الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (1).
• وجه الدلالة: أن اللَّه جل جلاله بيّن الحكمة من الأهلة، وهي أنها جُعلت مواقيت للناس يحددون بها آجالهم في التعامل بينهم، حتى يكون أسلم لهم، وأبعد عن المنازعة بينهم (2).
الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"(3).
• وجه الدلالة: أن الأجل المعلوم هو الأجل المنضبط الذي لا يتغير أبدا، والتوقيت بالأهلة يعد من هذا القبيل، فيدخل دخولا أوليا في الحديث.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
13] بطلان جعل الأجل في السلم إلى الميسرة:
• المراد بالمسألة: إذا أسلم ألف ريال، وكان المسلم فيه مائة كيلٍ من الشعير، على أن يسلمها له متى ما وقع اليسار له، ولم يحددا أجلا، كان العقد محرما ولا يصح، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) لما ذكر من شروط السلم معلومية الأجل قال: [لا خلاف في أنه لو جعل الأجل إلى الميسرة، لم يصح](4). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (5).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [لا خلاف في أنه لو جعل الأجل إلى الميسرة، لم يصح](6).
= المحتاج" (4/ 191 - 192)، "المحلى" (8/ 39).
(1)
البقرة: الآية (189).
(2)
ينظر: "الأم"(3/ 96)، "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 23)، "المغني"(6/ 405).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
"المغني"(6/ 404).
(5)
"حاشية الروض المربع"(5/ 19).
(6)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (12/ 268).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ) يقول: [لا خلاف أنه -أي: التأجيل إلى الميسرة في السلم- لا يصلح للأجل](1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في تمر، ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"(3).
• وجه الدلالة: في الحديث دلالة على أن الأجل لا بد أن يكون معلوما، وجعله إلى ميسرة لا شك أنه غير معلوم.
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر"(4).
• وجه الدلالة: جَعْل الأجل إلى الميسرة متردد الوجود والعدم، فربما يقع له اليسار وربما لا يقع له ذلك، فكان لونا من ألوان الغرر.
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: ابن عمر رضي الله عنهما فقد جاء عنه أنه كان يبتاع إلى ميسرة، ولا يسمي أجلا (5).
(1)"المبدع"(4/ 191).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 178)، "الهداية مع العناية"(7/ 87 - 88)، "المنتقى"(4/ 298)، "عقد الجواهر الثمينة"(2/ 557)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي"(3/ 205)، "الأم"(3/ 96 - 97)، "أسنى المطالب"(2/ 125)، "نهاية المحتاج"(4/ 190)، "المحلى"(8/ 39). مما ينبه عليه هنا أن المالكية لم ينصوا على هذه المسألة بعينها، وهم يشترطون كون الأجل معلوما، وأجازوا جعل الأجل إلى الحصاد والجذاذ إذا كان مرده إلى الوقت لا إلى الفعل، حتى يكون معلوما، فدل على أنهم لا يرون جعل الأجل إلى الميسرة؛ لانتفاء العلم تماما فيه.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(8/ 138)، من طريق معمر قال: بلغني أن ابن عمر، وقد أخرجه عنه من طريق يعقوب.
وقد ضعف ابن عبد البر هذا عن ابن عمر، وبيّن أن من أسباب الضعف روايته لحديث النهي عن بيع حبل الحبلة (1).
وخالف أيضا: ابن خزيمة (2) من الشافعية (3)، والأمير الصنعاني (4)، وقالا: يجوز أن يجعل الأجل إلى الميسرة.
واستدل هؤلاء بدليل من السنة، وهو:
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول اللَّه، إن فلانا اليهودي قدم له بَزٌّ من الشام، فلو بعثت إليه، فأخذت منه ثوبين إلى الميسرة، فبعث إليه، فامتنع"(5)(6).
(1)"الاستذكار"(6/ 422). ومما يؤيد تضعيف ابن عبد البر ما أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 418) قال حدثنا أزهر عن ابن عون قال: ذكر لنا أن ابن عمر كان يشتري إلى الميسرة، فغضب، وقال:[إنما كان يشتري من قوم قد عرفهم وعرفوه، فيمطلهم السنة والسنتين، وله من الرباع ما لو شاء لباع فقضاهم، وكان ابن عمر إذا أيسر قضى]. فهو من باب الإمهال في السداد وليس من باب الأجل إلى الميسرة. ومعلوم أن ابن عون من أعلم الناس بفقه ابن عمر فهو مقدم على غيره.
(2)
محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة أبو بكر السلمي النيسابوري، ولد عام (223 هـ) الحافظ الحجة، صاحب التصانيف النافعة، يضرب به المثل في سعة العلم والإتقان، كان يحفظ سبعين ألف حديث، من آثاره:"كتاب الصحيح"، التوحيد. توفي عام (311 هـ). "سير أعلام النبلاء"(14/ 365)، "طبقات السبكي"(3/ 109).
(3)
"كفاية الأخيار"(ص 251)، "فتح الباري"(4/ 435).
(4)
"سبل السلام"(2/ 71).
(5)
أخرجه الترمذي (1213)، (3/ 518)، والنسائي (4628)، (7/ 294)، والحاكم في "المستدرك"(2207)، (2/ 28). قال الترمذي:[حديث حسن غريب صحيح]، وقال الحاكم:[هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه]. قال ابن المنذر: [رواه حرمي بن عمارة، قال أحمد: فيه غفلة، وهو صدوق] ثم قال ابن المنذر: [فأخاف أن يكون من غفلاته؛ إذ لم يتابع عليه]. نقله ابن قدامة في "المغني"(6/ 403 - 404). وتعقبه ابن حجر في "الفتح" وبين أن طعنه إنما هو وهم منه. "فتح الباري"(4/ 435).
(6)
وهؤلاء وإن استدلوا بالسنة إلا أن الدليل ليس كما أرادوا فهو محمول على أنه استدعى البيع إلى الميسرة، لا أنه عقد إليه بيعا، ثم لو أجابه إلى ذلك فإنه يوقت له وقتا معلوما، ولذا لم يصف الثوبين، أو يعقد البيع مطلقا، ثم يقضيه متى ما أيسر. "السنن الكبرى" للبيهقي (6/ 25)، وينظر أيضا:"فتح الباري"(4/ 435).