الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار، ما لم يتفرقا، وكانا جميعا، أو يخيِّر أحدهما الآخر، فإن خيَّر أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك أحدهما البيع، فقد وجب البيع"(1).
الثاني: عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"(2).
• وجه الدلالة من الحديثين:
أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخيار للمتبايعين، حتى يقع الفراق بينهما، ثم بعده يلزم البيع.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
2] عدم ثبوت خيار المجلس في العقود الجائزة، واللازمة التي لا يقصد منها العوض:
• المراد بالمسألة: العقود عند العلماء تنقسم باعتبار اللزوم وعدمه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: العقود اللازمة من الطرفين، وهي على نوعين:
1) العقود التي لا يقصد منها العوض، وذلك مثل: النكاح والخلع.
= (14/ 9)، "المنتقى"(5/ 55 - 56)، "الأم"(7/ 232)، "المهذب"(9/ 205 - 206)، "أسنى المطالب"(2/ 48)، "نهاية المحتاج"(4/ 7 - 9)، "الفروع"(4/ 82)، "الإنصاف"(4/ 371 - 372)، "كشاف القناع"(3/ 200)، "مطالب أولي النهى"(3/ 84 - 85).
تنبيه: الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة وهو قول النخعي وربيعة بن أبي عبد الرحمن: كل هؤلاء يرون أن لزوم العقد يكون بالقول، وليس بالتفرق بالأبدان، فهم لا يقولون بخيار المجلس. فإذا قالوا بلزوم العقد بعد القول، فمن باب أولى أن يكون العقد لازما عندهم بعد التفرق.
(1)
أخرجه البخاري (2112)، (ص 398)، ومسلم (1531)، (3/ 941).
(2)
أخرجه البخاري (2082)، (ص 393)، ومسلم (1532)، (3/ 942).
2) العقود التي يقصد منها العوض، وذلك مثل: البيع والصلح ونحوها.
القسم الثاني: العقود الجائزة من الطرفين، وذلك مثل: الشركة والمضاربة والوكالة ونحوها.
القسم الثالث: العقود اللازمة من طرف، والجائزة من الطرف المقابل، وذلك مثل: الرهن والكفالة ونحوها.
وحين يقال بهذا التقسيم فإن الأمثلة لا تنضبط دائما؛ لأن من العقود ما يكون الأصل فيها الجواز، وقد يكون لازما في بعض الأحوال، ولذا يقال بأن المراد النظر إلى ذات العقد، بغض النظر عن ما يطرأ عليه (1).
ويقصد بالمسألة هنا: أن العقود غير اللازمة، وكذلك العقود اللازمة التي لا يقصد منها العوض، كلها لا يثبت فيها خيار المجلس، باتفاق العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أن خيار المجلس لا يثبت في العقود التي هي غير لازمة: كالشركة، والوكالة، والمضاربة. واتفقوا على أنه لا يثبت أيضا في العقود اللازمة التي لا يقصد منها العوض: كالنكاح، والخلع، والكتابة](2). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (3).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [ولا يثبت في النكاح خيار، وسواء في ذلك خيار المجلس وخيار الشرط، ولا نعلم أحدا خالف في هذا](4).
• النووي (676 هـ) يقول: [. . . النكاح، ولا خيار فيه بلا خلاف](5).
(1) ينظر في هذا التقسيم: "المغني"(6/ 48 - 50)، "المدخل الفقهي العام"(1/ 525) وما بعدها.
(2)
"الإفصاح"(1/ 273). من الملاحظ أن ابن هبيرة هنا جمع في الأمثلة بين قسمين من أقسام اللازمة، وهي اللازمة من الطرفين وهو النكاح والخلع، واللازمة من طرف دون طرف وهو الكتابة.
(3)
"حاشية الروض المربع"(4/ 417).
(4)
"المغني"(9/ 464).
(5)
"المجموع"(9/ 210).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخيار في البيع، ولم يذكر غيره، فدل على اقتصاره عليه، وما كان مثله من عقود المعاوضات المحضة الواقعة على العين، وعليه فلا يدخل فيه العقود الجائزة، ولا اللازمة التي لا يقصد منها العوض.
