الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجوز الاستجمار بها.
3 -
أن العبرة بتنقية المحل، وأن لا يكون المنقي شيئا محترمًا، ولا نجسًا، فإذا لم يكن هذا، ولا ذاك، وكان منقيًا للمحل؛ فلا مانع من استِخدامه.
• الخلاف في المسألة: نقد ابن تيمية هذه الدعوى بأن الخلاف في المسألة معروف، وأن هناك روايتين معروفتين عن أحمد (1)، إحداهما بأن الاستجمار بغير الحجارة لا يجزئ (2).
ولم أجد لهم دليلًا، وقد يستدل لهذا القول بأن الوارد في النصوص، إنما هو مقتصر على ذكر الحجارة فقط؛ فيقتصر عليه.
وقد وجدته قولًا للمالكية أيضًا، ونقله الحطاب عن داود، وأصبغ (3).
وقد عللوا ذلك: بأن الاستنجاء بالأحجار رخصة؛ فيجب الاقتصار عليها (4).
النتيجة:
أن الاتفاق غير متحقق، لوجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[7 - 59] جواز الاستجمار مع وجود الماء:
إذا أراد الإنسان تنقية المحل، فإنه يجوز له أن يستجمر مع وجود الماء، وقد حكى الإجماع على ذلك عدد من العلماء.
• من نقل الإجماع: الجصاص (370 هـ) حيث يقول: "اتفاق الجميع على جواز صلاة المستنجي بالأحجار مع وجود الماء، وعدم الضرورة، في العدول عنه إلى الأحجار"(5).
الباجي (474 هـ) حيث يقول: "وجميع الفقهاء على أن الاستجمار يجزي مع وجود الماء، وقال ابن حبيب: ليس الاستجمار يجزي؛ إلا مع عدم الماء، ولعله أراد بذلك وجه الاستحباب، وإلا فهو خلاف الإجماع، فيما علمناه"(6).
الكاساني (587 هـ) حيث يقول: "ولأنا أجمعنا على جواز الصلاة بدون الاستنجاء
(1)"الإنصاف"(1/ 109)، وهي خلاف المذهب وقول أكثر الأصحاب عند الحنابلة.
(2)
نقد "مراتب الإجماع"(288).
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 286).
(4)
المرجع السابق.
(5)
"أحكام القرآن"(2/ 506).
(6)
"المنتقى شرح الموطأ"(1/ 73).
بالماء، ومعلوم أن الاستنجاء بالأحجار لا يستأصل النجاسة" (1).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "وإن اقتصر على الحجر أجزأه، بغير خلاف بين أهل العلم؛ لما ذكرنا من الأخبار، ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم"(2).
الزيلعي (743 هـ) حيث يقول: "لأن الطهارة من الأنجاس بالماء، شرط جواز الصلاة، فلا بد منها، إلا أنه اكتفى بغير الماء في موضع الاستنجاء؛ للضرورة؛ أو الإجماع"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الشافعية (4).
• مستند الإجماع: حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن؛ فإنها تجزئ عنه"(5).
• وجه الدلالة: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "تجزئ عنه"، ولم يفصل بوجود الماء، أو مع عدمه، وترك التفصيل في المقال، ينزل منزلة العموم في المقال، كما يقول الأصوليون، فيكون دليلًا على إجزاء الاستجمار، مع وجود الماء.
• الخلاف في المسألة: نقل الخلاف في هذه المسألة، عن بعض المالكية منهم ابن حبيب، أنهم يقولون بأنه لا يجوز الاستجمار؛ إلا مع عدم الماء (6).
ولكن بعد طول بحث، لم أجده ذكر عن غير ابن حبيب، بل لم ينص أحد من المالكية في هذا القول بأنه قول البعض، بل ينسبونه إلى ابن حبيب فقط، هذا فيما اطلعت عليه، ورأيته عند غيرهم ينسب إلى بعض المالكية (7)، بل حاول الباجي تأويل قوله؛ بأنه لعله أراد بذلك وجه الاستحباب، وجعله خلاف الإجماع (8).
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 80).
(2)
"المغني"(1/ 208).
(3)
"تبيين الحقائق"(1/ 77).
(4)
"الحاوي"(1/ 193).
(5)
أحمد (ح 25056)، (6/ 133)، أبو داود باب الاستنجاء بالحجارة، (ح 40)، (1/ 10)، النسائي كتاب الطهارة، باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها، (ح 44)، (1/ 41)، وصححه النووي في "المجموع"(2/ 221)، والألباني في "الإرواء"(ح 48)، وانظر:"التلخيص الحبير"(1/ 109).
(6)
"مواهب الجليل"(1/ 283)، و"المنتقى شرح الموطأ"(1/ 73)، و"حاشية الجمل"(1/ 92)، و"نيل الأوطار"(1/ 130).
(7)
"حاشية الجمل"(1/ 92)، و"نيل الأوطار"(1/ 130).
(8)
"المنتقى شرح الموطأ"(1/ 73).