الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: القياس على البيع، فكما أنه يشترط وصف الثمن في البيع إذا كان في الذمة، فكذلك في السلم، بجامع أن كلا منهما ركن في العقد (1).
الثاني: أنه ربما وقع التخالف بين المتعاقدين، ولا يحسم الخلاف بينهما إلا أن يكونا على معرفة بصفة رأس المال، وإلا كان سببا في وقوع الشقاق والنزاع الذي لا يرضاه الشارع.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
19] الاكتفاء بالإشارة في رأس مال السلم الذي لا يتعلق العقد بقدره من الذرعيات والعدديات المتفاوتة:
• المراد بالمسألة: الأصل في رأس مال السلم أن يكون معلوم الصفة والمقدار، لكن إذا كان مما لا يتعلق العقد بمقداره - وهو الذي لا تنقسم أجزاء المسلم فيه على أجزائه (2) - من الذرعيات والعدديات المتفاوتة، وكان معينا غير موصوف في الذمة، فإنه تكفي فيه الإشارة عن بيان المقدار، بإجماع العلماء. وذلك مثل: الثياب لا يعلم ذرعها، والغنم لا يعلم عددها، ونحوها.
• من نقل الإجماع:
• الكاساني (587 هـ) يقول: [ولو كان رأس المال مما لا يتعلق العقد بقدره من الذرعيات والعدديات المتفاوتة، لا يشترط إعلام قدره، ويكتفى بالإشارة بالإجماع. . .، وصورة المسألة. . . لو قال: أسلمت إليك هذا الثوب، ولم يعرف ذرعه، أو هذا القطيع من الغنم، ولم يعرف عدده، جاز بالإجماع](3).
• مولى خسرو (885 هـ) يقول: [وأجمعوا على أن رأس المال إذا كان ثوبا أو حيوانا، يصير معلوما بالإشارة](4). نقله عنه ابن عابدين (5).
(1) ينظر: "أسنى المطالب"(2/ 123 - 124).
(2)
ينظر: "درر الحكام شرح مجلة الأحكام"(1/ 416).
(3)
"بدائع الصنائع"(5/ 201 - 202).
(4)
"درر الحكام شرح غرر الأحكام"(2/ 196).
(5)
"رد المحتار"(5/ 215).
• الموافقون على الإجماع:
وافق على هذا الإجماع: المالكية، والشافعية في رواية عندهم، وهو الوجه الثاني عند الحنابلة (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: القياس على البيع: فكما أنه لا يشترط العلم بقدر رأس المال في بيع العين ويكفي فيه الإشارة، فكذلك في رأس مال السلم (2).
الثاني: أن الذرع وصف لا يتعلق العقد بمقداره، وإعلام الوصف بعد الإشارة ليس بشرط، ولهذا لو اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع فوجده أحد عشر تسلم له الزيادة، ولو وجده تسعة لا يحط عنه شيئا من الثمن.
الثالث: أن المسلم فيه لا ينقسم على عدد الذرعان حتى يشترط إعلامه؛ لأن الأوصاف لا يقابلها شيء، فجهالة قدر الذرعان لا تؤدي إلى جهالة المسلم فيه (3).
• المخالفون للإجماع:
خالف في هذه المسألة: الشافعية في رواية، وهو المذهب عند الحنابلة،
(1)"شرح مختصر خليل" للخرشي (5/ 203)، "الشرح الكبير" للدردير (3/ 197)، "منح الجليل"(6/ 335 - 336)، "روضة الطالبين"(4/ 5)، "شرح جلال الدين المحلي على المنهاج"(2/ 306)، "مغني المحتاج"(3/ 6)، "المغني"(6/ 411 - 412)، "الفروع"(4/ 183)، "الإنصاف"(5/ 106).
تنبيه: المالكية يرون جواز جعل رأس مال السلم جزافا بشروطه التي أجازوا فيها الجزاف في البيع، وهي:
1 -
أن لا تكون آحاده مقصودة كالجوز واللوز. 2 - أن يكون كثيرا بحيث لا يعلم قدره. 3 - أن يكون معلوم الجنس. 4 - أن لا يشتريه مع مكيل. 5 - أن لا يكثر جدا. 6 - أن يكون مرئيا بالبصر. 7 - أن يكون المتعاقدان اعتادا الحزر. 8 - أن يكونا جاهلين بمقداره. 9 - أن يكون على أرض مستوية. 10 - أن يكون غير مسكوك. ينظر في هذه الشروط: "كفاية الطالب الرباني"(2/ 185 - 186). فإذا أجازوا أن يكون رأس مال السلم جزافا، فمن باب أولى أن لا يشترطوا بيان مقداره، ويقولوا بجواز الإشارة مطلقا من غير فرق بين ما يتعلق العقد بقدره وما لا يتعلق بقدره.
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 202).
(3)
"فتح القدير"(7/ 90 - 91).