الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكون ميتة، وهو محرم الأكل (1).
وهناك قول عندهم بكراهة أكله (2)، وعليه فمن أكله فهو غير آثم، وهو ممن يؤكل لحمه، فيدخل في بول مأكول اللحم، الطاهر عند المالكية.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق، لوجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.
[20 - 357] نجاسة الدم المسفوح:
الدم المسفوح: هو الدم السائل (3)، ويقال: سفح الماء إذا انصب فهو مسفوح (4).
فإذا كان الدم مسفوحًا، فإنه يكون نجسًا، وقد حكى عدد من العلماء الإجماع على ذلك.
وهناك مستثنيات في هذه المسألة، لا تدخل فيما نحن بصدده، وبما أنه قد يشتبه على القارئ دخولها؛ فسأذكرها وهي:
1 -
الدم اليسير.
2 -
دم عروق المأكول.
3 -
دم السمك.
4 -
دم البق والذباب ونحوه، مما لا نفس له سائلة.
5 -
دم الشهيد.
6 -
الكبد والطحال.
7 -
المسك.
8 -
العلقة التي يخلق منها الإنسان، والحيوان الطاهر.
فهذه الدماء المستثناة، منها ما هو متفق على طهارته، ومنها ما اشتهر الخلاف فيها، ولذا فهي خارجة عما نحن بصدده (5).
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أن الكثير من الدم، أيَّ دم كان، حاشا دم السمك وما لا يسيل دمه نجس"(6).
ويقول أيضًا: "فإن الدم الذي في أعلى القدر، إن كان أحمر ظاهرًا فهو بلا شك مسفوح، ولا خلاف في تحريمه"(7)، ونفيه للخلاف هنا منصب على الدم المسفوح،
(1)"حاشية الصاوي"(1/ 46)، (2/ 186).
(2)
"مواهب الجليل"(3/ 236)، و"حاشية الصاوي"(1/ 46)، (2/ 186).
(3)
"طلبة الطلبة"(9).
(4)
"المصباح المنير"(106).
(5)
انظر: "المجموع"(2/ 576)، و"الإنصاف"(1/ 325).
(6)
"مراتب الإجماع"(39).
(7)
"المحلى"(6/ 57) وهو لا يفرق بين المسفوح وغيره، فكله حرام نجس.
وليس الكلام السابق.
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وهذا إجماع من المسلمين أن الدم المسفوح رجس نجس"(1).
ويقول أيضًا: "ولا خلاف أن الدم المسفوح رجس نجس"(2).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "وأما أنواع النجاسات فإن العلماء اتفقوا من أعيانها على أربعة: . . . وعلى الدم نفسه من الحيوان الذي ليس بمائي، انفصل من الحي، أو الميت، إذا كان مسفوحًا، أعني كثيرًا"(3).
ويقول أيضًا: "اتفق العلماء على أن دم الحيوان البري نجس"(4).
القرطبي (671 هـ) حيث يقول: "اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس"(5).
ويقول أيضًا: "ذكر اللَّه تعالى الدم ها هنا مطلقًا، وقيده في الأنعام بقوله: "مسفوحا" وحمل العلماء ها هنا المطلق على المقيد إجماعًا"(6).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "والدلائل على نجاسة الدم متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافًا عن أحد من المسلمين، إلا ما حكاه صاحب "الحاوي" عن بعض المتكلمين، أنه قال: هو طاهر"(7).
وحكى الشوكاني عنه الإجماع في دم الحيض (8).
القرافي (684 هـ) حيث يقول: "والدم المسفوح نجس إجماعًا"(9).
ابن حجر (852 هـ) حيث يقول: "والدم نجس اتفاقًا"(10).
العيني (855 هـ) حيث يقول: "ونجاسته مجمع عليها بلا خلاف، وهو حجة قطعية، والمراد من الدم الدم المسفوح"(11).
ويقول: "وفيه (12) دلالة على نجاسة الدم، وهو إجماع المسلمين"(13).
(1) التمهيد" (22/ 230)، وانظر: "التاج والإكليل" (1/ 136)، (1/ 151)، و"مواهب الجليل" (1/ 96).
(2)
الاستذكار" (1/ 331).
(3)
"بداية المجتهد"(1/ 116).
(4)
"بداية المجتهد"(1/ 120).
(5)
"تفسير القرطبي"(2/ 149) ق، (2/ 222).
(6)
"تفسير القرطبي"(2/ 149) ق، (2/ 222).
(7)
"المجموع"(2/ 576).
(8)
"نيل الأوطار"(1/ 58).
(9)
"الذخيرة"(1/ 185).
(10)
"فتح الباري"(1/ 352).
(11)
"البناية"(1/ 727)، وانظر:(1/ 201).
(12)
أي: حديث "حتيه ثم اقرصيه" في الحيض، وسيأتي في المستند.
(13)
"البناية"(1/ 702).
ابن نجيم (970 هـ) حيث يقول: "إذا استاك للصلاة ربما يخرج منه دم، وهو نجس بالإجماع"(1).
ابن حجر الهيتمي (974 هـ) في سياق ذكره للنجاسات: "ودم إجماعًا"(2)، أي أن الدم نجس إجماعًا.
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنابلة (3).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى حرم هذه الأشياء، ووصفها بأنها رجس، والرجس هو النجس (4)، فدل على أن الدم المسفوح نجس.
2 -
حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة:"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي"(5).
3 -
حديث أسماء رضي الله عنها، قالت:"جاءت امرأة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض، كيف تصنع به؟ قال: "تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه" (6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل في الحديث الأول، ولا يغسل إلا النجس، وفي الثاني أمر بالحت، ثم القرص، ثم النضح، مما يدل على نجاسة الدم (7).
• الخلاف في المسألة: سبقت الإشارة إلى نقل النووي لخلاف بعض المتكلمين، ثم علق هو بعد ذلك بقوله:"ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع والخلاف، على المذهب الصحيح، الذي عليه جمهور أهل الأصول، من أصحابنا وغيرهم، لا سيما في المسائل الفقهيات"(8).
(1)"البحر الرائق"(1/ 21).
(2)
"تحفة المحتاج"(1/ 293).
(3)
"الإنصاف"(1/ 327).
(4)
"فتح القدير" للشوكاني (2/ 244).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
البخاري كتاب الوضوء، باب غسل الدم، (ح 225)، (1/ 91)، مسلم كتاب الطهارة، باب نجاسة الدم وكيفية غسله، (ح 291)، (1/ 240).
(7)
"البناية"(1/ 702).
(8)
"المجموع"(2/ 576).