الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: عن محمد بن سيرين أن أبا بكر مرَّ ببلال (1) وهو يعذب فاشتراه فأعتقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"الشركة يا أبا بكر؟ " فقال: يا رسول اللَّه إني قد أعتقتة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"بارك اللَّه لك، وآجرك اللَّه عز وجل"(2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب الشركة، ولو لم تكن جائزة لم يطلبها، ودعا له زيادة على ذلك (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
46] مشروعية بيع المرابحة:
• المراد بالمسألة: المرابحة في اللغة: مأخوذة من الربح، وهو النماء في التّجْر. ويطلق على اسم ما ربحه في التجارة (4).
• وفي الاصطلاح: هي بيع ما اشتراه البائع بمثل الثمن الأول، مع زيادة ربح معلوم عليه (5).
ولها صورتان، هما:
الأولى: أن يُعَرِّف صاحب السلعة المشتري بكم اشتراها، ويأخذ منه ربحا على الجملة، مثل أن يقول: اشتريتها بعشرة ريالات وتربحني فيها ريالا أو ريالين.
الثانية: أن يأخذ منه الربح على التفصيل، إما بمقدار مقَطّع محدد، وإما بنسبة
= إحداهما" فقال: هي لك يا رسول اللَّه بغير ثمن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما بغير ثمن فلا".
(1)
بلال بن رباح الحبشي، كان مملوكا لأمية بن خلف فعذبه بعد إسلامه وثبت، فمر به أبو بكر فاشتراه منه بعبد له أسود جلد وأعتقه، لزم النبي صلى الله عليه وسلم وأَذَّن له، وشهد جميع المشاهد، وخرج بعد النبي صلى الله عليه وسلم مجاهدا إلى أن مات بالشام عام (20 هـ). "الاستيعاب"(1/ 179)، "أسد الغابة"(1/ 415)، "الإصابة"(1/ 326).
(2)
أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 232)، وابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق"(10/ 442).
(3)
ينظر: "بدائع الصنائع"(5/ 220).
(4)
"المحكم والمحيط الأعظم"(3/ 322)، "لسان العرب"(2/ 442)، "تاج العروس"(6/ 279).
(5)
"طلبة الطلبة"(ص 111)، "بدائع الصنائع"(5/ 310).
عشرية، وذلك مثل أن يقول: تربحني ريالا لكل عشرة أو نحوه (1). وهذه الصورة وقع فيها الخلاف بين العلماء في جوازها وكراهتها وبطلانها (2).
أما الصورة الأولى فهي المرادة هنا، وهي جائزة وصحيحة، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• الطبري (310 هـ) يقول: [وأجمعوا أن بيع المرابحة جائز](3).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [وأجمعوا على أن بيع المرابحة صحيح](4). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (5).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [بيع المرابحة: هو البيع برأس المال وربح معلوم، ويشترط علمهما برأس المال، فيقول: رأس مالي فيه أو هو علي بمائة بعتك بها، وربح عشرة، فهذا جائز لا خلاف في صحته، ولا نعلم فيه عند أحد كراهة](6).
• أبو عبد اللَّه الدمشقي (كان حيا: 780 هـ) يقول: [ويجوز أن يبيع ما اشتراه مرابحة بالاتفاق](7).
• الأسيوطي (880 هـ) يقول: [ويجوز أن يبيع ما اشتراه مرابحة بالاتفاق](8).
• برهان الدين ابن مفلح (884 هـ) يقول: [والمرابحة: أن يبيعه بربح فيقول: رأس مالي مائة، بعتكه بها وربح عشرة، فهو جائز بلا كراهة، بغير خلاف نعلمه](9).
(1) ينظر: "القوانين الفقهية"(ص 174)، "الموسوعة الفقهية الكويتية"(36/ 318).
(2)
ينظر الخلاف: "المحلى"(7/ 499)، "المغني"(6/ 266). وقد خلط بعض الباحثين بين الصورتين في المسألة، ونفى الإجماع بناء على عدم تفريقه بين الصورتين. ينظر: دراسة المسائل المتفق عليها بين الأئمة الأربعة من خلال كتاب "الإفصاح" لابن هبيرة (ص 183 - 188).
(3)
"اختلاف الفقهاء"(ص 75).
(4)
"الإفصاح"(1/ 293).
(5)
"حاشية الروض المربع"(4/ 458)، وحكاه بلفظ الاتفاق بدل الإجماع، وقال:[ربح المرابحة] بدل [بيع المرابحة].
(6)
"المغني"(6/ 266).
(7)
"رحمة الأمة"(ص 182).
(8)
"جواهر العقود"(1/ 61).
(9)
"المبدع"(4/ 103).