الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوم أخيه".
وفي لفظ: "لا يسم المسلم على سوم أخيه"(1).
• وجه الدلالة: أن هذه الألفاظ صريحة في قصر النهي على المسلم خاصة، ويفهم منه عدم دخول الذمي في الحكم.
الثاني: أن الذمي ليس كالمسلم، فحرمته ليست كحرمته؛ ولذا لم تجب إجابة دعوته للوليمة، ولا كذلك أن ينصحه، ونحوها من الحقوق، فلا يصح أن يُلْحق في الحكم به (2).
النتيجة:
صحة الإجماع في النهي عن سوم الذمي على سوم الذمي إذا تحاكموا إلينا؛ وذلك لعدم الاطلاع على المخالف فيها. وعدم صحة الإجماع في النهي عن سوم المسلم على سوم الذمي؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
90] صاحب السلعة أحق بالسوم:
• المراد بالمسألة: السوم في اللغة: الكلمة تدل على طلب الشيء وابتغائه (3). يقال: سام البائع السلعة سوما، أي: عرضها للبيع، وطلبها بثمن يذكره. وسام المشتري المبيع واستامه: طلب شراءه بالثمن الذي تقرر به البيع (4). والتساوم بين اثنين: أن يعرض البائع سلعته بثمن ما، ويطلبها الآخر بثمن دونه (5). ولا يخرج استعمال الفقهاء عن المعنى اللغوي.
ويراد بالمسألة هنا: أن صاحب السلعة المالك لها، إذا أراد بيع سلعته، وعرضها لهذا الغرض، فإنه أحق بسوم سلعته، ممن يطلبون سلعته، وذلك بأن يذكر لهم سعرها الذي يَرْغبه لها، بلا خلاف بين العلماء.
(1) سبق تخريجه، وهذه الرواية هي رواية مسلم (ص 933).
(2)
"المغني"(9/ 571)، "كشاف القناع"(5/ 18).
(3)
"معجم مقاييس اللغة"(3/ 118)، "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 438).
(4)
"المصباح المنير"(ص 155) بتصرف، "المغرب"(ص 239)، "معجم المصطلاحات الاقتصادية"(ص 194).
(5)
"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"(ص 196)، وينظر:"درر الحكام شرح مجلة الأحكام"(1/ 283).
• من نقل الإجماع:
• ابن بطال (449 هـ) يقول: [لا خلاف بين الأمة أن صاحب السلعة أحق الناس بالسوم فى سلعته، وأولى بطلب الثمن فيها، ولا يجوز ذلك إلا له، أو لمن وكله على البيع](1). نقله عنه ابن حجر، والعيني (2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنابلة (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا بني النَّجار (4) ثامنوني بحائطكم هذا" قالوا: لا واللَّه! لا نطلب ثمنه إلا إلى اللَّه (5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يشتري من بني النجار أرضا يتخذها مسجدا له بعد مهاجره إلى المدينة، ساوم أهلها عليها، وطلب منهم أن يخبروه بالثمن على سبيل المساومة، فيذكر لهم ثمنا يختاره ثم يقع التراضي عليه والتعاقد، وهذا يدل على أن الأفضل هو البدء بما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمره لهم بالبدء بالسوم (6).
الثاني: أن صاحب السلعة أعرف بسلعته بمدخلها ومخرجها، وما فيها
(1)"شرح ابن بطال على صحيح البخاري"(6/ 235).
(2)
"فتح الباري"(4/ 326)، "عمدة القاري"(11/ 225).
(3)
"الإقناع" للحجاوي (3/ 297)، "دقائق أولي النهى"(2/ 624)، "حاشية عثمان النجدي على منتهى الإرادات"(4/ 52).
تنبيه: الحنابلة لم يذكروا هذه المسألة، وإنما أُخذ الجواز من تعريفهم للاستيام، وقد ذكروه لما ذكروا مسألة النظر للمخطوبة في كتب النكاح، ذكروا حكم النظر للأمة المستامة عرفوا حينئذ الاستيام. وهو قريب من التعريف الوارد في أول المسألة.
(4)
بنو النجار: قبيلة من قبائل الخزرج، تنسب إلى تيم اللَّه بن ثعلبة بن عمرو، وهم أخوال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، سمي بذلك، قيل: لأنه نجر وجه رجل بقدوم، وقيل: كان نجارا. "الروض الأنف"(2/ 283)، "الأنساب"(5/ 459).
(5)
أخرجه البخاري (2779)، (ص 536)، ومسلم (524)، (1/ 313).
(6)
ينظر: "فتح الباري"(4/ 326).