الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: القياس على المتاع يكون للبائع في الأرض: بجامع أن كلا منهما متصل بالأرض اتصال انفصال لا اتصالا في أصل الخلقة فيكون تبعًا لها.
الثالث: أن الزرع في هذه الحالة دخل تبعًا لبيع الأرض، فاغتفرت فيه الجهالة، وعدم الكمال، ويثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالا.
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة صاحب المبهج (1) من الحنابلة في الزرع الذي لا يحصد إلا مرة، فقال: إن كان الزرع بدا صلاحه: لم يتبع الأرض. وإن لم يبد صلاحه فعلى وجهين، فإن قلنا: لا يتبع أخذ البائع بقطعه إلا أن يستأجر الأرض (2).
ولعله يستدل: بأن ملكية الأرض قد انتقلت إلى المشتري، وإذا ملك الأرض ملك ما فيها، وقياسًا على النخل غير المؤبر.
واستغرب ابن رجب هذا القول جدًا، وعده مخالفًا لما عليه الأصحاب (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة، والمخالفة فيها إنما هي في جزء منها، وتعد شاذة كما هو ظاهر عبارة ابن رجب.
12] جواز بيع الثمار الظاهرة والمغيبة إذا أُظهرت:
• المراد بالمسألة: من الثمار ما يظهر ثمره مرة بعد أخرى، فيلقط أكثر من مرة: كالقثاء (4) ونحوه، فما ظهر من ثمرته فإنه يجوز بيعه، باتفاق العلماء.
ومثلها أيضًا ما كانت ثمرتها مستترة في الأرض أو في غيرها: كالبصل والجزر والجُمَّار (5) ونحوها، ثم قلعت وظهرت وبانت.
(1) صاحبه عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد أبو الفرج الشيرازي المقدسي الدمشقي. المتوفى عام (486 هـ). ذكره ابن رجب له في "ذيل طبقات الحنابلة"(1/ 71).
(2)
"الإنصاف"(4/ 58).
(3)
"القواعد" لابن رجب (ص 177).
(4)
القثاء: هو الخيار. وقيل: نوع يشبه الخيار. "المصباح المنير"(ص 254)، وينظر:"الدر النقي"(1/ 457).
(5)
الجمار: هو قلب النخلة، ومنه يخرج الثمر والسعف، وتموت بقطعه. "المصباح المنير"(ص 60).
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا أن بيع ما قد ظهر من القثاء والباذنجان، وما قلع من البصل والكراث والجزر واللفت والجُمَّار، وكل مُغيَّب في الأرض، جائز إذا قلع المغيب من ذلك](1).
• ابن بطال (449 هـ) يقول: [بيع الجُمَّار وأكله من المباحات التي لا اختلاف فيها بين العلماء](2). نقله عنه ابن حجر (3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على الإجماع في المسألة: الحنفية، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر"(5).
• وجه الدلالة: أن ما لم يظهر من الثمار فإنه يعد معدوما، وما كان معدوما فإنه يدخل في الغرر المنهي عنه، وما ظهر وبان فإنه يكون خارجًا عما نُهي عنه، ومثله ما كان مستورا في الأرض فإنه في حكم المعدوم، فلا يُدرى عنه ما لم يُقلع، فإذا قلع انتفى الغرر، ورجع الحكم إلى الإباحة.
الثاني: عن أنس رضي الله عنه قال: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن بيع النخل حتى تزهو"، قيل: وما تزهو؟ قال: حتى تحمار وتصفار. ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إن منع اللَّه الثمرة بم يستحل أحدكم مال صاحبه؟ "(6).
(1)"مراتب الإجماع"(ص 153).
(2)
"شرح ابن بطال على صحيح البخاري"(6/ 329).
(3)
"فتح الباري"(4/ 405).
(4)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 80)، "بدائع الصنائع"(5/ 139)، "الفتاوى الهندية"(3/ 64)، "رد المحتار"(5/ 52 - 53)، "المغني"(6/ 160 - 161)، "إعلام الموقعين"(4/ 4 - 5)، "الإنصاف"(4/ 302 - 303)، "كشاف القناع"(3/ 166)، "مطالب أولي النهى"(3/ 30).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
سبق تخريجه.