الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعده: "وهو غلط صريح، فإن انتقاض الوضوء منوط بزوال العقل، فلا فرق فيه بين العاصي والمطيع"(1).
ولم أجد لهم دليلًا، إلا أن يستدل لهم بعدم الدليل الموجب للنقض، كما سبق في مسألة زوال العقل، واللَّه تعالى أعلم.
وقد سبق نقل خلاف الظاهرية في زوال العقل عمومًا، وهو هنا يندرج أيضًا.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[12 - 202] نوم المضطجع ينقض الوضوء:
إذا نام المتوضئ مضطجعًا، فإن وضوءه ينتقض، وقد حُكى الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وفي هذا الحديث (2) من الفقه؛ إيجابُ الوضوء من النوم، وهذا أمر مجتمع عليه في النائم المضطجع، الذي قد استثقل نومًا"(3).
وقال: "حجة من ذهب مذهب المزني (4) في النوم حديثُ صفوان بن عسال (5)، مع القياس على ما أجمعوا عليه في أن غلبة النوم وتمكنه حدثٌ يوجب الوضوء"(6).
ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا على أن نوم المضطجع، والمستند، والمتكئ ينقض الوضوء"(7).
الكاساني (587 هـ) حيث يقول معددًا للنواقض: "ومنها النوم مضطجعًا في الصلاة، أو في غيرها بلا خلاف بين الفقهاء، وحُكي عن النظَّام أنه ليس بحدث، ولا عبرة بخلافه لمخالفته الإجماع، وخروجه عن أهل الاجتهاد"(8).
وقال العيني: "وذكر في العارضي (9)، . .، قال: وأجمعوا على أن النوم المضطجع
(1)"المجموع"(2/ 25).
(2)
حديث غمس المستيقظ يده في الإناء، وسبق تخريجه.
(3)
"التمهيد"(18/ 237)، وذكر نحوها في "الاستذكار"(1/ 148)، وانظر:"مواهب الجليل"(1/ 294).
(4)
وهو أن النوم القليل حدث أيضًا.
(5)
سيأتي في المستند.
(6)
"التمهيد"(18/ 245)، ونقله في "الاستذكار"(1/ 151).
(7)
"الإفصاح"(1/ 35).
(8)
"بدائع الصنائع"(1/ 30).
(9)
ذكر هذا في سياق نقله عنه عن ابن القطان، وربما أنه يقصد "عارضة الأحوذي" لابن العربي، مع أنني لم =
ينقض الوضوء" (1).
الزيلعي (743 هـ) حيث يقول في أثناء نقاشه للمسألة: "هذا لا يخلو إما أن تكون مقعدته زائلة عن الأرض، أو لا، فإن كانت زائلة؛ نقض بالإجماع"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الشافعية (3)، والصحيح من مذهب الحنابلة (4)، وابن حزم (5).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم"(6).
2 -
حديث أنسٍ: "كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلون، ولا يتوضؤون"(7).
• وجه الدلالة في الحديث الأول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزعوا خفافهم للوضوء من أجل النوم؛ مما يدل على أن ناقض، وفي الثاني أن الصحابة ينامون ثم يصلون بلا وضوء، وهو يخصص عموم الأول، فيجمع بين الدليلين بأن المقصود بالنوم الناقض ما كان النائم فيه مستغرقًا ومقعدته زائلة عن الأرض كالمضطجع؛ إذ أنه لا يملك نفسه عندئذ (8)، وهو يدل أيضًا على أن النوم ناقض، حيث إنه قال: يصلون ولا يتوضؤون، مما يعني أنه على خلاف العادة من توضؤ النائم، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف في المسألة عدد من أهل العلم، فروي عن أبي موسى الأشعري، وعبيدة، أنهما لم يكونا يريان النوم حدثًا (9). ونقله ابن حزم عن الأوزاعي، وقال:"وهو قول صحيح عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وعن ابن عمر، وعن مكحول، وعبيدة السلماني"(10)، ثم قال: "ولقد ادعى بعضهم الإجماع على خلافه
= أجد هذه العبارة فيها.
(1)
"البناية"(1/ 285).
(2)
"تبيين الحقائق"(1/ 10).
(3)
"الحاوي"(1/ 215).
(4)
"المغني"(1/ 235)، و"الفروع"(1/ 179)، و"الإنصاف"(1/ 199).
(5)
"المحلى"(1/ 212).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
مسلم كتاب الحيض، باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، (ح 376)، (1/ 284).
(8)
"المغني"(1/ 235).
(9)
"التمهيد"(18/ 245)، و"الاستذكار"(1/ 151).
(10)
"المحلى"(1/ 212).