الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عندك: مُقَيَّدُ الجمل (1)، ومرعى الغنم، ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك، فقال:"أمسك يا غلام! صدقت المسكينة، المسلم أخو المسلم، يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتَّان (2) "(3).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن الأرض التي أقطعه إياها فيها منافع أهل القرية ومصالحهم رد ذلك، ولم يُمْضه له.
الثالث: أن ما قارب العمران وتعلقت به مصالح القرية، يكون من مصلحة ذات المملوك، ولذا فإنه يعطى حكمه (4)، وذلك جريا على القاعدة: أن ما قارب الشيء فإنه يأخذ حكمه (5).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة، وذلك لعدم المخالف فيها.
6] تحريم إحياء وإقطاع أراضي المعادن الظاهرة:
• المراد بالمسألة: الإقطاع في اللغة: مصدر أقطعه إذا ملَّكه، أو أذن له في التصرف بالشيء (6).
وفي اصطلاح الفقهاء: تسويغ الإمام من مال اللَّه شيئًا لمن يراه أهلا لذلك، وأكثر ما يستعمل في إقطاع الأرض، وهو: أن يخرج منها شيئًا لمن يحوزه، إما أن يملكه إياه فيعمره، أو يجعل له غلته مدة (7).
(1) مقيد الجمل: أي: أن الجمل إذا وجدها كان فيها كالمُقَيَّد لا ينزع إلى غيرها من البلاد. "غريب الحديث" للخطابي (1/ 462)، وينظر:"غريب الحديث" لابن الجوزي (2/ 273).
(2)
الفتان: جمع فاتن وهو: المضل عن الحق، ومنه قوله:{مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ بِفَاتنِينَ (162)} . وتطلق على الشيطان. ينظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 58).
(3)
أخرجه أبو داود (3065)، (3/ 507)، والترمذي (2814)، (5/ 111)، والبيهقي في "الكبرى"(11611)، (6/ 150). قال الترمذي:[حديث قيلة لا نعرفه إلا من حديث عبد اللَّه بن حسان]. وحسَّن إسناده ابن حجر في "فتح الباري"(3/ 155).
(4)
ينظر: "شرح الزركشي"(2/ 193).
(5)
ينظر في هذه القاعدة: "المنثور في القواعد الفقهية"(3/ 1144)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص 182).
(6)
"المطلع"(ص 281).
(7)
"مشارق الأنوار"(2/ 183)، وينظر "شرح حدود ابن عرفة"(ص 409)، "رد المحتار" =
المعادن الظاهرة هي: ما كان جوهرها المستودع فيها بارزا، والمؤونة إنما تكون في تحصيلها (1).
والمقصود هنا: أن المعادن الظاهرة: كالملح، والماء، والكبريت، والقِير (2)، والمومياء (3)، والنِفط (4)، والكحل، والبِرام (5)، والياقوت، ومقاطع الطين، ونحوها، لا يجوز تملكها بالإحياء، ولا يجوز للإمام إقطاعها، ولا يحق لأحد من الناس تحجيرها، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على الأرض إذا كانت أرض ملح. . .، فلا يجوز للمسلم أن ينفرد بها](6).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [المعادن الظاهرة. . .، ينتابها الناس، وينتفعون بها: كالملح، والماء، والكبريت، والقير، والمومياء، والنفط، والكحل،
= (4/ 393).
(1)
"الأحكام السلطانية"(ص 247)، "تحفة المحتاج"(6/ 224)، "كشاف القناع"(4/ 188).
(2)
القير - بالكسر، والقار وهي لغة فيه - هو: شيء أسود يطلى به الإبل والسفن يمنع الماء أن يدخل، وقيل هو الزفت. "القاموس المحيط"(ص 601)، "المحكم والمحيط الأعظم"(6/ 499)، "لسان العرب"(5/ 124).
(3)
المومياء -بضم أوله وبالمد وحكي القصر-: شيء يلقيه الماء في بعض السواحل، فيجمد ويصير كالقار، وقيل: حجارة سود باليمن خفيفة فيها تجويف. "تحفة المحتاج"(6/ 224)، "مغني المحتاج"(3/ 514).
(4)
النِّفط، بالفتح والكسر، والكسر أفصح، وهو: دهن تطلى به الإبل للجرب والدبر والقردان، وهو دون الكحيل، ثم هو حلابة جبل في قعر بئر توقد به النار. والنفاطة الموضع الذي يستخرج منه. ينظر:"المحكم والمحيط الأعظم"(9/ 187)، "القاموس المحيط"(ص 891)، "لسان العرب" (7/ 416). وفي "المعجم الوسيط" (2/ 941) قالوا: هو: [مزيج من الهدروكربونات يحصل عليها بتقطير زيت البترول الخام، أو قطران الفحم الحجري، وهو سريع الاشتعال، وأكثر ما يستعمل في الوقود].
(5)
البِرام هي: حجارة معروفة في الحجاز واليمن، تنحت منها قدور للطبخ. ينظر:"مشارق الأنوار"(1/ 85)، "لسان العرب"(12/ 45)، "تاج العروس"(31/ 268).
