الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس: مسائل الإجماع في باب المسح على الخفين
[1 - 166] جواز المسح على الخفين:
إذا توضأ المسلم، ثم لبس خفيه، فإنه يجوز له المسح عليهما، إذا أراد الوضوء، ويُكتفى بذلك من خَلع الخف غسل القدمين.
• من نقل الإجماع: ابن المبارك (181 هـ) حيث يقول: "ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائز"(1).
ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا على أن من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين وأحدث؛ أن له أن يمسح عليهما"(2).
وقال: "وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، وكل من لقيت منهم؛ على القول به"(3). ونقله عنه النووي (4)، والعيني (5)، وابن قاسم (6).
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث يقول: "اتفق أهل العلم ومالك رحمه الله على جواز المسح على الخفين"(7).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول عن المسح على الخفين: "فأهل الفقه والأثر لا خلاف بينهم في ذلك، بالحجاز والعراق والشام وسائر البلدان؛ إلا قوما ابتدعوا؛ فأنكروا المسح على الخفين"(8).
وقال: "لا أعلم أحدًا من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين، من لا يختلف عليه فيه؛ إلا عائشة، وكذلك لا أعلم أحدًا من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك؛ إلا مالكًا، والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك، "مُوَطؤه" يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر، وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة"(9). ونقله
(1) حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط"(1/ 434)، ونقله عنه في "المغني"(1/ 359).
(2)
"الإجماع"(14).
(3)
"الأوسط"(1/ 434).
(4)
"المجموع"(1/ 500).
(5)
"البناية"(1/ 581).
(6)
"حاشية الروض"(1/ 213).
(7)
"عيون المجالس"(1/ 235).
(8)
"الاستذكار"(1/ 216)، وانظر:(1/ 218).
(9)
"الاستذكار"(1/ 218).
عنه الشوكاني (1).
البغوي (516 هـ) حيث يقول: "أما المسح على الخفين، فجائز عند عامة أهل العلم، من الصحابة فمن بعدهم"(2).
محمد السمرقندي (615 هـ) حيث يقول في المسح على الخفين: "وثبوته بالإجماع". نقله عنه ابن عابدين (3).
ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا على جواز المسح على الخفين في السفر"(4).
وقال أيضًا: "وأجمعوا على من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين، وهو مسافر سفرًا مباحا تقصر في مثله الصلاة، ثم أحدث، فله أن يمسح عليهما"(5).
والإجماع هنا يصب في المسح عمومًا دون التفصيل.
الكاساني (587 هـ) حيث يقول: "فالمسح على الخفين جائز عند عامة الفقهاء، وعامة الصحابة رضي الله عنهم؛ إلا شيئًا قليلًا، رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه لا يجوز"(6).
وقال أيضًا: "وكذا الصحابة رضي الله عنهم؛ أجمعوا على جواز المسح قولًا وفعلًا"(7).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "المسح على الخفين جائز عند عامة أهل العلم"(8).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز المسح على الخفين، في الحضر والسفر"(9).
وعبارة "كافة" من عبارات الإجماع الضعيفة.
ونقل بعد ذلك اتفاق الصحابة على الجواز (10).
وقال أيضًا: "وأجمع من يعتد به في الإجماع، على جواز المسح على الخفين، في
(1)"نيل الأوطار"(1/ 224).
(2)
"شرح السنة"(1/ 454).
(3)
"حاشية ابن عابدين"(1/ 256).
(4)
"الإفصاح"(1/ 49).
(5)
"الإفصاح"(1/ 50).
(6)
"بدائع الصنائع"(1/ 7)، وعبارة "عامة" من عبارات الإجماع الضعيفة.
(7)
"بدائع الصنائع"(1/ 7).
(8)
"المغني"(1/ 359).
(9)
"المجموع"(1/ 500).
(10)
"المجموع"(1/ 501).
