الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهما من باب الجهاد في سبيل اللَّه، والإعانة عليه (1).
الثاني: أن هذا من باب إعداد القوة التي أمرنا اللَّه بها بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (2) وأولى من يعين الناس عليها، ويحثهم عليها هو إمام المسلمين.
الثالث: أن المنع من أخذ العوض في المسابقة من أجل القمار، الذي يكون فيه أحدهما إما غانما أو غارما، ولا قمار في هذه الصورة، فعاد الحكم إلى الأصل وهو الجواز.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها (3).
6] تحريم العوض الذي يكون من المتسابقين:
• المراد بالمسألة: المسابقة إذا كان السبق فيها مدفوعا من الطرفين، على أن من سبق منهما فإنه يأخذ سبقه وسبق صاحبه، فهذه الصورة بإجماع العلماء ممنوعة.
• من نقل الإجماع:
• القاضي عياض (544 هـ) يقول: [وأما المتفق على منعه: فأن يخرج كل واحد من المتسابقين سبقا، فمن سبق منهما أخذ سبق صاحبه، وأمسك متاعه](4).
• أبو العباس القرطبي (656 هـ) يقول: [وأما المتفق على منعه -أي: من المسابقات التي يكون فيها رهان- فهو أن يخرج كل واحد من المتسابقين سبقا، ويشترط أنه إن سبق أمسك سبقه، وأخذ سبق صاحبه، فهذا قمار، فلا يجوز باتفاق](5).
(1) ينظر: "بدائع الصنائع"(6/ 206).
(2)
الأنفال: الآية (60).
(3)
مع أن هذا الإجماع أكثر من حكاه المالكية، إلا أن ابن قدامة نسب إليهم أنهم يقولون بقول لم أجده في كتبهم التي بين يدي، وهو أنهم يقولون بالتفريق بين ما إذا كان السبق من الإمام أو كان من غيره، فيجوز من الإمام دون غيره من غير المتسابقين، وهذا يخالف ما نصوا عليه سواء منهم من حكى الإجماع أم لم يحكه. "المغني"(13/ 408).
(4)
"إكمال المفهم"(6/ 284).
(5)
"المفهم"(3/ 701).
• أبو عبد اللَّه القرطبي (671 هـ) يقول: [واتفق العلماء على أنه إن لم يكن بينهما محلل، واشترط كل واحد من المتسابقين أنه إن سبق أخذ سبقه وسبق صاحبه، أنه قمار ولا يجوز](1).
• ابن حجر (852 هـ) يقول: [أن يخرج كل منهما سبقا، فمن غلب أخذ السبقين، فاتفقوا على منعه](2). نقله عنه الشوكاني (3).
• العيني (855 هـ) يقول: [ولو شرط المال من الجانبين، حرم بالإجماع](4).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنابلة، ابن حزم من الظاهرية (5).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} (6).
• وجه الدلالة: أن القمار من الميسر الذي حرمه اللَّه، والمراهنة تعد من القمار؛ إذ كل منهما ربما يغنم مال صاحبه، أو يغرم ماله لصاحبه.
الثاني: ما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل ثلاثة: فرس يربطه الرجل في سبيل اللَّه فثمنه أجر، وركوبه أجر، وعاريته أجر، وعلفه أجر، وفرس يغالق عليه الرجل ويراهن، فثمنه وزر، وعلفه وزر، وفرس للبطنة، فعسى أن يكون سدادا من الفقر إن شاء اللَّه تعالى"(7).
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(9/ 147).
(2)
"فتح الباري"(6/ 72).
(3)
"نيل الأوطار"(8/ 88).
(4)
"عمدة القاري"(14/ 161).
(5)
"المغني"(13/ 412)، "كشاف القناع"(4/ 50 - 51)، "مطالب أولي النهى"(3/ 706)، "المحلى"(5/ 426).
(6)
المائدة: الآية (90).
(7)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(7/ 705)، وأحمد في "مسنده"(3757)، (6/ 300) من حديث رجل من الأنصار لم يسم. قال محققو مسند الإمام أحمد:[إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ركين فمن رجال مسلم] المسند (6/ 300).
• وجه الدلالة: أن الفرس الذي يقامر عليها، وهي: التي يكن فيها إما غانما أو غارما، جعل صاحبها آثما، وهذا ذم يراد منه النهي عن الفعل.
الثالث: ما جاء أن رجلين رأيا ظبيا وهما محرمان، فتواخيا فيه، وتراهنا، فرماه بعصى، فكسره، فأتيا عمر وإلى جنبه ابن عوف، فقال لعبد الرحمن: ما تقول؟ قال: هذا قمار، ولو كان سبقا (1).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الحنابلة في وجه، اختاره ابن تيمية وابن القيم، وقالوا: يجوز إخراج السبق من المتسابقين، حتى وإن كان بدون محلل (2).
واستدلوا بعدة أدلة، منها:
الأول: عن عبد اللَّه بن الحارث رضي الله عنه قال: صارع النبي صلى الله عليه وسلم أبا ركانة في الجاهلية، وكان شديدا، فقال: شاة بشاة، فصرعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال أبو ركانة: عاودني، فصارعه فصرعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-أيضا، فقال: عاودني في أخرى، فعاوده، فصرعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أيضا، فقال أبو ركانة: هذا أقول لأهلي شاة أكلها الذئب، وشاة تكسَّرت، فماذا أقول للثالثة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك، خذ غنمك"(3).
الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول اللَّه تعالى: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} (4) قال: غلبت وغلبت، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم؛ لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أما إنهم سيغلبون" فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا، فإن ظهرنا
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(7/ 715).
(2)
"مجموع الفتاوى"(18/ 63)، و (20/ 269)، "الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية"(ص 233)، "إعلام الموقعين" (4/ 17 - 18). وقد ذكر ابن القيم أن له كتابا سماه:"بيان الاستدلال على بطلان اشتراط محلل السباق والنضال". أبطل فيه المحلل من خمسين وجها.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
الروم: الآيتان (1 - 3).