الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: أما في مسألة من جعل لواحد شيئًا في ردها، فردها هو وآخران معه طلبا للعوض، فيكون له الثلث؛ فلأن اللفظ يقتضي استحقاقه جميع الجعل على جميع العمل، وهو قد عمل الثلث، فاستحق ثلث الجعل، ولم يستحق الآخران شيئًا؛ لأنهما عملا من غير أن يجعل لهما الجاعل جعلا (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
4] مشروعية أخذ الآبق:
• المراد بالمسألة: الآبق هو: ذهاب العبد من سيده، من غير خوف، ولا كدِّ عمل (2). وإن كان من خوف، أو بسبب كدِّ العمل، فإنه يعد هاربا (3).
فالآبق من مولاه يُشْرع لمن وجده أخذه إذا علم من نفسه قوة على حفظه وصيانته، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [ويجوز أخذ الآبق لمن وجده، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافا](4).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [ويجوز أخذ الآبق لمن وجده، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافا](5).
• العيني (855 هـ) يقول: [(الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه) أي: من يقدر على أخذه، ولا نعلم خلافا بين أهل العلم](6).
• ابن الهمام (861 هـ) يقول: [قوله (الآبق أخذه أفضل) من تركه (في حق من يقوى عليه) أي: يقدر على حفظه حتى يصل إلى مولاه، بخلاف من يعلم من نفسه العجز عن ذلك والضعف، ولا يعلم في هذا خلاف](7).
(1) ينظر في الأدلة: "المغني"(8/ 326).
(2)
"العين"(5/ 231)، "تهذيب اللغة"(9/ 265)، "لسان العرب"(10/ 3).
(3)
الكليات (1/ 32).
(4)
"المغني"(8/ 331).
(5)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (16/ 182).
(6)
"البناية"(7/ 346).
(7)
"فتح القدير"(6/ 133 - 134).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن العبد لا يؤمن لحاقه بدار الحرب، وارتداده، واشتغاله بالفساد في سائر البلاد، فدرءًا لهذه المفسدة شُرع أخذه، وهو مخالف لسائر الضوال التي تحفظ نفسها، فلا يشرع أخذها؛ لانعدام المفسدة فيها (2).
الثاني: أن أخذه يعتبر إحياءً له؛ فهو هالك في حق المولى، فيكون الرد إحياءً له (3).
النتيجة:
صحة الإجماع على أصل المسألة، وهو مشروعية أخذ الآبق؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
(1)"المدونة"(4/ 464)، "التاج والإكليل"(8/ 57 - 58)، "شرح مختصر خليل للخرشي مع حاشية العدوي عليه"(7/ 134 - 135)، "الأم"(4/ 75)، "أسنى المطالب"(2/ 439)، "نهاية المحتاج"(5/ 467 - 468).
تنبيهات:
الأول: المالكية يرون في هذه المسألة، أنه يندب أخذ الآبق لمن يعرف مالكه، وإن لم يعرف مالكه فلا يندب أخذه، فيبقى الحكم على أصل الإباحة، وهذا مقيد عندهم بعدم خوف الخائن، وكذلك يعلم من نفسه عدم الخيانة.
الثاني: الشافعية لم أجد لهم نصا في هذه المسألة، لكنهم يتكلمون عن حكم الجعل لمن أتى بالآبق الذي لم يجعل له المالك شيئًا، أو جعل جعلا وأتى به من لم يسمع كلام المالك، أو لم يأذن له فيه، أو أذن له لكن لم يذكر عوضا محددا له، ونحوها من المسائل التي تدل على أن أصل الجواز عندهم متقرر، ولو كان هذا الفعل محرما لم يذكروا هذه التفريعات.
الثالث: وجدت في "الموسوعة الفقهية الكويتية" نسْبَة القول إلى الشافعية بأنهم يرون عدم جواز أخذ الآبق إذا كان بغير رضا المالك. ولم أجد هذا القول في المرجع الذي أحالوا عليه ولا غيره من كتب الشافعية، فلعله وقع لبس أو وهم منهم. واللَّه أعلم. ينظر:"الموسوعة"(1/ 136).
(2)
ينظر: "المغني"(8/ 331).
(3)
"البحر الرائق"(5/ 172).