السفر والحضر؛ سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوز للمرأة الملازِمة بيتها، والزَّمِن الذي لا يمشي، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج، ولا يعتد بخلافهم" (1).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "وكذلك اتفق الفقهاء على أن من توضأ وضوءًا كاملًا، ثم لبس الخفين؛ جاز له المسح بلا نزاع"(2).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "وقد ذكر في الباب الأول أن المسح على الخفين مجمع عليه بين الصحابة"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع عمر، وعلي، وسعد بن أبي وقاص، وعبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عباس، وحذيفة بن اليمان، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو موسى الأشعري، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبد اللَّه، وعمرو بن العاص، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبو مسعود الأنصاري، والمغيرة بن شعبة، والبراء بن عازب، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن سمرة، وأبو أمامة الباهلي؛ وأبو زيد الأنصاري، وسلمان، وبريدة، وعمرو بن أمية، ويعلى بن مرة، وعبادة بن الصامت، وأسامة بن شريك، وأسامة بن زيد، وصفوان بن عسال، وأبو هريرة، وعوف بن مالك، وابن عمر، وأبو بكرة، وبلال، وخزيمة بن ثابت (4)، والمشهور عند المالكية (5)، وابن حزم (6).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال:"دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين" فمسح عليهما (7).
2 -
حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال:"كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فبال، وتوضأ، ومسح على خفيه"(8).
(1)"شرح مسلم"(3/ 164).
(2)
"مجموع الفتاوى"(21/ 209).
(3)
"نيل الأوطار"(1/ 229).
(4)
"الأوسط"(1/ 427)، و"المجموع"(1/ 501).
(5)
"التاج والإكليل"(1/ 465)، و"مواهب الجليل"(1/ 318).
(6)
"المحلى"(1/ 321).
(7)
البخاري كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، (ح 203)، (1/ 85)، مسلم كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، (ح 274)، (1/ 230).
(8)
مسلم كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، (ح 273)، (1/ 238).
3 -
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:"جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم" يعني: في المسح على الخفين (1).
• وجه الدلالة: في الأولين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهي سنة فعلية.
أما الثالث؛ ففيه ذكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم للماسح أن يعمل به يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فيدل على مشروعيته (2)، وهو بالمناسبة من رواية علي رضي اللَّه تعالى عنه، خلافا لما رُوي من إنكاره للمسح على الخفين.
• الخلاف في المسألة: رُوي الخلاف عن عائشة، وعلي، وابن عباس، وأبي هريرة، ومجاهد، وسعيد بن جبير (3)، ورُوي عن أهل البيت (4)، وخالف الشيعة والخوارج أيضًا، فقالوا: لا يجوز، وحكي عن أبي بكر بن داود (5).
ولكن ذكر ابن المبارك، أن كل من روي عنه أنه كره المسح على الخفين؛ رُوي عنه خلاف ذلك (6).
ورُوي ذلك عن مالك، ولكن أنكر صحتَها عنه أكثرُ القائلين بقوله (7).
واحتجوا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
فقراءة النصب تقتضي وجوب غسل الرجلين مطلقا؛ لأنه جعل الأرجل معطوفةً على الوجه واليدين، إذ حكمها الغسل، فكذا الأرجل.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق في زمن الصحابة (8)؛ لوجود المخالف في المسألة من بينهم -وإن أنكر صحةَ السند إليهم بعضُ العلماء- وذلك لشهرة الخلاف في المسألة، ومالك رحمه الله أنكر المسح على الخفين في بداية الأمر؛ لما رأى عمل أهل
(1) مسلم كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، (ح 276)، (1/ 232).
(2)
انظر: "نيل الأوطار"(1/ 224).
(3)
"المصنف"(1/ 213)، وقد ضعف الروايةَ عن الصحابة أحمدُ وابنُ عبد البر، انظر:"الاستذكار"(1/ 217)، و"نيل الأوطار"(1/ 225).
(4)
"الفتاوى الكبرى" لابن تيمة (1/ 319)، و"نيل الأوطار"(1/ 225).
(5)
"المجموع"(1/ 500).
(6)
"الأوسط"(1/ 434).
(7)
"الاستذكار"(1/ 216)، وانظر:"المنتقى"(1/ 76).
(8)
وانظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (21/ 185)، و"نيل الأوطار"(1/ 226).