الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو البناء والغراس يباع مع الأرض، فإنه يؤخذ بالشفعة تبعا للأرض، بغير خلاف في المذهب، ولا نعرف فيه بين من أثبت الشفعة خلافا] (1). نقله عنه برهان الدين ابن مفلح (2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان له شريك في ربعة أو نخل، فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن رضي أخذ، وإن كره ترك". وفي رواية: "ربعة أو حائط"(4).
• وجه الدلالة: أن من الربعة والحائط البناء والغراس، فتجوز فيهما الشفعة (5).
الثاني: أن طلبه للشفعة فيهما ليس استقلالا وإنما تبعا للأرض، ويثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا (6).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
4] ثبوت الشفعة للغائب:
• المراد بالمسألة: إذا أراد الشريك أن يبيع حصته في شراكة لم تقسم بعد، وكان شريكه غائبا ولم يعلم بالبيع، فإنه يبقى له حق الشفعة ولا يسقط، حتى يعلم
(1)"الشرح الكبير" لابن قدامة (15/ 380).
(2)
"المبدع"(5/ 208).
(3)
"المبسوط"(14/ 133)، "تبيين الحقائق"(5/ 252 - 253)، "الهداية"(9/ 404)، "المنتقى"(6/ 222)، "جامع الأمهات"(ص 416)، "الذخيرة"(7/ 280)، "أسنى المطالب"(2/ 363 - 364)، "فتح الوهاب"(3/ 500)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(3/ 44)، "المحلى"(8/ 3 - 5).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
"المغني"(7/ 439) بتصرف يسير.
(6)
ينظر: "المبسوط"(14/ 133).
بالبيع، وإن طالت المدة، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن عبد البر (463 هـ) يقول: [أما شفعة الغائب فإن أهل العلم مجمعون على أنه إذا لم يعلم ببيع الحصة التي هو فيها شريك من الدور والأرضين، ثم قدم فعلم، فله الشفعة، مع طول مدة غيبته](1). نقله عنه ابن القطان (2).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أنه إذا كان الشفيع غائبا فله المطالبة بالشفاعة ولو تناقل المبيع جماعة](3). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (4).
• ابن رشد الحفيد (595 هـ) يقول: [فأما الغائب: فأجمع العلماء على أن الغائب على شفعته، ما لم يعلم ببيع شريكه](5).
• البابرتي (786 هـ) يقول: [الشفيع إذا كان غائبا، لم تبطل شفعته بتأخير هذا الطلب بالاتفاق](6).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الشافعية، وابن حزم من الظاهرية (7).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: "قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة"(8).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالشفعة حكما عاما، لم يفرق فيه بين الحاضر والغائب، فكانا في الحكم سواء، ولو كان ثمة فرق بينهما لما غفل عن
(1)"الاستذكار"(7/ 73).
(2)
"الإقناع" لابن القطان (3/ 1711)، وقد ذكر عبارة الإمام مالك، ثم ذكر إجماع ابن عبد البر.
(3)
"الإفصاح"(2/ 29).
(4)
"حاشية الروض المربع"(5/ 433).
(5)
"بداية المجتهد"(2/ 198).
(6)
"العناية"(9/ 385).
(7)
"التنبيه"(ص 117)، "تحفة المحتاج"(6/ 79)، "مغني المحتاج"(3/ 393)، "المحلى"(8/ 22).
(8)
سبق تخريجه.
ذكرهما (1).
الثاني: عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا"(2).
• وجه الدلالة: بين النبي صلى الله عليه وسلم أن مستحق الشفعة لا يسقط حقه بها، وإن كان غائبا.
الثالث: القياس على الإرث: فكما أن حق الإرث لا يسقط بالغيبة فكذلك الشفعة، والجامع أن كلا منهما حق مالي وجد سببه بالنسبة لهما، فيثبت ولا يسقط (3).
• المخالفون للإجماع:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن الغائب ليس له شفعة. وهذا قال به: إبراهيم النخعي (4).
القول الثاني: التفريق بين من غيبته قريبة أو بعيدة، فمن كانت غيبته قريبة فله
(1) ينظر في هذا الدليل: "الإشراف"(6/ 157)، "المغني"(7/ 461).
