الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمام العقد، فإنه يختل أحد شروط العقد وهو الرضا، فالطرف الثاني دخل ورضي بالعقد بدون هذا الشرط، وربما لا يرضى به، واللَّه تعالى يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
2] مشروعية اشتراط المتعاقدين شرطا من مقتضيات العقد أو فيه مصلحة لهما:
• المراد بالمسألة: الشروط التي تصدر من المتعاقدين في البيوع، لا تخلو من أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون الشرط الصادر من أحد المتعاقدين من مقتضيات العقد، أي: واجب بالعقد من غير اشتراط: كاشتراط تسليم المبيع، وقبض الثمن، وخيار المجلس، والتصرف في المبيع، ونحوها، لا فرق بين أن يكون شرطا واحدا في العقد أو يجمع بين شرطين منهما.
الحالة الثانية: أن يكون الشرط الصادر من أحد المتعاقدين فيه مصلحة لهما: كاشتراط الخيار مدة معينة، أو الرهن، أو تأجيل الثمن مدة محددة. أو يكون اشتراط صفة معينة مقصودة في المبيع: كاشتراط أن يكون العبد صانعا أو كاتبا ونحوها.
فهاتان الحالتان من الشروط متفق على جواز اشتراطهما، أما الأولى فاشتراطها غير مؤثر في العقد وجودا وعدما. أما الثانية: فيلزم الوفاء بها من قبل المشترط عليه.
• من نقل الإجماع:
• القاضي عياض (544 هـ) يقول: [الشروط المقارنة للبيع، ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون من مقتضى العقد: كالتسليم، وجواز التصرف في المبيع، وهذا لا خلاف في جواز اشتراطه. . .]. نقله عنه العيني (2).
(1) النساء: الآية (29).
(2)
"عمدة القاري"(4/ 226).
• ابن قدامة (620 هـ) يقول: [والشروط تنقسم إلى أربعة أقسام: أحدها: ما هو من مقتضى العقد: كاشتراط التسليم، وخيار المجلس، والتقابض في الحال، فهذا وجوده كعدمه، لا يفيد حكما، ولا يؤثر في العقد. الثاني: تتعلق به مصلحة العاقدين: كالأجل، والخيار، والرهن، والضمين، والشهادة. أو اشتراط صفة مقصودة في المبيع: كالصناعة والكتابة، ونحوها، فهذا شرط جائز يلزم الوفاء به، ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافا](1).
• النووي (676 هـ) يقول: [الشرط خمسة أضرب: أحدها: ما هو من مقتضى العقد: بأن باعه بشرط خيار المجلس، أو تسليم المبيع، أو الرد بالعيب، أو الرجوع بالعهدة، أو انتفاع المشتري كيف شاء، وشبه ذلك، فهذا لا يفسد العقد بلا خلاف. . . الضرب الثاني: أن يشترط ما لا يقتضيه إطلاق العقد لكن فيه مصلحة للعاقد: كخيار الثلاث، والأجل، والرهن، والضمين، والشهادة، ونحوها، وكشرط كون العبد المبيع خياطا، أو كاتبا ونحوه، فلا يبطل العقد أيضا بلا خلاف، بل يصح، ويثبت المشروط](2). نقله عنه الشوكاني (3).
• شمس الدين ابن قدامة (682 هـ) يقول: [(وهي -أي: الشروط- ضربان: صحيح، وهو ثلاثة أنواع، أحدها: شرط مقتضى البيع: كالتقابض، وحلول الثمن ونحوه، فلا يؤثر فيه. الثاني: شرط من مصلحة العقد: كاشتراط صفة في الثمن، كتأجيله، أو الرهن، أو الضمين، أو صفة في المبيع نحو: كون العبد كاتبا، أو خصيا، أو صانعا، أو مسلما، والأمة بكرا، والدابة هملاجة (4)، والفهد صيودا) فهو شرط صحيح يلزم الوفاء به. . .، ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافا](5).
• ابن الهمام (861 هـ) يقول: [قوله: (ثم جملة الأمر فيه) أي: في الشرط (أنه
(1)"المغني"(6/ 323).
(2)
"المجموع"(9/ 447).
(3)
"نيل الأوطار"(5/ 214).
(4)
الهملاجة: هو حسن سير الدابة، وهو مشيها مشية سهلة في سرعة. والكلمة فارسية معربة. ينظر:"المصباح المنير"(ص 330)، "المطلع"(ص 233).
(5)
"الشرح الكبير" لابن قدامة (11/ 205 - 206، 229).
إما أن يقتضيه العقد) كشرط أن يحبس المبيع إلى قبض الثمن ونحوه فيجوز؛ لأنه مؤكد لموجب العقد. أو لا يقتضيه، لكن ثبت تصحيحه شرعا بما لا مرد له: كشرط الأجل في الثمن، والمثمن في السلم، وشرط في الخيار، فكذلك هو صحيح؛ للإجماع على ثبوته شرعا رخصة] (1).
• عبد الرحمن القاسم (1392 هـ) يقول: [إن كان الشرطان المجموعان من مقتضى البيع، كاشتراط حلول الثمن، مع تصرف كل منهما فيما يصير إليه، صح بلا خلاف](2). ويقول أيضا: [وكل شرط لا ينافي مقتضى العقد، لا ينافي البيع، بالاتفاق](3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، وابن حزم من الظاهرية (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "المسلمون على شروطهم، ما وافق الحق منها"(5).
• وجه الدلالة: هذا الحديث أصل في إباحة الشروط بين المتعاقدين ما لم يكن
(1)"فتح القدير"(6/ 442 - 443).
(2)
"حاشية الروض المربع"(4/ 400).
(3)
"حاشية الروض المربع"(4/ 427).
(4)
"عمدة القاري"(4/ 226)، "البحر الرائق"(6/ 93 - 94)، "الدر المختار"(5/ 85 - 88)، "شرح مختصر خليل" للخرشي (5/ 82)، "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"(3/ 65)، "حاشية الصاوي على الشرح الصغير"(3/ 102)، "المحلى"(7/ 319).
تنبيه: ذكر مذهب الحنفية والمالكية مع الموافقين وقد ذكروا في الإجماع؛ لأنه لم تكن حكايتهم للإجماع على جميع ما ذكر وإنما على جزء منه.
(5)
أخرجه أحمد في "مسنده"(8784)، (14/ 389)، وأبو داود (3594)، (4/ 216)، وابن الجارود في "المنتقى"(637)، (1/ 161)، والبيهقي في "الكبرى"(11211)، (6/ 79). قال ابن حجر:[وكثير بن زيد أسلمي لينه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، وقال أحمد: ما أرى به بأسا. فحديثه حسن في الجملة، وقد اعتضد بمجيئه من طريق أخرى]. "تغليق التعليق"(3/ 282).