الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختار الأمير الصنعاني القول بعدم الجواز مطلقا إذا كان الجعل من أحد المتسابقين، وعدَّ ذلك من القمار (1).
ولم أجد له سلفا في هذا، فيُعدُّ قوله شاذا لا يُعوَّل عليه.
ويمكن أن يستدل لهؤلاء بدليل من المعقول، وهو:
أنهم أرادوا بهذا أن يخرج العقد عن شبهة القمار، التي يكون إخراج السبق من المتسابقين جميعا، فلو أخرج أحدهما وأخذه كان فيه شبهة فلذا منعوه.
النتيجة:
صحة الإجماع على جزء من المسألة، وهي إذا بذل أحدهما السبَق، وسبَق الآخر الذي لم يبذل من ماله شيئا؛ فإن هذا مجمع عليه، أما إذا سبق الباذل فإنه قد ثبت الخلاف فيها. وعليه فتعد عبارة ابن حزم مدخولة دون غيره.
5] جواز إخراج السبق من السلطان أو أجنبي عن المتسابقين:
• المراد بالمسألة: إذا أخرج الإمام أو رجل متطوع السبَق تبرعا من عندهما، ولم يكن لهما مشاركة في المسابقة، فإن هذا جائز لا حرج فيه، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [لا أعلم خلافا في إباحة أن يجعل السلطان، أو الرجل شيئا من ماله للسابق في الخيل خاصة](2).
• الباجي (474 هـ) يقول: [فإن أخرجه -أي: السبق- غيرهم -أي:
= الجعل للمخرج أو لغيره، ولم أجده في كتب المالكية، ولعل هذا التفصيل الذي جاء عن المالكية أوقع لبسا عندهم، ففُهم على غير وجهه. "المغني"(13/ 408)، "طرح التثريب"(7/ 242).
الثاني: نسب بعض المعاصرين هذا القول إلى البعلي من الحنابلة صاحب الروض الندي (ص 274)، وبعد الرجوع إلى الكتاب وجدت أن العبارة فيها سقط وتصحيف، وإلا فلا تمكن المخالفة من عالم يقرر المذهب ولا يخالفه، خاصة وأني لم أجد هذا القول عن أحد من علماء الحنابلة مطلقا. ينظر:"المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية"(ص 74).
(1)
"سبل السلام"(2/ 503). وعبارته نصها: [وإن كان -أي: الجعل - من أحد المتسابقين لم يحل؛ لأنه من القمار]. أقول: لعل ذلك سبق قلم من المؤلف، أو من النساخ جعلت العبارة فيها زيادة تخالف ما حكي من إجماع في المسألة وهي كلمة [أحد].
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 254).
المتسابقين- كالإمام وغيره، على أنه لمن سبق، فلا خلاف في جوازه] (1).
• ابن رشد الجد (520 هـ): [أن يخرج الإمام الجعل، فيجعله لمن سبق من المتسابقين، فهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم أجمعين](2). نقله عنه المواق (3).
• القاضي عياض (544 هـ) يقول: [فأما المتفق على جوازه: فأن يخرج الوالي سبقا يجعله للسابق من المتسابقين، ولا فرس له في الحلبة، فمن سبق له، وكذلك لو أخرج أسباقا، أحدها للسابق، والثاني للمصلي، والثالث للتالي (4)، وهكذا، فهو جائز، ويأخذونه على شروطهم. وكذلك إن فعل ذلك متطوعا رجل من الناس ممن لا فرس له في الحلبة](5).
• أبو العباس القرطبي (656 هـ) لما ذكر شروط جواز الرهان، وأن منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، قال:[فالمتفق عليها: أن يخرج الإمام، أو غيره، متطوعا سبقا، ولا فرس له في الحلبة، فمن سبق فله ذلك السبق](6).
• أبو عبد اللَّه القرطبي (671 هـ) يقول: [والأسباق ثلاثة: سبق يعطيه الوالي، أو الرجل غير الوالي، من ماله متطوعا، فيجعل للسابق شيء معلوما فمن سبق أخذه. . .، وهذا مما لا خلاف فيه](7)
• النووي (676 هـ) يقول: [فأما المسابقة بعوض: فجائزة بالإجماع، لكن يشترط أن يكون العوض من غير المتسابقين](8).
(1)"المنتقى"(3/ 216).
(2)
"المقدمات الممهدات"(3/ 475).
(3)
"التاج والإكليل"(4/ 609 - 610).
(4)
هذه أسماء الخيل في السباق، أولها: المجلي، وهو: السابق والمبرز أيضا، ثم المصلي، وهو: الثاني، ثم المسلي، وهو: الثالث، ثم التالي، وهو: الرابع، وهكذا. "المصباح المنير" (ص 363). قال أبو عبيد:[ولم أسمع في سوابق الخيل ممن يوثق بعلمه اسما لشيء منها إلا الثاني والعاشر، فإن الثاني اسمه المصلي، والعاشر السكيت، وما سوى ذينك، إنما يقال: الثالث والرابع وكذلك إلى التاسع]. "غريب الحديث"(3/ 459)، "تهذيب اللغة"(12/ 167).
(5)
"إكمال المفهم"(6/ 284).
(6)
"المفهم"(3/ 701).
(7)
"الجامع لأحكام القرآن"(9/ 147).
(8)
"شرح صحيح مسلم"(13/ 14).
• القرافي (684 هـ) يقول لما ذكر صور السبق فى المسابقة: [الأولى: أن يُجْعل الوالي أو غيره محللا للسابق، . . . فلا يختلف في إباحة الأولى](1).
• ابن تيمية (728 هـ) يقول: [فإذا أخرج ولي الأمر مالا من بيت المال، للمتسابقِين بالنشاب والخيل والإبل، كان ذلك جائزا، باتفاق الأئمة](2).
• الزركشي (772 هـ) يقول: [لا نزاع في جواز جعل العوض في المسابقة من الإمام](3).
• ابن حجر (852 هـ) يقول: [واتفقوا على جوازها بعوض، بشرط: أن يكون من غير المتسابقين: كالإمام حيث لا يكون له معهم فرس](4). نقله عنه الشوكاني (5).
• العيني (855 هـ) يقول: [وإن كان اشتراط العوض من الإمام، فإنه يجوز بالإجماع](6).
• الصنعاني (1182 هـ) يقول: [فإن كان الجعل من غير المتسابقين، كالإمام يجعله للسابق، حل ذلك، بلا خلاف](7).
• الدسوقي (1230 هـ) يقول تعليقا على كلام صاحب الشرح الكبير (وأخرجه متبرع): [المسابقة في هذه جائزة اتفاقا](8).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول لما تكلم عن شرط الخروج عن شبهة القمار في المسابقة: [فأما من غير المتسابقين، فبلا نزاع](9).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: القياس على ما إذا قال الإمام: من دخل هذا الحصن فله من النفل كذا وكذا، فكما أنه يجوز هذا، فمن باب أولى أن تجوز المسألة معنا، بجامع أن كلا
(1)"الذخيرة"(3/ 465).
(2)
"مجموع الفتاوى"(28/ 22).
(3)
"شرح الزركشي"(3/ 294).
(4)
"فتح الباري"(6/ 72).
(5)
"نيل الأوطار"(8/ 88).
(6)
"البناية"(12/ 254).
(7)
"سبل السلام"(2/ 503).
(8)
"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"(2/ 209 - 210).
(9)
"حاشية الروض المربع"(5/ 353).