الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني: أن الشفيع له حق مطالبة من هي في يده دون من سواه. وهذا القول رواية عند الحنابلة اختارها ابن أبي موسى، وهو ظاهر كلام ابن عقيل (1).
ويمكن أن يستدل لهؤلاء: بأن الحق الذي ثبت له المطالبة به، وجده عند شخص واحد، فله أن يطالبه دون من سواه، ومُلْك من هي في يده مُلك صحيح، فلا حاجة أن يُكلف بمطالبة الآخرين، فيطول وقت المطالبة من غير فائدة.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
10] عدم إجبار المشتري على قلع ما زرعه قبل حضور الشفيع:
• المراد بالمسألة: إذا اشترى المشتري الأرض وهو لا يعلم أن للبائع شريكا، واستغلها بالزراعة، ثم حضر شريك البائع، وطلب الشفعة في الشقص، فإنه من حقه أخذ الشقص بالشفعة، لكن الزرع يكون للمشتري، ينتظر به إلى وقت الإدراك، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الكاساني (587 هـ) يقول: [وأجمعوا على أن المشتري لو زرع في الأرض، ثم حضر الشفيع أنه لا يجبر المشتري على قلعه، ولكنه ينتظر إدراك الزرع، ثم يقضى له بالشفعة، فيأخذ الأرض بجميع الثمن](2).
• الإتقاني (758 هـ) يقول: [ولو أن المشتري زرع في الأرض، ثم حضر الشفيع، فإن المشتري لا يجبر على قلعه بالإجماع، ولكنه ينظر إلى وقت الإدراك ثم يقضى للشفيع]. نقله عنه الشلبي، وابن عابدين (3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، والحنابلة (4).
(1)"الإرشاد إلى سبيل الرشاد"(ص 227)، "الإنصاف"(6/ 287).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 29).
(3)
"حاشية شلبي على تبيين الحقائق"(5/ 25)، "رد المحتار"(6/ 233).
(4)
"المدونة"(4/ 234)، "المنتقى"(6/ 219)، "شرح مختصر خليل" للخرشي (6/ 178 - 179)، "روضة الطالبين"(5/ 95)، "أسنى المطالب"(2/ 373)، "نهاية المحتاج"(5/ 211)، "دقائق أولي النهى"(2/ 345)، "المبدع"(5/ 220)، "الإنصاف"(6/ 291).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان"(1).
• وجه الدلالة: لما كان هذا الشقص بيد المشتري وهو من ضمانه لو تلف، كان الزرع له (2).
الثاني: أن لإدراك الزرع نهاية معلومة، فلو انتظر ذلك لم يبطل حق الشفيع، وإن تأخر قليلا، وإذا قلع زرع المشتري تضرر بإبطال ملكه وماليته، وضرر التأخير دون ضرر الإبطال (3).
الثالث: أن زرعه للأرض كان بحق، فوجب إبقاؤه له، كما لو باع الأرض المزروعة (4)
الرابع: القياس على ما لو اشترى أرضا مزروعة: فإن الزرع يكون للبائع، والشفيع من المشتري، كالمشتري من البائع (5).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذا المسألة: ابن حزم من الظاهرية، فهو يرى أنه يلزم المشتري رد كل ما استغل إلى الشفيع، ما لم يترك الأخذ بالشفعة فيبقى الحق حينئذ للمشتري، وهذا مقيد في حالة ما إذا كان إيذان الشريك بالشفعة ممكنا، وإلا فليس للمشتري رد الغلة (6).
واستدل لقوله فقال: [برهان ذلك: قوله عليه السلام الذي أوردنا قبل: "لا يصلح أن يبيع حتى يؤذن شريكه"(7) فلا يخلو بيع الشريك قبل أن يؤذن شريكه من أحد أوجه ثلاثة، لا رابع لها: إما أن يكون باطلا وإن صححه الشفيع بتركه الشفعة وهذا باطل؛ لأنه لو كان ذلك لوجب عليه رد الغلة على كل حال أخذ الشفيع أو ترك،
(1) سبق تخريجه.
(2)
ينظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (6/ 178 - 179)، "المبدع"(5/ 220).
(3)
"المبسوط"(14/ 133).
(4)
"الكافي" لابن قدامة (2/ 430).
(5)
"الوسيط"(4/ 90).
(6)
"المحلى"(8/ 18 - 20).
(7)
سبق تخريجه.