الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحكى الحطاب في المسألة الخلاف، وسمى الرأي الأول بالمشهور (1).
وخالف الشافعية على الوجه الأشهر عندهم (2)، والحنابلة على قول عندهم (3)، فقالوا بعدم وجوب الوضوء.
واستدلوا بقول اللَّه تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: 217] فحيث شرط الموت لحبوط العمل، إذًا لا تبطل الطهارة (4).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، أما إذا كان المقصود أنه بإسلامه ستجب عليه الصلاة، ومن ثم يجب عليه الوضوء، ففي هذه الحالة الإجماع متحقق في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[15 - 248] الغسل يجزئ عن الوضوء:
إذا اغتسل الجنب، ولم يتوضأ قبل اغتساله ولا بعده، فإنه يجزئه غسله عن الوضوء (5).
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "فإن لم يتوضأ المغتسل للجنابة قبل الغسل، ولكنه عم جسده ورأسه ويديه وجميع بدنه بالغسل بالماء، وأسبغ ذلك؛ فقد أدى ما عليه، إذا قصد الغسل ونواه. . .، وهذا إجماع من العلماء لا خلاف بينهم فيه، والحمد للَّه"(6). ونقله عنه ابن قدامة (7).
ابن العربي (543 هـ) حيث يقول: "لم يختلف أحد من العلماء في أن الوضوء داخل في الغسل، وأن نية طهارة الجنابة. . . يأتي على طهارة الحدث ويقضي عليها"(8). ونقله الشوكاني (9)، وصديق خان عنه (10).
العدوي (1189 هـ) حيث يقول: "ويجزئ -الغسل- عن الوضوء اتفاقًا"(11).
(1)"مواهب الجليل"(1/ 300).
(2)
"المجموع"(2/ 5).
(3)
"الفروع"(1/ 185).
(4)
"المغني"(1/ 238).
(5)
لا تناقش مسألتنا النية في الاغتسال، هل نوى الوضوء، أو لا؟ فالمسألة بعمومها.
(6)
"الاستذكار"(1/ 260).
(7)
"المغني"(1/ 289).
(8)
ولم أجد هذه العبارة عنده.
(9)
"نيل الأوطار"(1/ 308).
(10)
"الروضة الندية"(1/ 165).
(11)
"حاشية العدوي على شرح الخرشي"(1/ 167).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (1)، والشافعية في وجه (2)، والحنابلة على المذهب عندهم (3)، وابن حزم، إلا أنه اشترط أن يبدأ بالرأس ثم الجسد (4).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، وقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى إنما افترض على الجنب الغسل دون الوضوء (5)، فلم يذكر الوضوء مع الحاجة لذكره لو كان واجبًا، ولم يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم إيجابه، فدل على عدم وجوبه.
2 -
يقول السرخسي: "والاطِّهار -يقصد في الآية- يحصل بغسل جميع البدن، ولأن مبنى الأسباب الموجبة للطهارة على التداخل"(6).
• الخلاف في المسألة: خالف أحمد في رواية عنه، فقال: لا يجزئه الغسل عن الوضوء، حتى يأتي به قبل الغسل أو بعده (7).
وهو قول أبي ثور، وداود كما سبق، وحكاه السرخسي قولًا للعلماء (8).
واحتجوا بأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب اتباعه (9).
وأما الشافعية، فقالوا: عندما يكون قد أحدث قبل الجنابة، فلديهم في هذه المسألة ثلاثة أوجه، والمخالف لمسألتنا منها قولان:
أحدهما: أن عليه أن يجمع بين الوضوء والغسل.
والثاني: أنه لا يجب عليه الجمع بينهما، ولكن يجب الترتيب في الغسل، فيكون قد توضأ بذلك (10).
وهذان الوجهان عندهم يخالفان مسألتنا في حالة الحدث قبل الجنابة فقط.
(1)"المبسوط"(1/ 44).
(2)
"الحاوي"(1/ 270)، و"المجموع"(2/ 223).
(3)
"المغني"(1/ 289)، و"الإنصاف"(1/ 259).
(4)
"المحلى"(1/ 275).
(5)
"الاستذكار"(1/ 260).
(6)
"المبسوط"(1/ 44).
(7)
"المغني"(1/ 289)، و"الإنصاف"(1/ 259).
(8)
"المبسوط"(1/ 44).
(9)
"المغني"(1/ 289).
(10)
"الحاوي"(1/ 270)، و"المجموع"(2/ 223).