الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى عشر حجج؛ ما لم يجد الماء" (1).
• وجه الدلالة: أن التراب طهور المسلم مع عدم الماء، وهذا فيه إباحة وزيادة.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، وهذه المسألة أشبه بالإجماع على أقل ما قيل، فمن قال بأن التيمم رافع للحدث مطلقًا -وهو أبو سلمة ومن معه- (2) يقول بالإباحة وزيادة، ومن قال بأن التيمم يبطل بوجود الماء؛ فقد قال بمسألتنا أيضًا، ولا يخالف فيها أي من الطرفين، واللَّه تعالى أعلم.
[12 - 299] رؤية الماء أثناء التيمم تبطله:
إذا شرع مسلم بالتيمم، وفي أثنائه رأى الماء، فإنه يبطل تيممه، وعليه أن يتوضأ بالماء.
• من نقل الإجماع: القاضي أبو الطيب الطبري (450 هـ) حيث نقل الإجماع على أنه إذا رأى الماء أثناء التيمم بطل تيممه. نقله عنه النووي (3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (4)، والمالكية (5)، والحنابلة (6)، وابن حزم (7).
• مستند الإجماع: يستند في هذه المسألة بما تستند إليه مسألة وجوب استعمال الماء إذا وجد، وقد سبقت، إلا أنه يضاف هنا أنه برؤيته الماء قبل إنهائه التيمم، فهو قد رآه قبل إتمام الطهارة، وإحداثه للتيمم مع وجود الماء غير جائز، وبهذا يبطل ما استدل به المخالفون هناك -أبو سلمة ومن معه- ويدخلون في هذه المسألة من الموافقين، واللَّه تعالى أعلم (8).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[13 - 300] مشروعية التيمم للجنب:
إذا أجنب المسلم، وتحققت فيه شروط جواز التيمم، فإنه يشرع له أن يتيمم، وعليه
(1) سبق تخريجه.
(2)
التيمم لا يرفع الحدث ولا الجنابة.
(3)
"المجموع"(2/ 349).
(4)
"بدائع الصنائع"(1/ 57).
(5)
"الاستذكار"(1/ 314).
(6)
"المغني"(1/ 329).
(7)
"المحلى"(1/ 351).
(8)
"المجموع"(2/ 349).
حُكي الإجماع.
• من نقل الإجماع: الترمذي (279 هـ) حيث يقول: "وهو قول عامة الفقهاء؛ أن الجنب والحائض إذا لم يجدا الماء، تيمما وصليا"(1).
ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "وأما كون عمل التيمم للجنابة، وللحيض، وللنفاس، ولسائر ما ذكرنا (2) كصفته لرفع الحدث؛ فإجماع لا خلاف فيه، من كل من يقول بشيء من هذه الأغسال، وبالتيمم لها"(3).
وهذا وإن كان ظاهره أنه يحكي الإجماع؛ إلا أنه بعد التأمل ليس فيه حكاية، إذ أنه قيده بمن يقول بهذه الأغسال، فهو يقصد إجماع القائلين، وليس إجماع العلماء، واللَّه أعلم (4).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وأجمع العلماء بالأمصار بالمشرق والمغرب، فيما علمت، أن التيمم بالصعيد عند عدم الماء طهورُ كل مسلم، مريضٌ؛ أو مسافر، وسواء كان جنبًا؛ أو على غير وضوء، ولا يختلفون في ذلك"(5).
ابن العربي (543 هـ) حيث يقول: "قال بعضهم: وقد حكي عن عبد اللَّه بن مسعود أنه لا يجوز -تيمم الجنب- وانعقد الإجماع بعد ذلك على جوازه بهذه النصوص (6) "(7).
ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول عن التيمم: "وأجمعوا على أنه يجوز للجنب بشرطه؛ كما يجوز للمحدث"(8).
ونقل نحو عبارته ابن قاسم دون إشارة (9).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا على أن التيمم مختص بالوجه واليدين،
(1)"سنن الترمذي"(1/ 160) مع العارضة.
(2)
يريد عبارته هذه: "من طهارة للصلاة، أو جنابة، أو إيلاج في الفرج، أو طهارة من حيض، أو من نفاس، أو ليوم الجمعة، أو من غسل الميت"، "المحلى"(1/ 368).
(3)
"المحلى"(1/ 368).
(4)
انظر: "المحلى"(1/ 368)، وقد حكى الخلاف وناقشه.
(5)
"الاستذكار"(1/ 303).
