الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستدل هؤلاء بدليل عقلي، وهو:
أن هذا العقد يعتبر عقد إجارة، وقد اشتمل على عدة محاذير كلها لا تجوز، منها: أن الأجرة مجهولة معدومة، وكذلك في وجودها خطر، وكل واحد من المعنيين يمنع صحة الاستئجار؛ لأن الاستئجار بما يكون على خطر الوجود، في معنى تعليق الإجارة بالخطر، والاستئجار بأجرة مجهولة بمنزلة البيع بثمن مجهول، وكلاهما منهي عنه.
وقد جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يُبيِّن له أجره"(1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها. ولعل الذين حكوا الإجماع من العلماء قصدوا أن مخالفة من خالف تعد شاذة لا اعتبار لها، وقد نص على ذلك ابن المنذر (2)، ولا يقال بأن العذر أنهم لم يطلعوا على الخلاف في المسألة؛ لأنه خلاف مشتهر ومعروف، ويتناقله العلماء حتى الشافعية في كتبهم.
2] تحريم المساقاة على ما لا ثمر له:
• المراد بالمسألة: الشجر: منه ما له ثمرة، ومنه ما ليس له ثمرة، والذي له ثمرة: منه ما ثمرته مقصودة، ومنه ما ثمرته غير مقصودة، والمساقاة لا تجوز في كل ما لا ثمرة له كالصفصاف والحور ونحوها، أو له ثمرة لكنها غير مقصودة كالصنوبر والأرز ونحوها، بلا خلاف بين العلماء. ويستثنى من هذا الضابط ما يقصد ورقه أو زهره كالورد والياسمين ونحوها.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [وأما ما لا ثمر له من الشجر: كالصفصاف والجوز (3) ونحوهما، أو له ثمر غير مقصود: كالصنوبر والأرز، فلا تجوز
(1)"المبسوط"(23/ 18). والحديث سبق.
(2)
"الإشراف"(6/ 274).
(3)
كذا كتبت في المطبوع، والظاهر أنها تصحيف فهي [الحور] بالحاء والراء المهملتين، =
المساقاة عليه. وبه قال مالك، والشافعي، ولا نعلم فيه خلافا] (1). نقله عنه برهان الدين ابن مفلح، والبهوتي (2).
• شمس الدين ابن قدمة (682 هـ) يقول: [وأما ما لا ثمر له من الشجر: كالصفصاف والجوز ونحوهما، أو له ثمر غير مقصود: كالصنوبر والأرز، فلا تجوز المساقاة عليه. وبه قال مالك، والشافعي، ولا نعلم فيه خلافا](3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع"(5).
• وجه الدلالة: أن الشجر الذي لا ثمر له ليس منصوصا عليه، ولا في معنى المنصوص عليه، فلا تحل المساقاة عليه.
الثاني: أن المساقاة قائمة على جعل المعاوضة في الثمرة، فإذا لم تكن ثمة ثمرة فقد اختل ركن من أركان العقد (6).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الحنفية، وأبو ثور، فقالوا: تجوز المساقاة على
= وقد نبه على هذا المطرزي في كتابه "المغرب"(ص 133)، ومما يدل على هذا أن الجوز ثمرة بذاته، وكلام المؤلف عمّا لا ثمرة له، وهو الموجود في كتب المذهب الأخرى كـ "المبدع" و"الكشاف"، وكذا عند ابن عابدين في "حاشيته". وكلها ستأتي مواضعها.
(1)
"المغني"(7/ 531).
(2)
"المبدع"(5/ 45)، "كشاف القناع"(3/ 533).
(3)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (14/ 187).
(4)
"التاج والإكليل"(7/ 467)، "الشرح الكبير" للدردير (3/ 539 - 540)، "الشرح الصغير"(3/ 714)، "تحفة المحتاج"(6/ 107 - 108)، "مغني المحتاج"(3/ 422)، "غاية البيان شرح زبد ابن رسلان"(ص 222)، "المحلى"(7/ 67).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
ينظر في الدليلين: "المغني"(7/ 531).