الثاني: أن الخيار شرع لدفع الضرر عن المتعاقدين، فلا يمكنه الفسخ إلا به، وإذا كان العقد جائز فإن الشارع جعل له حق الفسخ، فيُسْتغنى بجواز العقد عن ثبوت الخيار له.
الثالث: أما النكاح فلأن في ثبوت الخيار مضرة كبيرة على المرأة، لما يلزم منه من ردها بعد ابتذالها بالعقد، وذهاب حرمتها بالرد، وإلحاقها بالسلع، ثم هو لا يقع في الأصل إلا بعد روية ونظر، فلا يحتاج إلى الخيار بعده (3).
• المخالفون للإجماع:
هذه المسألة جعلها ابن هبيرة قاعدة، وهي في أصلها ثابتة، لكن الأمثلة عليها
(1)"شرح معاني الآثار"(4/ 12 - 17)، "بدائع الصنائع"(5/ 243)، "تبيين الحقائق"(4/ 3)، "العناية"(6/ 257 - 258)، "المدونة"(3/ 222)، "المنتقى"(5/ 55 - 56)، "الفروق"(3/ 269)، "روضة الطالبين"(3/ 433 - 435)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص 454)، "أسنى المطالب"(2/ 46 - 47)، "مغني المحتاج"(2/ 405)، "المحلى"(7/ 236 - 243).
في المسألة تنبيهان:
الأول: أن الحنفية والمالكية لا يرون خيار المجلس، فمن باب أولى أن لا يقولوا به في العقود.
الثاني: ذكر مذهب الشافعية مع الموافقين هنا؛ لأنهم رافقوا على جزء من الإجماع.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"المغني"(6/ 12) بتصرف.
هي التي وقع في بعضها خلاف: كالكتابة وعوض الخلع.
أما الكتابة، فقد خالف فيها بعض العلماء:
فهناك وجه عند الشافعية حكي عن الدارمي (1) أنه يثبت خيار المجلس للمكاتب. وقد حكم النووي على هذا الوجه بأنه ضعيف وشاذ (2).
وخالف الحنابلة في رواية فقالوا: إن العبد المكاتب له الخيار مطلقا بخلاف السيد. قاله القاضي، وإذا امتنع كان الخيار للسيد. قاله ابن عقيل، وهذا ظاهر كلام الخرقي، وقال به الشيرازي (3) وابن البنا (4).
وقال أبو بكر: إن كان قادرا على الوفاء فلا خيار له، وإن عجز عنه فله الخيار (5).
أما عوض الخلع، فهناك وجهان للشافعية فيه، أحدهما: أن فيه الخيار، وهو الوجه المرجوح عندهم (6).
النتيجة:
صحة الإجماع في أصل المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها. أما
(1) عثمان بن سعيد الدارمي السجزي أبو سعيد، الحافظ أحد الأعلام، رحل وطوف ولقي الكبار، كان جِذْعا في أعين المبتدعة، قيما بالسنة، من آثاره:"المسند الكبير"، "الرد على الجهمية"، "الرد على بشر المريسي". توفي عام (280 هـ). "العبر في خبر من غبر"(2/ 70)، "شذرات الذهب"(2/ 176)، "الوافي بالوفيات"(19/ 320).
(2)
"المجموع"(9/ 208)، "روضة الطالبين"(3/ 334).
(3)
عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد الشيرازي أبو الفرج المقدسي، شيخ الشام في وقته، وكانت له كرامات ظاهرة وواقعات مع الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجة في مجالس السلاطين ببلاد الشام. توفي عام (486 هـ). "طبقات الحنابلة"(2/ 249)، "المقصد الأرشد"(2/ 179).
(4)
الحسن بن أحمد بن عبد اللَّه بن البنا أبو علي البغدادي الحنبلي، ولد عام (396 هـ) من رجال الحديث، كان أديبا شديدا على أهل الأهواء، وكان يقول:[صنفت مائة وخمسين كتابا]، منها:"المقنع في شرح الخرقي"، "طبقات الفقهاء"، "تجريد المذهب". توفي عام (471 هـ). "طبقات الحنابلة"(2/ 243)، "المقصد الأرشد"(1/ 309)، "الأعلام"(2/ 180).
(5)
"الإنصاف"(7/ 475)، و (4/ 363).
(6)
"المجموع"(9/ 210)، "روضة الطالبين"(3/ 435).