واستدل لقوله: بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر"(2).
• وجه الدلالة: قوله لا سبق بالسكون المقصود نفي المسابقة، فلا تجوز في غير ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
القول الثاني: من العلماء من أجاز المسابقة في كل شيء إلا الحمام. قال به الآمدي (3) من الحنابلة.
ولعل هؤلاء يستدلون: بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة، فقال:"شيطان يتبع شيطانة"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذم متابعة الحمام، وأَمْرٌ ذمَّه النبي صلى الله عليه وسلم لأن تكون المسابقة فيه منهيا عنها من باب أولى.
(1) لعل المقصود به الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي المقدسي المتوفى عام (600 هـ) فهو الذي له كتاب بهذا الاسم من علماء المذهب، وكذا الموفق ابن قدامة له كتاب بهذا الاسم لكن الموفق آراؤه معروفة مشهورة في كتبه الأخرى. ولم أجد غير هذين من علماء المذهب لهم كتاب يحمل هذا العنوان. ينظر:"المذهب الحنبلي" للتركي.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
هو علي بن محمد بن عبد الرحمن أبو الحسن البغدادي المعروف بالآمدي، له:"عمدة الحاضر وكفاية المسافر"، "الفصول". توفي عام (467 هـ). "ذيل طبقات الحنابلة"(1/ 8)، "المذهب الحنبلي"(2/ 99).
(4)
أخرجه أحمد في "مسنده"(8543)، (14/ 221)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1300)، (ص 332)، وأبو داود (4901)، (5/ 329)، وابن ماجه (3765)، (5/ 316)، وابن حبان في "صحيحه"(5874)، (13/ 183). ورجح إرساله الدارقطني في "العلل"(14/ 307)، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد"(ص 495).