الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرطبة، أو ثمرة على الشجر، فالحصاد، وجز الرطبة، وجذاذ الثمرة على المشتري. . .، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، ولا نعلم فيه خلافًا] (1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن ملك البائع مشغول بملك المشتري، ونقل المبيع، وتفريغ ملك البائع منه على المشتري، كنقل الطعام المبيع من دار البائع (3).
الثاني: أن تسليم الثمار يختلف عن غيره من المبيعات؛ إذ أن قطع الثمرة يكون وفق احتياج المشتري، فلو جعل القطع عن طريق البائع فقد يقطع ما يزيد على حاجة المشتري، وهذا فيه ضرر على المشتري، والضرر لا بد من إزالته (4).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
21] ضمان البائع للجائحة التي تكون على الثمار قبل قبض المشتري
• المراد بالمسألة: الجائحة في اللغة: أصل الكلمة الجيم والواو والحاء بمعنى: الاستئصال. يقال: جاح الشيء يجوحه: استأصله (5). وتطلق على الآفة التي تهلك الثمار والأموال، وتستأصلها. وكل مصيبة عظيمة، وفتنة مبيرة، تسمى كذلك جائحة (6).
(1)"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 223).
(2)
"تبيين الحقائق"(4/ 12)، "الجوهرة النيرة"(1/ 189)، "الهداية"(6/ 287 - 288)، "المدونة"(3/ 320)، "مواهب الجليل"(5/ 396 - 397)، "منح الجليل"(4/ 470)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 221)، "مغني المحتاج"(2/ 381)، "حاشية الجمل على فتح الوهاب"(3/ 74)، "المحلى"(7/ 306).
(3)
"المغني"(6/ 164) بتصرف يسير.
(4)
ينظر: "بيع العقار والثمار في الفقه الإِسلامي"(ص 346).
(5)
"معجم مقاييس اللغة"(1/ 492)، وينظر:"مشارق الأنوار"(1/ 164).
(6)
"النهاية"(1/ 312)، "المطلع"(ص 244).
• وفي الاصطلاح: كل ما أذهب الثمرة، أو بعضها، من أمر سماوي، بغير جناية آدمي (1).
• والمقصود بالمسألة: إذا باع البائع الثمار بعد بدو صلاحها، على الإطلاق من غير شرط، ثم تلفت الثمرة بآفة سماوية، قبل قبض المشتري لها، فإن الضمان يكون على البائع، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• البغوي (516 هـ) يقول: [إذا أصابتها -أي: الثمار- الجائحة قبل التخلية بينها وبين المشتري، فيكون من ضمان البائع، بالاتفاق](2).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [. . . فأما أن يجعل الأجزاء والصفات المعدومة التي لم تخلق بعد من ضمانه، وهي لم توجد، فهذا خلاف أصول الإسلام، وهو ظلمٌ بيِّن لا وجه له، ومن قاله فعليه أن يقول: أنه إذا اشترى الثمرة قبل بدو صلاحها وقبض أصلها ولم يخلق منها شيء لآفة منعت الطلع، أن يضمن الثمن جميعه للبائع، وهذا خلاف النص والإجماع](3). ويقول أيضًا: لما عقد فصل لمسألة وضع الجوائح وذكر بعض الأدلة عليها: [وهذا الأصل متفق عليه بين المسلمين، ليس فيه نزاع، وهو من الأحكام التي يجب اتفاق الأمم والملل فيها في الجملة](4). ويقول أيضًا: [ووضع الجوائح من هذا الباب، فإنها ثابتة بالنص، وبالعمل القديم الذي لم يعلم فيه مخالف من الصحابة والتابعين، وبالقياس الجلي، والقواعد المقررة، بل عند التأمل الصحيح ليس في العلماء من
(1)"الأم"(3/ 58)، ونقله بإسناده الأزهري في "تهذيب اللغة"(5/ 88)، وأضاف عبارة [من أمر سماوي] وهي وإن كانت عبارة توضيحية، إلا أنها ليست في "الأم"، فلربما كانت سقطا. ووافق على هذا التعريف الحنابلة، ينظر:"الإنصاف"(5/ 75). أما المالكية فقالوا: كل ما لا يستطاع دفعه من الآفات سواء كان بفعل الآدمي أم بغير فعله، فيدخل فيها الجيش الذي يمر على الزرع، وكذا اللصوص على خلاف عندهم. ينظر:"الإتقان والإحكام"(1/ 302)، "الفواكه الدواني"(2/ 129)، وقريبا منه ما جاء في "شرح حدود ابن عرفة"(ص 289 - 290).
(2)
"شرح السنة"(8/ 100).
(3)
"مجموع الفتاوى"(30/ 286).
(4)
"مجموع الفتاوى"(30/ 266).
يخالف هذا الحديث على التحقيق] (1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لو بعت من أخيك ثمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ "(3).
• وجه الدلالة: يقول ابن تيمية: [فقد بيِّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أنه إذا باع ثمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل له أن يأخذ منه شيئًا، ثم بين سبب ذلك وعلَّته، فقال: "بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ". وهذا دلالة على ما ذكره اللَّه في كتابه من تحريم أكل المال بالباطل، وأنه إذا تلف المبيع قبل التمكن من قبضه، كان أخذ شيء من الثمن، أخذ ماله بغير حق، بل بالباطل، وقد حرم اللَّه أكل المال بالباطل؛ لأنه من الظلم المخالف للقسط الذي تقوم به السماء والأرض](4).
الثاني: عن جابر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح"(5).
• وجه الدلالة: أن الحديث صريح في وضع الجائحة عن المشتري، وأولى الحالات دخولا ما كان قبل القبض (6).
الثالث: أن مؤنته ونحوه إلى تتمة صلاحه على البائع، فوجب كونه من
(1)"مجموع الفتاوى"(30/ 270). ويقصد بالنص حديث جابر المذكور في مستند الإجماع.
(2)
"شرح معاني الآثار"(4/ 34 - 36)، "البحر الرائق"(6/ 15)، "رد المحتار"(4/ 566)، "المدونة"(3/ 590)، "كفاية الطالب الرباني"(2/ 217 - 218)، "الإتقان والإحكام"(1/ 492).
(3)
أخرجه مسلم (1554)، (3/ 964).
(4)
"مجموع الفتاوى"(30/ 268).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
ينظر: "كشاف القناع"(3/ 284)، "مطالب أولي النهى"(3/ 203).