الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11] جواز العربون إذا رُدَّ على المشتري عند عدم رغبته بالعقد:
• المراد بالمسألة: العربون في اللغة: هو ما عُقِد به المُبَايعة من الثمن، وفيه عدة لغات: العَرَبون، بفتح العين والراء، وعلى وزن عُصْفور، وعُرْبان على وزن عثمان، وأَرَبون، وأُرْبان، وبحذف الهمزة فتكون الرَّبون، وقيل: سمي بذلك؛ لأن فيه إعرابا لعقد البيع، أي: إصلاحا وإزالةَ فساد؛ لئلا يملكه غيره باشترائه (1).
وفي الاصطلاح عند الفقهاء استعمل على معنيين، هما:
الأول: أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع جزءا من الثمن، على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن، وإن لم يأخذها فذلك الجزء للبائع (2). وهذا هو المعنى المشهور.
الثاني: أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع جزءا من الثمن، فإن أخذ السلعة حسبه من الثمن، وإلا رده إليه، فلا يكون للبائع شيء. وهذا نَصَّ على ذكره المالكية، والبعلي (3) من الحنابلة (4)، وكأن تسميته بالعربون تسمية مجازية، وليست حقيقة.
والاستعمال الثاني هو المراد بالمسألة معنا، وهو جائز عند جميع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن عبد البر (463 هـ) يقول: [ويحتمل أن يكون بيع العربان. . . أن يجعل العربان عن البائع من ثمن سلعته إن تم البيع، وإلا رده، وهذا وجه جائز عند الجميع]. ولما ذكر كلام الإمام مالك حين قال: [في الرجل يبتاع ثوبا من رجل،
(1)"لسان العرب"(1/ 592)، "المصباح المنير"(ص 207)، "تاج العروس"(3/ 350 - 351).
(2)
"المغني"(6/ 331)، "المجموع"(7/ 409). وهذا المعنى وقع فيه الخلاف بين العلماء.
(3)
محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل شمس الدين أبو عبد اللَّه البعلي الحنبلي، برع في الفقه وعلوم اللغة، من آثاره:"شرح الجرجانية"، "شرح ألفية ابن مالك"، "المطلع على أبواب المقنع". توفي عام (709 هـ)."المقصد الأرشد"(2/ 485).
(4)
"المنتقى"(4/ 157)، "التاج والإكليل"(6/ 236)، "المطلع" (ص 234). وقال في "الإنصاف" لما حكى قول البعلي:[ولم أر من وافقه](4/ 358).
فيعطيه عربانا على أن يشتريه، فإن رضيه أخذه، وإن سخطه رده، وأخذ عربانه، إنه لا بأس به]، قال أبو عمر:[لا أعلم في هذا خلافا](1). نقله عنه أبو عبد اللَّه القرطبي، والعظيم آبادي (2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والشافعية، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عبد الرحمن بن فروخ (4) أن نافع بن عبد الحارث (5) اشترى دارا بمكة من صفوان بن أمية (6) بأربعة آلاف، فإن رضي عمر فالبيع له، وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة (7).
(1)"الاستذكار"(6/ 256)، وقريبا منه في "التمهيد"(24/ 179).
(2)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 150)، "عون المعبود"(9/ 290). القرطبي نقل عبارة ابن عبد البر التي في "التمهيد".
(3)
"مرقاة المفاتيح"(6/ 76)، "أسنى المطالب"(2/ 31)، "تحفة المحتاج"(4/ 322)، "مغني المحتاج"(2/ 395)، "الإنصاف"(4/ 357 - 358)، "كشاف القناع"(3/ 195)، "مطالب أولي النهى"(3/ 77 - 79).
(4)
عبد الرحمن بن فروخ القرشي العدوي المدني، مولى عمر بن الخطاب، روى عن أبيه وصفوان بن أمية ونافع بن عبد الحارث، وروى عنه عمرو بن دينار. "الثقات"(7/ 87)، "تهذيب الكمال"(17/ 343).
(5)
نافع بن عبد الحارث بن حبالة بن عمير الخزاعي، صحابي أسلم يوم الفتح، كان عامل عمر على مكة. ممن عده في الصحابة: أبو حاتم. "التاريخ الكبير"(8/ 82)، "الجرح والتعديل"(8/ 451)، "الاستيعاب"(4/ 1490)، "الإصابة"(6/ 408).
(6)
صفوان بن أمية بن خلف بن وهب الجمحي أبو وهب، هرب يوم فتح مكة، وأسلمت زوجته ناجية بنت الوليد بن المغيرة، فاحضر له ابن عمه عمير بن وهب أمانا من النبي صلى الله عليه وسلم فحضر، وحضر وقعة حنين وهو مشرك، ثم أسلم، كان أحد العشرة الذين انتهى إليهم شرف الجاهلية، ووصله لهم الإسلام من عشر بطون، نزل على العباس في المدينة، ثم أذن له بالرجوع إلى مكة، فأقام حتى مات عام مقتل عثمان. "أسد الغابة"(3/ 24)، "الإصابة"(3/ 433).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(23201)، (5/ 7)، والبيهقي في "الكبرى" =