الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
94] بطلان البيعتين في بيعة:
• المراد بالمسألة: هذه المسألة قد اختلف العلماء في بيان صورتها على أقوال عدة، كل يتأول في بيان المعنى المراد منها على ما يوافق مذهبه (1)، وإليك بيان هذه الأقوال:
الأول: أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم نقدا، أو بخمسة عشر نسيئة إلى سنة، فيقبل المشتري من غير تعيين لأحد الثمنين. قال بهذا التفسير: الثوري، وإسحاق، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي في أحد قوليه، وابن حزم من الظاهرية (2).
الثاني: أن يقول: بعتك بستاني هذا بكذا على أن تبيعني دارك بكذا. قال بهذا التفسير: الحنفية، والشافعية في القول الآخر لهم، والحنابلة، وابن حزم من الظاهرية (3).
الثالث: أن يقول له: بعتك هذا بعشرة دنانير على أن تعطيني بها صرفها كذا دراهم. قال به: الثوري، وأبو ثور، وأبو حنيفة، والشافعي في قول آخر لهما، وأحمد، وإسحاق، وداود، وابن حزم (4).
الرابع: أن يقول: أبيعك هذه السلعة بمائة إلى سنة، على أن أشتريها منك بثمانين حالة. وهي نفس بيع العينة. اختار هذا التفسير ابن تيمية، وابن القيم من الحنابلة (5).
(1) ينظر: "الاستذكار"(6/ 449)، "المنتقى"(5/ 35).
(2)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 84)، "بدائع الصنائع"(5/ 185)، "المدونة"(3/ 20)، "الاستذكار"(6/ 452)، "المنتقى"(5/ 39)، "الأم"(7/ 305)، "مختصر المزني"(8/ 186)، "المجموع"(9/ 411)، "المغني"(6/ 333)، "المحلى"(7/ 501).
(3)
"المبسوط"(13/ 16)، "الأم"(7/ 305)، "المجموع"(9/ 411)، "المغني"(6/ 333)، "شرح الزركشي"(2/ 93)، "المحلى"(7/ 501).
(4)
"الاستذكار"(6/ 453)، "شرح الزركشي"(2/ 92 - 93)، "المحلى"(7/ 501). وقد نسب ابن عبد البر هذا القول لأبي حنيفة والشافعي، ولم أجد هذا في كتب مذهب الإمامين.
(5)
"الفتاوى الكبرى"(6/ 51 - 52)، "حاشية ابن القيم على تهذيب سنن أبي داود" =
وقد جاء في موطأ الإمام مالك أنه بلغه أن رجلا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد، حتى أبتاعه منك إلى أجل. فسئل عن ذلك عبد اللَّه بن عمر، فكرهه ونهى عنه. قال ابن عبد البر: [هذا الحديث عند مالك فيه وجهان:
أحدهما: العينة.
والثاني: أنه من باب بيعتين في بيعة؛ لأنها صفقة جمعت بيعتين أصلها البيعة الأولى] (1). وظاهر هذا أنه يقول بالتفريق بين العينة، وبين البيعتين في بيعة.
الخامس: أن يقول: بعني سلعتك هذه بدينار نقدا، أو بشاة موصوفة إلى أجل، ويقع التفرق بينهما على لزوم البيع من غير تعيين لأحدهما. قال بهذا التفسير الإمام مالك (2).
السادس: أن يتبايعا سلعتين بثمنين مختلفين على أنه تلزمه إحدى البيعتين، مثل: أن يتبايعا هذا الثوب بدينار، والثوب الآخر بدينارين على أن المشتري يختار أحدهما. أو سلعة واحدة بثمنين مختلفين، مما يجوز أن يُحَوَّل بعضها في بعض. مثل: بعتك هذا السلعة بدينار وثوب، أو ثوب وشاة. قال به الإمام مالك (3).
السابع: أن يقول رجل لآخر: اشتر لي، أو اشتر السلعة نقدا بكذا، أو بما اشتريتها به، وبعها مني بكذا إلى أجل. فيكون داخلا في بيع ما ليس عند البائع. ذكر هذا التفسير المالكية (4).
الثامن: أن يقول: بعني هذا التمر الصيحاني عشرة آصع بدينار، والعجوة خمسة عشر بدينار. قال به الإمام مالك (5).
التاسع: هو أن يسلفه دينارا في قفيز بر إلى شهر، فإذا حل الأجل وطالبه بالبر، قال: بعني القفيز الذي لك عليّ بقفيزين إلى شهرين. فهذا بيع ثان قد دخل على
= (9/ 295) وجعله ابن القيم كذلك هو الشرطان في بيع الوارد في الحديث.
(1)
"الاستذكار"(6/ 449).
(2)
"الاستذكار"(6/ 450)، "عارضة الأحوذي"(5/ 191).
(3)
"المدونة"(3/ 225)، "المنتقى"(5/ 36).
(4)
"المنتقى"(5/ 38)، "عارضة الأحوذي"(5/ 191).
(5)
"الاستذكار"(6/ 452)، "عارضة الأحوذي"(5/ 191).
البيع الأول، فصار بيعتين في بيعة، فيرد أوكسهما، وهو الأول، فإن تبايعا المبيع الثاني قبل أن يتقابضا الأول كانا مربيين. هذا التفسير قال به الخطابي (1) لما ذكر رواية:"فله أوكسهما أو الربا"(2) قال: [فيشبه أن يكون ذلك في حكومة في شيء بعينه](3). ثم ذكره.
فالمعنى -كما ترى- قد وقع الخلاف فيه بين العلماء، وبعض هذه الأقوال هي في حقيقتها صور كما هو ظاهرٌ مِن ذِكْر بعض العلماء لها، كابن حزم مثلا. أما التفاسير التي جاءت عن الإمام مالك ومن وافقه فيجمعها ما ذكره ابن رشد في تعريف البيعتين في بيعة حين قال:[تناول البيع مبيعين، لا يتم مع لزومه للمتبايعين أو لأحدهما إلا في أحد المبيعين](4). ويدخل فيه الصحيح والفاسد، ولذا أجاز الإمام مالك بعض هذه الصور.
والمقصود هنا: أن ما جاء في حديث أبي هريرة يُعدُّ من الأمور المنهي عنها، وإذا وقعت فهي باطلة شرعا، بإجماع العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على أن بيعتين في بيعة باطل](5).
• ابن رشد الحفيد (595 هـ) يقول: [فأما المنطوق به في الشرع، فمنه: نهيه صلى الله عليه وسلم. . .، عن بيعتين في بيعة. . .، فهذه كلها بيوع جاهلية متفق على تحريمها](6).
• النووي (676 هـ) يقول لما ذكر ما جاء عن الشافعي في تفسير البيعتين في
(1) حمد بن محمد البستي أبو سليمان الخطابي الشافعي، ولد بعد العاشرة والثلاثمائة، إمام حافظ لغوي، صنف مصنفات نافعة، منها:"شرح على البخاري"، "معالم السنن"، "غريب الحديث". توفي عام (388 هـ). "طبقات السبكي"(3/ 282)، "طبقات ابن شهبة"(1/ 467).
(2)
سيأتي تخريجه في مستند الإجماع.
(3)
"معالم السنن"(5/ 98). ونقلها عنه النووي في "المجموع"(9/ 412).
(4)
نقله عنه ابن عرفة في "حدوده"(ص 255).
(5)
"الإفصاح"(1/ 302).
(6)
"بداية المجتهد"(2/ 111).