الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنها طاهرة بالاتفاق، وهو كما قال" (1)، ثم نفى الخلاف بعدها أيضًا، ونص على الدمع اللعاب والعرق والمخاط (2).
وعبارته تدل على المذهب، وذكرتها للاعتضاد.
• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق الحنفية (3)، والمالكية (4).
• مستند الاتفاق: أن ما يرشح من الحيوان المأكول ليس له اجتماع واستحالة في باطن الجسد، وإنما يرشح رشحًا، فيكون حكمه حكم الحيوان المنفصل عنه، فما دام أنه مأكولًا فما رشح عنه فهو طاهر (5).
النتيجة:
أن الاتفاق متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[15 - 352] طهارة بول مأكول اللحم:
بول مأكول اللحم ليس كبقية الأبوال، فهو طاهر، وقد حكى ابن تيمية الإجماع على طهارته.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث نقل عنه ابن تيمية، أنه نقل القول بطهارة أبوال ما يؤكل لحمه عن عامة السلف (6).
والذي وجدته من كلامه: "وأجمعوا أن الصلاة في مرابض الغنم جائزة، وانفرد الشافعي، فقال: إذا كان سليمًا من أبوالها"(7). ونقله ابن قدامة عنه هكذا (8)، وقال أيضًا:"وهو إجماع، كما ذكر ابن المنذر"(9)، أي: في الصلاة في مرابض الغنم.
(1)"المجموع"(2/ 576)، وانظر:"أسنى المطالب"(1/ 12).
(2)
"المجموع"(2/ 576).
(3)
"المبسوط"(1/ 48)، و"حاشية ابن عابدين"(1/ 135).
(4)
"التاج والإكليل"(1/ 129)، و"شرح الخرشي"(1/ 85).
(5)
"المجموع"(2/ 576)، وانظر:"المبسوط"(1/ 48).
(6)
"مجموع الفتاوى"(21/ 559)، ولكن عند مراجعة كلام ابن المنذر في "الأوسط"، الذي نقل عنه ابن تيمية كثيرًا، وجدته نص على الخلاف في المسألة (2/ 195)، ولعل ابن تيمية يريد تعضيد كلامه، ولم يرد أنه نقل الإجماع الاصطلاحي.
(7)
"الإجماع"(15) في باب الصلاة.
(8)
"المغني"(2/ 492).
(9)
"المغني"(2/ 493).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "وقد ذكرنا عن ابن المنذر وغيره، أنه لم يعرف عن أحد من السلف القول بنجاستها -أبوال مأكول اللحم- ومن المعلوم الذي لا شك فيه أن هذا إجماع على عدم النجاسة"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع عطاء، والثوري، والنخعي (2)، وداود، والظاهرية بإطلاق سوى الآدمي (3)، وقد نسبه الترمذي إلى أكثر أهل العلم (4)، وهو وجه للشافعية (5)، والمالكية (6)، والمشهور من مذهب الحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (حديث العرنيين) الذي فيه: "أمر لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذَوْدٍ (8) وراعٍ، ورخص لهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها"(9).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن يشربوا من أبوال الابل، مما يدل على طهارتها.
2 -
حديث أنسٍ أيضًا: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في المدينة حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم"(10).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم، وهي الأماكن التي تربض فيها وتستريح، وينتج غالبا عن ذلك أنها تبول وتتبرز فيها، ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام يصلي فيها، مما يدل على أنها طاهرة (11).
(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 580)، وانظر:(21/ 560 - 583 - 584)، وانظر: الحاشية الأولى في المسألة.
(2)
"الأوسط"(2/ 195)، و"المغني"(2/ 492)، و"المجموع"(2/ 567).
(3)
"المحلى"(1/ 170).
(4)
"سنن الترمذي"(1/ 82) مع "العارضة".
(5)
"المجموع"(2/ 567).
(6)
"مواهب الجليل"(1/ 94)، و"شرح الخرشي"(1/ 85).
(7)
"المغني"(2/ 492)، و"الإنصاف"(1/ 339).
(8)
الذود هي: تطلق على ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل، "المصباح"(80).
(9)
البخاري كتاب الزكاة، باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل، (ح 1430)، (2/ 546)، مسلم كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب حكم المحاربين والمرتدين، (ح 1671)، (3/ 1296).
(10)
البخاري كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، (ح 232)، (1/ 93)، مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، (ح 524)، (1/ 373).
(11)
"نيل الأوطار"(1/ 69).
• الخلاف في المسألة: حكى ابن تيمية نفسه عن الشافعي، أنه قال بأن أبوال الأنعام وأبعارها نجسة (1).
ولكنه أجاب عنه بأنه لم يعرف هذا القول عن أحد قبله، مما يجعله مخالفًا للإجماع (2).
وهذا القول -أي: بالنجاسة- هو مذهب أبي حنيفة (3)، والشافعي (4)، وهو رواية عن أحمد (5)، وقول الحسن البصري (6)، وابن حزم (7).
واستدلوا بقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] والعرب تستخبث هذا (8).
وبأنه داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس: "تنزهوا من البول"(9).
ولأنه رجيع، فكان نجسًا كرجيع الآدمي (10).
وهناك قول ثالث بطهارة البول دون الروث، وهو قول الليث، ومحمد بن الحسن (11).
واحتجوا بحديث العرنيين، وأخذوا به فيما ورد به وهو البول، دون الروث (12).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، وعدد منهم من المتقدمين، ونسبه الترمذي للجمهور، وهذا يدل على وجود الخلاف، مما يبطل
(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 559).
(2)
"مجموع الفتاوى"(21/ 559).
(3)
"المبسوط"(1/ 54)، و"بدائع الصنائع"(1/ 61).
(4)
"المجموع"(2/ 567)، وانظر:"فتح الباري"(1/ 526).
(5)
"المغني"(2/ 492)، و"الإنصاف"(1/ 339).
(6)
"الأوسط"(2/ 197)، و"المغني"(2/ 492).
(7)
"المحلى"(1/ 170).
(8)
"المجموع"(2/ 568).
(9)
الدارقطني عن أنس كتاب الطهارة، باب نجاسة البول، (ح 1)، (1/ 127)، وقال:"المحفوظ مرسل"، وحسنه النووي (2/ 567).
(10)
"المغني"(2/ 492).
(11)
"المجموع"(2/ 567)، و"المبسوط"(1/ 54)، و"بدائع الصنائع"(1/ 61).
(12)
"المبسوط"(1/ 54)، و"بدائع الصنائع"(1/ 61).