الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: القياس على الشرط الذي يخالف مقتضى العقد، فإذا كان فاسدا باتفاق العلماء، فمن باب أولى الشرط الذي يكون محرما بالشرع.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
10] بطلان اشتراط الولاء عند بيع العبد:
• المراد بالمسألة: الولاء هو: ميراث يستحقه المرء بسبب عتق شخص في ملكه، أو سبب عقد الموالاة (1). والعرب في الجاهلية كانت تبيع الولاء وتهبه، فجاء الإسلام بالنهي عن ذلك، وجعلَ الولاءَ كالنسب (2).
ويراد بالمسألة: أن البائع إذا باع العبد، وشرط على المشتري، فقال له: إن أعتقته فإن الولاء يكون لي، فإن الشرط باطل، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• النووي (676 هـ) حين ذكر مسألة شراء الشيء الفاسد، وذكر قول أبي حنيفة في التفريق بين ما ليس بمال عند أحد؛ كالميتة والدم، فإنه لا يملكه، ولا يصح تصرفه، وبين ما ليس كذلك، فإنه لا يملكه بالعقد، ولا يجب بالإقباض، فإن أقبضه ملكه ملكا ضعيفا، استدل له فقال:[واحتج له بقصة بريرة، فإن عائشة رضي الله عنها شرطت لهم الولاء، وهو شرط فاسد بالاتفاق](3).
• الشوكاني (1250 هـ) يقول: [فيه دليل -أي: حديث عائشة في قصة بريرة- على أن شرط البائع للعبد أن يكون الولاء له لا يصح، بل الولاء لمن أعتق بالإجماع](4).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وابن حزم من الظاهرية (5).
(1)"التعريفات"(ص 329)، "التوقيف على مهمات التعاريف"(ص 734).
(2)
ينظر: "النهاية"(5/ 226).
(3)
"المجموع"(9/ 446).
(4)
"نيل الأوطار"(5/ 215).
(5)
"عمدة القاري"(4/ 26)، "البحر الرائق"(6/ 93 - 94)، "الدر المختار مع رد المحتار"(5/ 84 - 86)، "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي"(3/ 65)، "حاشية الصاوي على =
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني بريرة، فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني. فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق" ففعلت عائشة، ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال:"أما بعد: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب اللَّه؟ ! ما كان من شرط ليس في كتاب اللَّه فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء اللَّه أحق، وشرط اللَّه أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق"(1).
• وجه الدلالة: أن أهل بريرة اشترطوا لهم الولاء، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم هذا الشرط، وعَدَّه من الشروط المخالفة لكتاب اللَّه، فدل على بطلانه (2).
الثاني: أن إطلاق البيع يقتضي تصرف المشتري في المبيع على اختياره؛ لأنه إنما بذل الثمن في مقابلة الملك، والملك يقتضي إطلاق التصرف، فالمنع منه يؤدي إلى تفويت الغرض، فيكون الشرط باطلا (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
= الشرح الصغير" (3/ 102 - 103)، "المقنع" (2/ 92)، "الإنصاف" (4/ 350)، "كشاف القناع" (3/ 193)، "المحلى" (7/ 319، 327).
تنبيهان:
الأول: الحنفية: لم ينصوا على هذا الشرط بعينه، لكنهم لما ذكروا قاعدة الشروط الفاسدة، يجعلون منها الشرط الذي لا يقتضيه العقد ولا يلائمه، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين، أو للمعقود عليه، ويمثلون له بمن اشترى عبدا على أن لا يبيعه، وشرط الولاء مثله.
الثاني: المالكية: لم يذكروا هذا الشرط، لكنهم ذكروا من ضمن قاعدة الشروط الفاسدة الشرط الذي لا يقتضيه العقد، وينافي المقصود منه، فيدخل شرط الولاء ضمنه.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
ينظر: "المغني"(6/ 325).
(3)
"المبدع"(4/ 57).