الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن من له حق الخيار قد وقع الخيار له من غير أن يلحق الضرر بالآخر، فالطرف الثاني قد أسقط حقه بنفسه، فلا حق له في المطالبة؛ لوقوع ذلك عن رضا منه (1).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الحنابلة على المشهور عندهم، فقالوا: إنه ينفذ عتق المشتري في زمن الخيار، ولا ينفذ عتق البائع حتى وإن كان الخيار له وحده (2). وهذا القول مبني عندهم على أن الملك في زمن الخيار للمشتري وليس للبائع.
واستدلوا بدليل من السنة، وهو:
ما جاء في حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك"(3).
• وجه الدلالة: أن مفهوم الحديث أن من أعتق وهو يملك، فإن عتقه يعد نافذا، والملك في زمن الخيار للمشتري، فيصح عتقه دون البائع (4).
النتيجة:
صحة الإجماع في حالة ما إذا كان الخيار للمشتري؛ وذلك لعدم المخالف فيها. وعدم صحة الإجماع إذا كان الخيار للبائع، لمخالفة الحنابلة فيها.
13] بقاء الخيار لمن مات صاحبه الذي لا خيار له:
• المراد بالمسألة: إذا مات أحد المتعاقدين في مدة الخيار الذي اشتُرِط بينهما، وكان الخيار بيد الطرف الآخر، فإن الخيار بأن في حقه، لا يتأثر بموت صاحبه، فإن شاء أمضى البيع، وإن شاء فسخه، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• السرخسي (483 هـ) يقول: [وأجمعوا أنه إذا مات من عليه الخيار، فإن
(1) ينظر: المصدرين السابقين.
(2)
"المغني"(6/ 26)، "المبدع"(4/ 74)، "الإنصاف"(4/ 389 - 390)، "كشاف القناع"(3/ 208 - 209).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
ينظر: "المغني"(6/ 26).
الخيار باق] (1).
• النووي (676 هـ) يقول: [إذا كان الخيار لأحدهما دون الآخر، فمات من لا خيار له، بقي الخيار للآخر، بلا خلاف](2).
• البابرتي (786 هـ) يقول: [إذا مات من له الخيار سواء كان البائع، أو المشتري، أو غيرهما، سقط الخيار ولزم البيع، بخلاف ما إذا مات من عليه الخيار، فإنه باق بالإجماع](3).
• العيني (855 هـ) يقول: [. . . وقُيِّد -أي: من مات وله الخيار- بموت من له الخيار؛ لأنه بموت من عليه الخيار، لا يبطل بالإجماع](4).
• ابن الهمام (861 هـ) يقول: [. . . وقيد -أي: من مات وله الخيار- بمن له الخيار؛ لأنه إذا مات العاقد الذي لا خيار له، فالآخر على خياره بالإجماع، فإن أمضى مضى، وإن فسخ انفسخ](5).
• مولى خسرو (885 هـ) يقول: [وأجمعوا أنه لو مات من عليه الخيار -وهو من لا خيار له- يبقى الخيار](6).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم"(8).
(1)"المبسوط"(13/ 42).
(2)
"المجموع"(9/ 250).
(3)
"العناية"(6/ 318).
(4)
"البناية"(8/ 67).
(5)
"فتح القدير"(6/ 318).
(6)
"درر الحكام شرح غرر الأحكام"(2/ 154).
(7)
"المدونة"(3/ 216 - 217)، "الشرح الصغير"(3/ 145 - 146)، "منح الجليل"(5/ 130)، "المبدع"(4/ 76)، "كشاف القناع"(3/ 210)، "مطالب أولي النهى"(3/ 99).
تنبيه: المالكية: يرون أن حق الخيار يورث بعد الموت، وعليه فهم يرون أن الموت لا تأثير له على الخيار.
(8)
سبق تخريجه.