(2)
أخرجه أحمد في "مسنده"(14253)، (22/ 155)، وأبو داود (3512)، (4/ 186)، وابن ماجه (2494)، (4/ 122) قال المنذري:[قال الإمام الشافعي: يخاف أن لا يكون محفوظا. . .، وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن هذا الحديث؟ فقال: هذا حديث منكر، وقال يحيى: لم يحدث به إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه، وقال الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به، ويروى عن جابر خلاف هذا. هذا آخر كلامه. وقد احتج مسلم في "صحيحه" بحديث عبد الملك بن أبي سليمان، وخرج له أحاديث، واستشهد به البخاري، ولم يخرجا له هذا الحديث، ويشبه أن يكونا تركاه لتفرده به، وإنكار الأئمة عليه فيه]. "مختصر سنن أبي داود"(5/ 171 - 172). وانتصر ابن القيم لتصحيح الحديث في حاشيته على "تهذيب السنن"(5/ 166 - 167)، وكذا ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق"(3/ 58).
(3)
ينظر: "المغني"(7/ 461)، وكذا "المبسوط"(14/ 91).
(4)
أخرجه عنه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 152)، ونقله عنه ابن المنذر في "الإشراف"(6/ 157)، والطحاوي في "مختصر اختلاف العلماء"(4/ 251)، وابن حزم في "المحلى"(8/ 22).
شفعة، ومن كانت غيبته بعيدة فلا شفعة له. وهذا قال به: الحارث العكلي (1) وعثمان البتي (2).
استدل أصحاب القولين بعدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا شفعة لصغير ولا لغائب"(3).
الثاني: أن إثبات الشفعة للغائب يوقع الضرر بالمشتري، ويمنع من استقرار ملكه، وكذا تصرفه على حسب اختياره؛ لأنه يخشى أن يؤخذ منه، فلا يثبت له الحق كثبوته للحاضر على التراخي (4).
ويمكن أن يضاف للقول الثاني: أن هذا الضرر المتوقع منتفٍ في حق من غيبته قريبة، ولذا حكم ببقاء حق الشفعة له دون البعيد.
أما قول النخعي فقد ذكر الطحاوي أن له قولا يوافق قول الجمهور (5)، ثم إن الراوي عنه مغيرة بن مقسم (6)، وهو وإن كان ثقة إلا أن الإمام أحمد لين روايته عن إبراهيم (7).
(1) الحارث بن يزيد العكلي التيمي الكوفي أبو علي، كان فقيها من أصحاب إبراهيم من عليتهم، وهو ثقة، قليل الحديث جدا، قديم الموت. "تهذيب الكمال"(5/ 308)، "تاريخ الإسلام"(8/ 70).
(2)
"الإشراف"(6/ 157)، "مختصر اختلاف العلماء"(4/ 251)"المحلى"(8/ 22)، "المغني"(7/ 461)، على أن من العلماء من لم يذكر هذا التفريق عندهما، وإنما جعلوا قولهما كقول النخعي.
(3)
أخرجه ابن ماجه (2501)، (4/ 127). وفيه ابن البيلماني ومحمد بن الحارث وهما ضعيفان. "الكامل" لابن عدي (6/ 180)، و"المجروحين"(2/ 265)، و"ميزان الاعتدال" (6/ 226). وقال أبو زرعة:[هذا حديث منكر لا أعلم أحدا قال بهذا، الغائب له شفعة، والصبي حتى يكبر]. "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 479).
(4)
"المغني"(7/ 461) بتصرف يسير.
(5)
"مختصر اختلاف العلماء"(4/ 251).
(6)
المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم أبو هشام الكوفي، الفقيه الأعمى، كان صاحب سنة ذكيا حافظا، قال ابن عياش:[ما رأيت أحدا أفقه من مغيرة فلزمته]. توفي عام (133 هـ). "تهذيب الكمال"(28/ 397)، "طبقات المدلسين"(ص 46).
(7)
"المغني" في الضعفاء (2/ 673)، "تذكرة الحفاظ"(1/ 143).