الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "والحديث (1) يدل على استحباب البداءة بالميامن، ولا خلاف فيه"(2).
• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق الحنفية (3)، والمالكية (4)، والحنابلة (5)، وابن حزم (6).
• مستند الاتفاق:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة؛ دعا بشيء نحو الحلاب (7)، فأخذ بكفه، فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم أخذ بكفيه، فقال بهما على رأسه"(8).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بشق رأسه الأيمن، وهذه سنة فعلية منه عليه الصلاة والسلام (9).
2 -
حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله"(10).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن فى شأنه كله، والغسل من شأنه عليه الصلاة والسلام (11).
النتيجة:
أن الاتفاق متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.
[43 - 276] إجزاء الانغماس في الماء للغسل:
إذا وقع من يجب عليه الغسل في ماءٍ؛ أو وقف تحت ميزابٍ، ونوى الغسل، فإن
(1) يريد حديث عائشة، وسيأتي في المستند.
(2)
"نيل الأوطار"(1/ 307).
(3)
"العناية"(1/ 35)، و"فتح القدير"(1/ 35)، وهم يذكرون ذلك في الوضوء، إلا أنهم يُجرونه في الغسل أيضًا.
(4)
"التاج والإكليل"(1/ 460)، و"مواهب الجليل"(1/ 315).
(5)
"شرح منتهى الإرادات"(1/ 86).
(6)
"المحلى"(1/ 275).
(7)
الحلاب: إناء يسع قدر حلبة ناقة، "نيل الأوطار"(1/ 307).
(8)
البخاري كتاب الغسل، باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل، (ح 255)، (1/ 102)، مسلم كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة، (ح 318)، (1/ 255).
(9)
"نيل الأوطار"(1/ 307).
(10)
سبق تخريجه.
(11)
انظر: "العناية"(1/ 35)، و"فتح القدير"(1/ 35).
ذلك يجزئه (1).
• من نقل الإجماع: الترمذي (279 هـ) حيث يقول: "والعمل على هذا عند أهل العلم، وقالوا: إنِ انغمس الجنب في الماء ولم يتوضأ؛ أجزأه، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق"(2).
نقل ابن حزم عمَّن يرى وجوب التدلّك (3) للغسل قوله: "واحتج من رأى التدلك فرضًا؛ بأن قال: قد صح الإجماع على أن الغسل إذا تدلك فيه، فإنه قد تم، واختلف فيه إذا لم يتدلك، فالواجب أن لا يجزئ زوال الجنابة إلا بالإجماع"(4).
ابن العربي (543 هـ) حيث يقول: "إذا عم المرء نفسه بالماء أجزأه إجماعًا، إلا أن الأفضل له أن يمتثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم"(5).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "أجمعوا أن الجنب إذا انغمس في النهر، وتدلك فيه للغسل؛ أن ذلك يجزئه، وإن كان لم ينقل الماء بيديه إليه، ولا صبه عليه، وكذلك الوضوء، ولا يلزم نقل الماء إلى العضو". نقله عنه الموّاق (6)، والحطاب (7)، ويلاحظ أنه قيده بالدَّلْك.
النووي (676 هـ) حيث يقول: "الإجماع منعقد على أن من وقع في ماء؛ أو وقف تحت ميزاب ونوى؛ صح وضوؤه وغسله"(8).
وقال في موضع آخر: "مذهبنا أن دلك الأعضاء في الغسل وفي الوضوء سنة ليس بواجب، فلو أفاض الماء عليه فوصل به، ولم يمسه بيديه؛ أو انغمس في ماء كثير؛ أو وقف تحت ميزاب؛ أو تحت المطر؛ ناويًا، فوصل شعره وبشره؛ أجزأه وضوؤه وغسله، وبه قال العلماء كافة؛ إلا مالكًا والمزني، فإنهما شرطاه في صحة الغسل والوضوء"(9).
(1) ولا تتحدث المسألة عن التفصيلات، كاشتراط الدّلك، إذ به ليس في المسألة إجماع.
(2)
"سنن الترمذي"(1/ 130) مع "العارضة".
(3)
هو قول عطاء، والمالكية في المشهور، والمزني، "المغني"(1/ 290)، و"مواهب الجليل"(1/ 218)، و"المجموع"(2/ 214).
(4)
"المحلى"(1/ 277)، ولم يذكر عمن نقل.
(5)
"أحكام القرآن"(1/ 558).
(6)
"التاج والإكليل"(1/ 322).
(7)
"مواهب الجليل"(1/ 221).
(8)
"المجموع"(1/ 383).
(9)
"المجموع"(2/ 214).
والاستثناء الذي ذكره لا ينقض مسألتنا؛ إذ هو في التفصيلات، واشتراط الدلك.
الحطّاب (954 هـ) حيث يقول: "كما أن الجنب إذا انغمس في نهر، وتدلك؛ فإنه يجزئه اتفاقًا"(1).
ويلاحظ أنه قيده بالدَّلْك أيضًا.
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع في إجزاء الانغماس في الغسل سفيانُ الثوري، والأوزاعي، وداود (2)، والحنفية باستثناء أبي يوسف (3)، والمالكية (4)، والحنابلة، ولكن بشرط أن يكون جاريًا؛ أو يتحرك قليلًا في الراكد، ويمسح رأسه، ويغسل قدميه بعده (5)، وابن حزم فيما عدا غسل الجنابة (6).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك"(7).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بإمساس الماء، ولم يأمره بإمرار اليد، فدل على كفاية إمساس الماء، كما في مسألتنا (8).
2 -
أن الانغماس غسل، فلا يجب إمرار اليد فيه؛ كغسل الإناء من ولوغ الكلب، حيث لا يجب فيه إمرار اليد، بل يكفي فيه الغسل (9).
3 -
أن الانغماس في الماء مع إمرار اليد على الأعضاء هو تمامٌ للغسل، وإتيان بالأمر بالاغتسال، فيطلق عليه أنه اغتسل بالماء وتدلك، فكان ذلك مجزئا، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف أبو يوسف، واشترط الصبَّ لإسقاط الفرض (10).
ولم أجد له دليلًا.
وخالف ابن حزم في غسل الجنابة فقط، وقال: يجب عليه أن ينوي تقديم رأسه قبل
(1)"مواهب الجليل"(1/ 220).
(2)
"المحلى"(1/ 276).
(3)
"فتح القدير"(1/ 58).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 218).
(5)
"المغني"(1/ 191).
(6)
"المحلى"(1/ 287)، وأضاف غسل الجمعة في (1/ 294).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
"المجموع"(2/ 214)، وهذا على القول بعدم وجوب الدلك.
(9)
"المجموع"(2/ 214)، وهذا على القول بعدم وجوب الدلك أيضًا.
(10)
"فتح القدير"(1/ 91)، و"البحر الرائق"(1/ 103).