الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن البائع ما دام أنه لم يشتر السلعة في مجلس العقد، بل وجد المشتري يبيعها في السوق، فإن الربا غير متحقق في العقد، وعليه فيكون حاله حال الرجل الأجنبي إذا أراد شراء السلعة، ولا فرق.
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة جماهير العلماء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، فقالوا: لا يجوز للبائع أن يشتري السلعة ممن اشترها منه بأقل من ثمنها نقدا مطلقا، سواء كان في مجلس العقد أو بعد مدة، ما دامت العلقة موجودة بين البائع والمشتري (1).
ويستدل لهؤلاء بدليل من المعقول وهو:
أن شبهة العينة لا زالت قائمة، ولا فرق بين أن يكون شراء البائع للسلعة في مجلس العقد أو بعده، فالتواطؤ ليس شرطا في تحقيق معنى العينة المحرمة، وما كان شبهة فهو ملحق بالحقيقة، سدا للذريعة.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
96] جواز بيع المشتري السلعة من البائع بمثل الثمن أو أكثر منه:
• المراد بالمسألة: إذا اشترى البائع من المشتري السلعة، لكن بمثل ما اشتراها منه أو أكثر، فإن البيع جائز، بإجماع العلماء، سواء كان قبل نقد الثمن في البيع الأول، أو بعده.
• من نقل الإجماع:
• الجصاص (370 هـ) لما أورد أثر سعيد بن المسيب حين سئل عن رجل باع طعاما من رجل إلى أجل، فأراد الذي اشترى الطعام أن يبيعه بنقد من الذي باعه منه. فقال: هو ربا. قال: [ومعلوم أنه أراد شراءه بأقل من الثمن الأول؛ إذ لا
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 199)، "فتح القدير"(6/ 433 - 435)، "البحر الرائق"(6/ 90)، "المدونة"(3/ 161)، "الفواكه الدواني"(2/ 101 - 102)، "كفاية الطالب الرباني"(2/ 183 - 184)، "مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج"(3/ 159)، "الفروع"(4/ 169 - 170)، "المبدع"(4/ 48 - 49)، "الإنصاف"(4/ 335 - 337).
خلاف أن شراءه بمثله أو أكثر منه جائز] (1).
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ولو اشترى ما باع بمثل ما باع، قبل نقد الثمن، جاز بالإجماع. . .، وكذا لو اشتراه بأكثر مما باع قبل نقد الثمن](2).
• العيني (855 هـ) يقول: [واعلم أن شراء ما باع بأقل مما باع، قبل نقد الثمن لا يجوز عندنا. . .، وبعد نقد الثمن يجوز عندنا أيضا، وبالمثل أو الأكثر يجوز بالإجماع، سواء كان قبل نقد الثمن أو بعده](3).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وابن حزم من الظاهرية (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن الأصل في المعاملات الإباحة، بنص القرآن كما قال تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (5) ولا يَحْرمُ إلا ما حرمه اللَّه كما أخبر عن ذلك فقال: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} (6) وهذه المعاملة قد توفرت فيها شروط البيع وأركانه، وانتفت موانعه، فتبقى على الأصل الذي جعله اللَّه في كتابه (7).
الثاني: أن المقصود من المنع إنما هو من أجل الذريعة إلى الربا، وهي منتفية هنا إذا باعه بأكثر أو مثل ما اشتراها به (8).
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
(1)"أحكام القرآن" للجصاص (1/ 636 - 637).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 199).
(3)
"البناية"(8/ 172).
(4)
"المدونة"(3/ 161)، "مواهب الجليل"(4/ 404)، "الفواكه الدواني"(2/ 101 - 102)، "الأم"(3/ 38 - 39)، "أسنى المطالب"(2/ 41)، "الفروع"(4/ 169 - 170)، "الإنصاف"(4/ 335 - 337)، "كشاف القناع"(3/ 185)، "المحلى"(7/ 448).
تنبيه: الشافعية يرون جواز بيع المشتري على البائع السلعة بأقل مما اشتراها منه نقدا، فمن باب أولى أن يقولوا بالجواز إذا كان بمثل أو أكثر مما اشتراها منه.
(5)
البقرة: الآية (275).
(6)
الأنعام: الآية (119).
(7)
ينظر: "المحلى"(7/ 448).
(8)
ينظر: "بدائع الصنائع"(5/ 199).