(6)
"الإفصاح"(2/ 44).
والبرام، والياقوت، ومقاطع الطين، وأشباه ذلك، لا تملك بالإحياء، ولا يجوز إقطاعها لأحد من الناس، ولا احتجازها دون المسلمين. . .، وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه مخالفا] (1). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (2).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [المعادن الظاهرة. . .، ينتابها الناس، وينتفعون بها: كالملح، والماء، والكبريت، والقِير، والمومياء، والنِّفط، والكحل، والبرام، والياقوت، ومقاطع الطين، وأشباه ذلك، لا يملك بالإحياء، ولا يجوز إقطاعه لأحد من الناس، ولا احتجازه دون المسلمين. . .، وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه مخالفا](3).
• العيني (855 هـ) يقول: [(لا يجوز للإمام أن يقطع ما لا غنى بالمسلمين عنه كالملح والآبار التي يستقي الناس منها) ولا نعلم فيه خلافا](4).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ) يقول: [ولا تملك المعادن الظاهرة كالملح والقار. . .، والنفط. . .، والكحل والجص بالإحياء. . .، وليس للإمام إقطاعه، بغير خلاف علمناه](5).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (6).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبيض بن حمَّال (7) رضي الله عنه أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي
(1)"المغني"(8/ 154 - 156).
(2)
"حاشية الروض المربع"(5/ 479).
(3)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (16/ 92 - 94).
(4)
"البناية"(12/ 292).
(5)
"المبدع"(5/ 251).
(6)
"الذخيرة"(6/ 159)، "مختصر المزني"(8/ 231)، "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص 247)، "أسنى المطالب"(3/ 452 - 453)، "المحلى"(7/ 73).
(7)
أبيض بن حمال بن مرثد بن ذي لُحيان بن سعد المأربي السبائي، يعد من أهل اليمن، وكان بوجهه حزازة وهي القوباء، فالتقمت أنفه، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم عليه فلم يُمسِ ذلك اليوم وفيه أثر، وفد على أبي بكر لما انتقض عليه عمال اليمن، فأقره أبو بكر على ما صالح =
بمأرب (1)، فقطعه له، فلما ولَّى، قال رجل في المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العِدّ (2)، قال: فانتزعه منه (3).
الثاني: أن هذه المعادن تتعلق بها مصالح المسلمين العامة، فلم يجز إحياؤها، ولا إقطاعها، كمشارع الماء، وطرقات المسلمين (4).
الثالث: قال ابن عقيل (5): [هذا من مواد اللَّه الكريم، وفيض جوده الذي لا غناء عنه، فلو ملكه أحد بالاحتجاز، ملك منعه، فضاق على الناس، فإن أخذ العوض عنه أغلاه، فخرج عن الموضع الذي وضعه اللَّه من تعميم ذوي الحوائج من غير كلفة](6).
النتيجة:
الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
= عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة، ثم انتقض ذلك بعد أبي بكر وصار إلى الصدقة. "الاستيعاب"(1/ 138)، "أسد الغابة"(1/ 163)، "الإصابة"(1/ 23).
(1)
مأرب هي: بلاد الأزد باليمن، قال السهيلي: مأرب اسم قصر كان لهم، وقيل هو: اسم لكل ملك كان يلي سبأ كما أن تبعا اسم لكل من ولي اليمن والشحر وحضرموت. "معجم البلدان"(5/ 34).
(2)
الماء العد هو: الماء الكثير الجري الذي لا انقطاع لمادته كماء العين والبئر المعينة. "تفسير غريب ما في الصحيحين"(1/ 397)، "الفائق"(2/ 400).
(3)
أخرجه أبو داود (3059)، (3/ 503)، والترمذي (1380)، (3/ 664)، والنسائي في "الكبرى"(5733)، (5/ 326)، وابن حبان في "صحيحه"(4499)، (10/ 351). قال الترمذي:[حديث أبيض حديث غريب]. قال ابن عدي لما ذكر محمد بن يحيى بن قيس: [أحاديثه منكرة مظلمة]. "الكامل"(6/ 234). وقال الذهبي عند ترجمة يحيى بن قيس: [هذا إسناد لا تنهض به الحجة]. "ميزان الاعتدال"(7/ 212).
(4)
"المغني"(8/ 155)، "بدائع الصنائع"(6/ 194).
(5)
علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد أبو الوفاء البغدادي الحنبلي، ولد عام (431 هـ) أحد مشاهير الحنابلة، أكثر من التصنيف، له:"طفاية المفتي"، "المفردات"، "الفنون"، قيل: أنه كان في ثمانمائة مجلد. توفي عام (513 هـ)، "طبقات الحنابلة"(2/ 259)، "ذيل طبقات الحنابلة"(1/ 142)، "سير أعلام النبلاء"(19/ 443).
(6)
"المغني"(8/ 156)، "المبدع"(5/ 252).