الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: [إني أكره أن أُزيِّن سلعتي بالكذب](1).
وهذه المقولة محمولة على أحد أمرين:
الأول: تحمل على أن مراده الرقم الذي يجهله المتعاقدان أو أحدهما.
الثاني: تحمل على أن مراده أن يشتري السلعة ثم يزيد على ثمن الشراء ويضع الزيادة مرقومة عليه، ويبيعها مرابحة على هذا الرقم، ولا يبين أن ما وضعه عليها غير ما اشتراها به، وهذا أظهر في مراده؛ لأنه قال: أكره أن أزين سلعتي بالكذب، والبيع بالرقم لا مدخل للكذب فيه. وهذا المراد جاء صريحا عن بعض الأئمة كالإمام مالك (2) ونافع (3) وربيعة وإبراهيم (4).
وكذا خالف في المسألة ابن حزم من الظاهرية، فقال بعدم الجواز (5). ويظهر -واللَّه أعلم- أن مراده محمول على ما حُمِل عليه مراد طاوس.
النتيجة:
صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم أو شذوذ الخلاف فيها. واللَّه أعلم.
74] جواز الحلول والتأجيل في ثمن المبيع:
• المراد بالمسألة: الثمن الذي يكون بدلا عن المبيع يجوز أن يكون حالا، ويجوز أن يكون مؤجلا، لكن يشترط في الأجل أن يكون معلوما، وأن لا يكون طويلا طولا خارجا عن العادة، وكذلك لا يكون المبيع مما يؤكل أو يشرب، وهذا الأمر مجمع عليه بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
(1) أخرجه عنه: عبد الرزاق في "مصنفه"(8/ 234)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 134).
(2)
"المدونة"(3/ 204).
(3)
نافع القرشي العدوي مولاهم أبو عبد اللَّه مولى ابن عمر وراويته، الإمام الفقيه عالم المدينة، كان كثير الحديث، اتفقت الأمة على أنه حجة مطلقا، قال البخاري: [أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، توفي عام (117 هـ). "سير أعلام النبلاء"(5/ 95)، تذكرة الحفاظ" (1/ 99).
(4)
أخرج الآثار عنهم: ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 134).
(5)
"المحلى"(7/ 501)، ولم أجد ابن حزم استدل على قوله بدليل.
• ابن المنذر (318 هـ) يقول: [وأجمعوا على أن من باع معلوما من السلع، بمعلوم من الثمن، إلى أجل معلوم من شهور العرب، أو إلى أيام معروفة العدد، أن البيع جائز](1).
• ابن بطال (449 هـ) يقول: [والعلماء مجمعون على جواز البيع بالنسيئة](2). نقله عنه ابن حجر (3).
• ابن حزم (456 هـ) يقول: [واتفقوا أن الابتياع بدنانير أو دراهم حالة أو في الذمة، غير مقبوضة، أو بهما إلى أجل محدود بالأيام، أو بالأهلة، أو الساعات، أو الأعوام القمرية، جائز، ما لم يتطاول الأجل جدا، وما لم يكن المبيع مما يؤكل أو يشرب](4).
• ابن هبيرة (560 هـ) يقول: [واتفقوا على جواز البيع بالثمن الحال والمؤجل](5).
• أبو عبد اللَّه القرطبي (671 هـ) يقول: [لا خلاف بين العلماء أن من باع معلوما من السلع، بثمن معلوم، إلى أجل معلوم من شهور العرب، أو إلى أيام معروفة العدد، أن البيع جائز](6).
• ابن القيم (751 هـ) يقول: [الأمة مجمعة على جواز اشتراط الرهن، والكفيل، والضمين، والتأجيل، والخيار ثلاثة أيام، ونقد غير نقد البلد](7). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (8).
(1)"الإشراف"(6/ 104)، "الإجماع"(ص 134). لكنه في الإجماع أسقط [أو أيام معروفة العدد] وربما كان هذا من النساخ.
(2)
"شرح ابن بطال على صحيح البخاري"(6/ 208).
(3)
"فتح الباري"(4/ 302).
(4)
"مراتب الإجماع"(ص 152).
(5)
"الإفصاح"(1/ 276).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(2/ 344). ومما ينبغي أن يشار إليه هنا: أن المالكية يرون جواز التأجيل إلى العطاء والحصاد ونحوه إذا كان معروف الميقات خلافا للجمهور، بناء على اعتبار أن هذا الأجل معلوم عندهم. ينظر:"المنتقى"(4/ 298).
(7)
"إعلام الموقعين"(2/ 250).
(8)
"حاشية الروض المربع"(4/ 393).