الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[74 - 411] العفو عن أثر الاستجمار بعد الإنقاء:
إذا استجمر المسلم، فإن الأثر الباقي بعد إنقاء المحل معفو عنه، وقد نفى ابن قدامة الخلاف في ذلك.
• من نقل نفي الخلاف: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "وقد عفي عن النجاسات المغلظة لأجل محلها، في ثلاثة مواضع أحدها: محل الاستنجاء، يعفي فيه عن أثر الاستجمار بعد الإنقاء، واستيفاء العدد، بغير خلاف نعلمه"(1).
• الموافقون على نفي الخلاف: وافق على نفي الخلاف الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4).
• مستند نفي الخلاف: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أباح لنا الاستنجاء بالأحجار، وهي لا تزيل النجاسة بالكلية، بل يبقى أثر لاصق لا يزيله إلا الماء، ومع ذلك أباح لنا الاستنجاء، فدل على أن هذا الأثر معفو عنه، واللَّه تعالى أعلم (5).
النتيجة:
أن نفي الخلاف متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[75 - 412] إراقة المائع الواقع فيه نجاسة:
إذا وقعت نجاسة في مائع قليل، فإن المائع يجب أن يراق، ولا ينتفع به، وعليه حكى ابن حجر الإجماع.
• من نقل الإجماع: ابن حجر (852 هـ) حيث يقول في ترجيح القول بأن النهي عن إضاعة المال مخصوص بالأمر بإراقة المتنجس: "ويترجح هذا الثاني بالإجماع على إراقة ما تقع فيه النجاسة، من قليل المائعات، ولو عظم ثمنه"(6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الشافعية، والحنابلة في قول (7).
(1)"المغني"(2/ 486)، وانظر:"الفروع"(1/ 122)، "الإنصاف"(1/ 109).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 18).
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 284)، "شرح الخرشي"(1/ 148).
(4)
"المجموع"(2/ 118).
(5)
"المجموع"(2/ 118).
(6)
"فتح الباري"(1/ 277)، وانظر:"المجموع"(1/ 167).
(7)
"الفتاوى الكبرى"(1/ 255)، "شرح منتهى الإرادات"(1/ 110).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن، فقال:"إن كان جامدًا فألقوها وما حولها وإن كان مائعًا فلا تقربوه"(1).
• وجه الدلالة: أنه عليه الصلاة والسلام أمر بعدم الاقتراب منه، وهو ما يعني عدم الاستفادة منه وإراقته، واللَّه تعالى أعلم.
2 -
أنه لا يشق حفظ المائع من النجاسة، وإن كثر، بل العادة حفظه (2).
• الخلاف في المسألة: خالف الحنفية (3)، والمالكية (4)؛ فقالوا: بل ينتفع به ولا يراق.
واستدلوا: بأن نجاسته لم تكن لعينه، بل لمجاورة النجاسة إياه، كالثوب المتنجس (5).
خالف ابن حزم في المسألة (6)، وقال: إن الحكم مرتبط بالتغير، فإذا تغير المائع بالنجاسة يجتنب ويراق، وإلا فينتفع به.
وهناك رواية عن أحمد، وهو قول الزهري وغيره، أن المائعات لها حكم الماء، فلا تتنجس إلا بالتغير، واستظهر ابن تيمية هذا القول (7).
واستدلوا: بأن الحرج في الماء أقل في العادة من الأشربة والأطعمة، فإن في نجاستها من المشقة، والحرج، والضيق، ما لا يخفى على الناس، وقد عُلم أن جميع الفقهاء يعتبرون رفع الحرج في هذا الباب، فإذا لم ينجسوا الماء الكثير رفعًا للحرج؛ فكيف ينجسون نظيره من الأطعمة والأشربة، والحرج في هذا أشق (8).
يظهر مما سبق، أن الإجماع واقع داخل مذهب الشافعية فقط، والعجيب أن ابن حجر نفسه أشار إلى الخلاف في موضع آخر (9).
(1) أحمد (ح 7177)، (2/ 232)، أبو داود كتاب الأطعمة، باب في الفأرة تقع في السمن، (ح 3842)، (3/ 364)، الترمذي كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الفأرة تموت في السمن، (ح 1798)، (4/ 256)، النسائي كتاب الفرع والعتيرة، باب الفأرة تقع في السمن، (ح 4260)، (7/ 178)، وصححه النووي في "المجموع"(9/ 38).
(2)
"المجموع"(1/ 167).
(3)
"المبسوط"(1/ 95)، "بدائع الصنائع"(1/ 66).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 175).
(5)
"المبسوط"(1/ 95).
(6)
"المحلى"(1/ 141).
(7)
"الفتاوى الكبرى"(1/ 255).
(8)
"الفتاوى الكبرى"(1/ 255).
(9)
"فتح الباري"(1/ 344).