الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يغتفر في الاستقلال (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
58] جواز بيع المسك:
• المراد بالمسألة: المسك: لون من ألوان الطيب، يؤخذ من بعض فصائل الغزلان التي لها أنياب، يجتمع في صرتها الدم، فيؤذيها، فتندفع إلى صخور حادة، فتحتك بها، فينفجر منها على تلك الصخور، ويؤخذ من هذه الأماكن بعد جفافه، ويوضع في نوافج تحفظه، ومنهم من يصطاده، ويقطع هذه السرة التي يجتمع فيها، تبقى زمانا حتى تستحيل الرائحة الخبيثة إلى رائحة طيبة، والأول أجود وأذكى رائحة (2).
والمسك الذي هو الطيب الخالص الذي لم يخلط مع غيره، يجوز بيعه، إذا كان خارجا عن وعائه، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• النووي (676 هـ) يقول: [المسك طاهر، ويجوز بيعه، بلا خلاف، وهو إجماع المسلمين](3). نقله عنه المناوي، وابن عابدين (4).
• ابن حجر (852 هـ) يقول: [واستقر الإجماع على طهارة المسك، وجواز بيعه](5).
(1) ينظر: "المغني"(6/ 150)، "دقائق أولي النهى"(2/ 31).
(2)
"معجم البلدان"(2/ 11). وينظر فيه تفصيلا واسعا لكيفية تكوُّنه واستخراجه.
(3)
"المجموع"(9/ 370 - 371)، و (2/ 591)، "شرح صحيح مسلم"(16/ 178). وقد ذكر في الأول خلاف الشيعة ولا يعتد بخلافهم حتى يذكرون.
(4)
"فيض القدير"(1/ 547)، "رد المحتار"(1/ 209).
(5)
"فتح الباري"(4/ 324). ويقصد من استقرار الإجماع إنه وقع الخلاف في طهارته ثم اندثر بعد هذا، ونقل العيني عن ابن المنذر حكاية الخلاف فيه، وأنه لم يصح عن أحد من السلف، إلا عن عطاء. وذكر العيني أن الثابت عن عطاء القول بطهارته، كما رواه عنه ابن أبي شيبة في "مصنفه". "عمدة القاري"(11/ 221)، وينظر:"المصنف" لابن أبي شيبة (3/ 144).
• العيني (855 هـ) يقول: [واستقر الإجماع على طهارته، وجواز بيعه](1).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والحنابلة، وابن حزم من الظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح، والجليس السوء: كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة"(3).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نص في هذا على أن حامل المسك قد تشتري منه المسك، ولو كان بيعه حراما لما ذكره أو مثَّل به عليه السلام (4).
الثاني: عن أم سلمة (5) رضي الله عنها قالت: لما تزوجني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إني قد
(1)"عمدة القاري"(11/ 221).
(2)
"المدونة"(3/ 67)، "المنتقى"(1/ 61)، "منح الجليل"(4/ 486)، "المبدع"(4/ 28)، "الإنصاف"(4/ 203)، "كشاف القناع"(3/ 166)، "المحلى"(7/ 490).
تنبيهان:
الأول: المالكية لم ينصوا على هذه المسألة في كتبهم الفقهية، لكن الباجي حكى الإجماع على طهارة المسك، وإذا كان طاهرا جاز بيعه، وكذا أجازوا السلم فيه، وما جاز السلم فيه، جاز بيعه من باب أولى، وأيضا أجازوا للأعمى الاعتماد على الشم في البيع، ومثلوا له بالمسك، فيكون البصير من باب أولى.
الثاني: الحنابلة: منعوا من بيع المسك في فأرته إلا إذا فُتح وشاهد ما فيه.
(3)
أخرجه البخاري (2101)، (ص 396)، ومسلم (2628)، (4/ 1608).
(4)
ينظر: "إكمال المفهم"(8/ 108)، "المفهم"(6/ 634)، "شرح صحيح مسلم"(16/ 178).
(5)
هند بنت أبي أمية حذيفة بن المغيرة القرشية المخزومية أم سلمة أم المؤمنين، كانت تحت ابن عمها، وهاجرت معه إلى الحبشة ثم إلى المدينة، فكانت أول ظعينة مهاجرة، خطبها النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها، وكانت جميلة. توفيت عام (61 هـ). "الاستيعاب"(4/ 1920)، "أسد الغابة"(7/ 278)، "الإصابة"(8/ 150).