(6)
يريد حديث عمار وغيره، وسيأتي في المستند.
(7)
"عارضة الأحوذي"(1/ 157).
(8)
"الإفصاح"(1/ 46).
(9)
"حاشية الروض"(1/ 301).
سواء تيمم عن الحدث الأصغر أو الأكبر، سواء تيمم عن كل الأعضاء أو بعضها" (1).
وقال: "وكذلك أجمع أهل هذه الأعصار، ومن قبلهم، على جوازه للجنب والحائض، والنفساء، ولم يخالف فيه أحد من الخلف، ولا أحد من السلف، إلا ما جاء عن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن مسعود، وحُكي مثله عن إبراهيم النخعي الإمام التابعي، وقيل: إن عمر وعبد اللَّه رجعا عنه"(2). ونقله عنه العيني (3).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "وكان هو -يعني عمر بن الخطاب- وابن مسعود يريان أن الجنب لا يتيمم، وخالفهما عمار، وأبو موسى، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة، وأطبق العلماء على قول هؤلاء؛ لما كان معهم الكتاب والسنة"(4).
ابن الملقن (804 هـ) حيث نقل عبارة النووي السابقة، ولكنه لم يُشِرْ (5).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "والحديث (6) يدل على مشروعية التيمم للصلاة عند عدم الماء؛ من غير فرق بين الجنب وغيره، وقد أجمع على ذلك العلماء، ولم يخالف فيه أحد من الخلف، ولا من السلف؛ إلا ما جاء عن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن مسعود، وحكي مثله عن إبراهيم النخعي من عدم جوازه للجنب، وقيل: إن عمر وعبد اللَّه رجعا عن ذلك"(7).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع علي، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وأبو موسى، وعمار رضي الله عنهم، والثوري، وأبو ثور، وإسحاق، وابن المنذر (8)، والحنفية (9).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، ثم قال تعالى:
(1)"المجموع"(2/ 239)، وانظر:(2/ 240) استخدم فيها لفظ "العلماء كافة".
(2)
"شرح مسلم"(4/ 57).
(3)
"البناية"(1/ 530).
(4)
"مجموع الفتاوى"(33/ 89)، و"المغني"(1/ 334).
(5)
"الإعلام"(2/ 110)، وهذه طريقة المتقدمين رحمهم اللَّه تعالى، وبلفظ:"العلماء كافة" في (2/ 137).
(6)
يقصد حديث عمران بن حصين، وقد سبق تخريجه.
(7)
"نيل الأوطار"(1/ 320)، ويبدو أنه نقله عن النووي كعادته.
(8)
"المغني"(1/ 334).
(9)
"المبسوط"(1/ 111)، و"تبيين الحقائق"(1/ 38).
{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
• وجه الدلالة: أن قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا} عائد إلى المحدث والجنب جميعًا، بدليل السياق (1).
2 -
حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت؛ فلم أجد الماء؛ فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال:"إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا"، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه (2).
• وجه الدلالة: أن عمار رضي الله عنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان جنبًا، ثم أخبره عليه الصلاة والسلام أنه كان يكفيه التيمم بضربة اليد إلى آخره، فدل على مشروعية التيمم للجنب (3)، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة عمر، وابن مسعود، وإبراهيم النخعي، والأسود (4)، فقالوا: إن الجنب لا يتيمم (5).
وقيل إن عمر وابن مسعود رجعا، وقد سبق (6).
وحكى ابن رشد الخلاف في المسألة، وقال عن القول الأول:"وبه قال عامة الفقهاء"(7).
وقال ابن عبد البر: "ولم يقل بقول عمر وعبد اللَّه -يعني: ابن مسعود- في هذه المسألة أحدٌ من فقهاء الأمصار، من أهل الرأي وحملة الآثار"(8).
وهو غير صحيح، حيث ورد القول عن غيرهم.
واستدلوا: بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].
فأوجب التطهر، وقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
(1)"المبسوط"(1/ 111)، و"المجموع"(2/ 240).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
انظر مثالًا لا حصرًا: "المغني"(1/ 334).
(4)
"المحلى"(1/ 367).
(5)
"الاستذكار"(1/ 303)، و"شرح مسلم"(4/ 57)، و"نيل الأوطار"(1/ 320).
(6)
وانظر: "سنن الترمذي"(1/ 160) مع "العارضة".
(7)
"بداية المجتهد"(1/ 101).
(8)
نقله عنه في "تفسير القرطبي"(5/ 223).