الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] يعني: إذا اغتسلن، هكذا فسره ابن عباس.
الثاني: أن اللَّه تعالى قال في الآية: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] فأثنى عليهم بالتطهّر، فيدل على أنه فِعْلٌ منهم أثنى عليهم به، وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم؛ إذ أن انقطاع الدم ليس فعلًا لهم، فشرط لإباحة الوطء شرطين: انقطاع الدم، والاغتسال، فلا يباح إلا بهما (1).
• الخلاف في المسألة: خالف طاوس، وعطاء، ومجاهد (2)؛ قالوا: يجوز أن يطأها بعد الوضوء.
واحتجوا: بأن المنع في قوله: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: 222] في الحائض، والتي انقطع دمها ليست حائضًا، فوجب التفريق في الحكم (3).
وقال الظاهرية، وابن حزم (4) بقولهم، وزادوا الجواز بعد غسل الفرج.
وأشكل عليَّ قول ابن مفلح: "وإن انقطع الدم أبيح فعل الصوم، . . .، وكذا الوطء عنده في الأصح، . . .، ولم يبح الباقي قبل غسلها"(5).
إذ أن ظاهره الجواز، وهو مخالف لكلام غيره من الحنابلة، واللَّه تعالى أعلم.
وخالف الحنفية (6) فيما إذا انقطع دمها لتمام أكثر مدة الحيض، أو مر عليها بعد الانقطاع وقت صلاة؛ فلا يشترطون الغُسل، وسيأتي مزيد بيان لهذا الكلام بإذن اللَّه.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.
[18 - 435] تحريم الوطء للحائض إذا طهرت حتى تغسل فرجها أو تتوضأ:
إذا طهرت المرأة من الحيض، فلا يجوز للزوج الوطء قبل أن تغسل المرأة فرجها.
(1)"المغني"(1/ 419).
(2)
"الأوسط"(2/ 214)، وقال عن الرواية عنهم:"فيها مقال"؛ "المحلى"(1/ 392)، وانظر:"المجموع"(2/ 397).
(3)
"الأوسط"(2/ 215)، وانظر:"المحلى"(1/ 391).
(4)
"المحلى"(1/ 391).
(5)
"الفروع"(1/ 261).
(6)
"البناية"(1/ 655)، "فتح القدير"(1/ 170)، "البحر الرائق"(1/ 213).
والوضوء مستلزم لغسل الفرج أيضًا في هذه الحالة.
• من نقل الإجماع: ابن جرير (310 هـ) حيث يقول: "أجمعوا على تحريم الوطء حتى تغسل فرجها، وإنما الخلاف بعد غسله"(1). نقله عنه النووي (2).
ويقول: "وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ "حتى يطَّهَّرن" بتشديدها وفتحها، بمعنى: حتى يغتسلن؛ لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع دم حيضها حتى تطهر"(3)، ثم بين الخلاف في الطهارة المجيزة، وأقل الأقوال هو غسل الفرج.
ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا أن الحائض إذا رأت الطهر، ما لم تغسل فرجها أو تتوضأ؛ فوطؤها حرام"(4).
القرطبي (671 هـ) حيث يقول: "لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر"(5)، وهي نحو عبارة ابن جرير، ولكن دون إشارة.
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية، فيما إذا انقطع دمها لأقل من أكثر مدة الحيض مع تمام العادة (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9)، والظاهرية (10).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى نهى عن قربان النساء بعد الحيض حتى يطهرن، بالتخفيف والتشديد - قراءتان - وأقل معاني التطهير أن تغسل فرجها أو تتوضأ، فدل
(1) ولم أجد هذه العبارة، وربما أن النووي حكاها بالمعنى من كلامه الآتي.
(2)
"المجموع"(2/ 397).
(3)
"تفسير الطبري"(2/ 385)، وانظر:(2/ 386)، (2/ 387).
(4)
"مراتب الإجماع"(46)، وانظر:"المحلى"(1/ 391).
(5)
"تفسير القرطبي"(3/ 88) ق (3/ 59).
(6)
"البناية"(1/ 654)، "فتح القدير"(1/ 170)، "البحر الرائق"(1/ 213).
(7)
"المنتقى"(1/ 118).
(8)
"المجموع"(2/ 397).
(9)
"المغني"(1/ 419).
(10)
"المحلى"(1/ 391)، وهم يرون الجواز في الوطء بعد غسل الفرج مطلقًا.