الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه، فسكت عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، حتى نزلت هذه الآية:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (1) فأرسل إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه هذه الآية. ثم قال:"لك حج"(2).
• وجه الدلالة: أن تأجير الدواب وهو قاصد عبادة من العبادات لا يعارض العبادة، فهو من ابتغاء فضل اللَّه، فإذا جاز التأجير مع العبادة، فجوازه مع غير العبادة من باب أولى.
الثالث: أن بالناس حاجة إلى السفر، سواء كان لعبادة أو غيرها، ومن العبادات ما هو فرض، وليس لكل أحد بهيمة يملكها، أو يقدر على معاناتها، والقيام بها، والشد عليها، فدعت الحاجة إلى استئجارها، فجاز دفعًا للحاجة (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
11] جواز استئجار الكيَّال والوزَّان لعمل معلوم أو في مدة معلومة:
• المراد بالمسألة: إذا استأجر أحد المتعاقدين كيَّالًا أو وزَّانًا لعمل معلوم مضبوط، وهو كيل ما يحتاج إلى كيل، ووزن ما يحتاج إلى وزن، أو كان استئجاره له في مدة محددة بوقت معلوم لكلا الطرفين، جاز العقد، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [ويجوز استئجار كيَّال، ووزَّان، لعمل معلوم، أو في مدة معلومة. وبهذا قال مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفًا](4).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [يجوز استئجار كيال، ووزان،
(1) البقرة: الآية (198).
(2)
أخرجه أبو داود (1730)، (2/ 409)، والحاكم في "المستدرك"(1647)، (1/ 618)، والبيهقي في "الكبرى"(8440)، (4/ 333). قال الحاكم:[هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه]. ينظر: "تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف"(1/ 125).
(3)
"المغني"(8/ 428) بتصرف.
(4)
"المغني"(8/ 41).
لعمل معلوم، أو في مدة معلومة. وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، لا نعلم فيه خلافًا] (1).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ) يقول: [يجوز استئجار كيال، أو وزان، لعمل معلوم، أو في مدة معينة، بغير خلاف](2).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن سويد بن قيس (4) رضي الله عنه قال: جلبت أنا ومخرفة العبدي (5) بزا من هجر، فأتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى، ووزَّان يزن بالأجر، فاشترى منا سراويل، فقال للوزَّان:"زنْ وأرجح"(6).
(1)"الشرح الكبير" لابن قدامة (14/ 368).
(2)
"المبدع"(5/ 88).
(3)
"المبسوط"(15/ 75)، "بدائع الصنائع"(4/ 179 - 180)، "تبيين الحقائق"(5/ 105)، "الفروق"(4/ 3 - 4)، "الإتقان والإحكام"(2/ 102)، "كفاية الطالب الرباني"(2/ 190 - 191)، "أسنى المطالب"(2/ 411)، "شرح جلال الدين المحلي"(3/ 73 - 74)، "مغني المحتاج"(3/ 453 - 455)، "المحلى"(7/ 6).
تنبيه: لم أجد من الفقهاء من نص على هذه المسألة في باب الإجارة، لكنهم يشترطون العلم بالمنفعة، فيدخل فيها هذه المسألة، وعامة الفقهاء ينصون في كتاب البيوع على مسألة أجرة الكيال والوزان على من تكون؟ هل هي على البائع أم على المشتري؟ فدل على أنها مسألة متقررة عندهم. ينظر في المسألة الأخيرة:"أحكام القرآن" للجصاص (3/ 260)، "بدائع الصنائع"(5/ 243)، "التاج والإكليل"(6/ 411)، "مغني المحتاج"(2/ 470).
(4)
سويد بن قيس العبدي أبو مرحب، روى عنه سماك بن حرب، وهو معدود في الكوفيين، "الاستيعاب"(2/ 680)، "أسد الغابة"(2/ 599)، "الإصابة"(3/ 228).
(5)
مخرفة العبدي، ويقال مخرمة، له صحبة، "معجم الصحابة"(3/ 125)، "أسد الغابة"(5/ 118)، "الإصابة"(6/ 49).
(6)
أخرجه أبو داود (3329)، (4/ 116)، والترمذي (1305)، (3/ 598)، والنسائي في "المجتبى"(4592)، (7/ 284)، وابن ماجه (2220)، (3/ 562)، والحاكم في =