الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يصلح، ونهى عن الورق بالذهب نساء بناجز". وسألت ابن عباس رضي الله عنهما فقال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يَأكل أو يُؤكل، وحتى يوزن، قلت: وما يوزن؟ قال رجل عنده: حتى يحرز"(1).
• وجه الدلالة: قال: ابن القيم: [وقد دل على جوازه نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلم في حائط بعينه إلا أن يكون قد بدا صلاحه. . .، فإذا أسلم إليه في كيل معلوم، من لبن هذه الشاة، وقد صارت لبونا، جاز، ودخل تحت قوله: ونهى عن بيع ما في ضروعها إلا بكيل أو وزن. فهذا إذنٌ لبيعه بالكيل والوزن معينا أو مطلقا؛ لأنه لم يفصِّل، ولم يشترط سوى الكيل والوزن، ولو كان التعيين شرطا لذكره](2).
الثاني: القياس على استئجار الظئر لإرضاع الولد، فكما أنه يجوز فكذلك في المسألة معنا، بجامع أن كلا منهما معلوم القدر والصفة في العادة.
الثالث: أن حلب اللبن معلوم في الغالب مقداره، وإن اختلفت الأيام فيه، فهو اختلاف يسير، والغرر اليسير معفو عنه (3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
57] جواز بيع الحيوان الذي في ضرعه لبن:
• المراد بالمسألة: حين يريد البائع بيع الحيوان الذي يملكه، وفي ضرعه لبن لا يُعلم مقداره، ولم يشترطه أو يذكره أحدهما في البيع، فإن البيع صحيح بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• النووي (676 هـ) يقول: [أجمع المسلمون على جواز بيع حيوان في ضرعه
= العباد، حدث عن جمع من الصحابة، منهم: أبو برزة الأسلمي وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد، وثقه ابن معين. قتل في وقعة الجماجم عام (82 هـ). "سير أعلام النبلاء"(4/ 279)، "تهذيب الكمال"(11/ 32).
(1)
أخرجه البخاري (2250)، (ص 418)، ومسلم (1537)، (31/ 944).
(2)
"زاد المعاد"(5/ 831).
(3)
ينظر في الدليلين الأخيرين: "المجموع"(9/ 397)، "اختيارات ابن تيمية الفقهية" من كتاب البيع إلى باب السبق (ص 289).
لبن، وإن كان اللبن مجهولا] (1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُصَرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها: إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعا من تمر"(3).
• وجه الدلالة: أن الحديث دليل على جواز بيع بهيمة الأنعام التي يكون في ضرعها لبن؛ إذ المنهي عنه هو حبس اللبن في ضرعها مدة، تدليسا على المشتري (4).
الثاني: القياس على بيع الثمرة قبل بدو الصلاح مع أصلها، وكذا النوى في التمر مع التمر، وأساسات الحيطان مع الدار، كل هذه جائزة؛ لأنها بيعت مع أصلها، ولم تكن مقصودة في البيع فاغتفرت الجهالة فيها، ثم إنه يغتفر في التبعية
(1)"المجموع"(9/ 396).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 164)، "تبيين الحقائق"(4/ 46)، "العناية"(6/ 411)، "المدونة"(3/ 318 - 319)، "التاج والإكليل"(7/ 545)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي"(4/ 20 - 21)، "الفتاوى الكبرى"(4/ 19)، "دقائق أولي النهى"(2/ 31)، "مطالب أولي النهى"(3/ 29)، "المحلى"(7/ 222، 512).
تنبيهان:
الأول: الحنفية: منعوا من إفراد اللبن في الضرع في البيع، وهذا يدل على أن ما لم يفرد فإنه يجوز بيعه. وكذا أجازوا بيع الحامل وإن لم يسم الحمل في العقد واللبن مقيس على الحمل.
الثاني: المالكية أجازوا شراء اللبن في ضروع الغنم، بشروط ذكروها، فمن باب أولى أن يجيزوا بيعه مفردا.
(3)
أخرجه البخاري، (2148)، (ص 403)، ومسلم (1515)، (3/ 934).
(4)
ينظر: "المجموع"(9/ 396).