الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمالكية (1)، والحنابلة على المشهور (2)، وابن حزم (3).
• مستند الإجماع: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ينقل عنهم أنهم كانوا يغسلون ثيابهم عندما يصيبهم أثر من الوضوء (4).
• وجه الدلالة: حيث إذا كان يجب غسل الماء المستعمل من الثوب؛ فلِمَ لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه، ولم ينقل عنهم؛ فدل ذلك على عدم تأثره؛ إذ الحاجة تدعو لنقله لو ثبت، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف في المسألة أبو حنيفة في رواية أبي يوسف والحسن بن زياد (5)، والحنابلة في رواية (6)، فقالوا: بنجاسة ما يقطر من العضو على الثوب (7).
وأصل هذا القول؛ عند الحديث عن الماء المستعمل، ما حكمه؟
فهناك رواية لأبي حنيفة (8)، ورواية لأحمد (9) بأنه نجس، ومن ثم يجب غسله من البدن. بل هناك رواية عن أبي حنيفة، بأن الماء المستعمل مغلَّظ النجاسة (10)، فلا بد إذًا من غسلها، ما دامت مغلظة النجاسة.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من جنابة"(11).
قالوا: والبول ينجس الماء، فكذا الاغتسال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنهما جميعًا، أي أنه يدل على المساواة بينهما (12)، فالماء المستعمل في طهارة نجس.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.
[24 - 24] الانتفاع بالماء المستعمل في غير الطهارة:
إذا كان لدى المسلم ماء مستعملًا في طهارة، وأراد أن يستعمله في شرب أو طبخ أو غيره، فإن ذلك جائز.
(1)"مواهب الجليل"(1/ 67).
(2)
انظر: "الفروع"(1/ 79)، "الإنصاف"(1/ 36).
(3)
"المحلى"(1/ 182).
(4)
"مجموع الفتاوى"(21/ 68)، "المجموع"(1/ 204).
(5)
"بدائع الصنائع"(1/ 66).
(6)
"الإنصاف"(1/ 35).
(7)
"الإنصاف"(1/ 35).
(8)
"بدائع الصنائع"(1/ 66).
(9)
"الإنصاف"(1/ 36).
(10)
"فتح القدير"(1/ 85)، "مجمع الأنهر" لداماد (1/ 30).
(11)
سبق تخريجه.
(12)
"نيل الأوطار"(1/ 33)، وانظر:"بدائع الصنائع"(1/ 67).
• من نقل الاتفاق: النووي (676 هـ) حيث يقول: "فإن قيل: لا يلزم من عدم جمعه الماء المستعمل -منع الطهارة به، ولهذا لم يجمعوه للشرب والطبخ والعجن والتبرد ونحوها، مع جوازها به بالاتفاق"(1).
• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق الحنفية على القول بطهارة الماء المستعمل، وعلى القول بنجاسته نجاسةً خفيفةً (2)، والمالكية (3)، والحنابلة (4)، وابن حزم (5).
• مستند الاتفاق:
1 -
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48].
• وجه الدلالة: حيث إن الآية تدل على أن الأصل في الماء الطهورية، وهذا الماء لم يتغير بحيث أصبح لا يسمى ماء، فيبقى على أصله فيكون طاهرًا، ويجوز استعماله، واللَّه تعالى أعلم.
2 -
أن الأصل في استعمال الماء الإباحة، وهذا الماء المستعمل يشمله هذا الحكم، ولا يخرج من هذا الأصل إلا بدليل، ولا دليل يخرجه من هذا الأصل، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: يقول الشوكاني رحمه الله: "الإجماع على إضاعته وعدم الانتفاع به -أي الماء المستعمل-"(6).
وهذا الكلام يصادم كلام النووي السابق تمامًا، ولكن -واللَّه أعلم- أن الشوكاني رحمه الله لا يقصد مسألتنا، بل يقصد مسألة الماء المستعمل في الطهارة.
ويظهر أيضًا أنه لا يقصد الإجماع الاصطلاحي، بل يقصد العادة، حيث جرت عادة الناس جميعهم على عدم الاستفادة من الماء الذي يسقط من اليد مثلًا بعد الوضوء، ولا يقصد الإجماع الاصطلاحي، إذ الخلاف في هذه المسألة مشهور.
وحتى نتأكد من ذلك؛ فالشوكاني ساق هذا الكلام في معرض الاستدلال لأبي حنيفة ومن معه على نجاسة الماء المستعمل، ثم أجاب على أدلتهم، وأجاب عن هذا الاستدلال بقوله: "وعن الثاني -أي الدليل الثاني- بأن الإضاعة لإغناء غيره عنه، لا
(1)"المجموع"(1/ 206).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 66)، "البحر الرائق"(1/ 101).
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 67).
(4)
"المغني"(1/ 34).
(5)
"المحلى"(1/ 182).
(6)
"نيل الأوطار"(1/ 33 - 34).