الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أنواع الإجماع من حيث النطق به وعدمه
•
أولًا: الإجماع الصريح أو اللفظي:
ويقصد به: اتفاق مجتهدي الأمة في عصر ما، على حكم شرعي عن طريق إبداء كل منهم رأيه صراحةً (1).
ويعرف ذلك من طريق الإبداء به قولًا، أو بالفعل، أو بأي طريقة تدل على الإقرار بذلك القول والرضا به.
وهو ما سماه بعض علماء الحنفية الأصوليين بالعزيمة (2).
وهذا القسم من الإجماع هو الذي يعتبر في المرتبة الثالثة بعد الكتاب والسنة؛ إذ لم يخالف فيه إلا من لم يحتج بالإجماع، أما الإجماع السكوتي ففي العمل به خلاف مشهور سيأتي، فهو لا يرتقي إلى مرتبة الأول مطلقًا.
•
ثانيًا: الإجماع السكوتي:
ويقصد به: أن يعمل بعض المجتهدين في عصرٍ عملًا، أو يبدي رأيًا صريحًا في مسألة اجتهادية، ويسكت الباقي من المجتهدين بعد علمهم بذلك الرأي (3).
وهو ما يسميه بعض علماء الحنفية بالرخصة (4).
ولكي يكون الإجماع سكوتيًّا فيجب أن تتحقق فيه عدة شروط؛ هي:
1 -
أن يكون السكوت مجردًا من جميع علامات الرضا والسخط؛ لأنه إن وجد ما
= (3/ 103)، "المهذب" للنملة (2/ 950)، "الإجماع" لعبد الفتاح حسيني (254)، "الفصول في الأصول" للجصاص (3/ 318)، "المستصفى" للغزالي (148)، "البحر المحيط" للزركشي (6/ 441)، "التقرير والتحبير"(3/ 101)، "حاشية العطار على شرح الجلال المحلي"(2/ 213)، "مراقي السعود إلى مراقي السعود" لمحمد الأمين بن محمد زيدان الجكني (300).
(1)
"الإجماع" للدكتور عبد الفتاح حسني (128)، "المدخل الفقهي العام" للزرقا (1/ 78).
(2)
"أصول السرخسي"(1/ 303)، "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" لعبد العزيز البخاري (3/ 226).
(3)
"الإجماع" لحسيني (131).
(4)
"أصول السرخسي"(1/ 303)، "كشف الأسرار"(3/ 228).
يدل على الرضا كان من قبيل الإجماع الصريح لا الإجماع السكوتي، وإن وجد ما يدل على السخط لم يكن إجماعًا أصلًا.
2 -
أن تبلغ المسألة جميع المجتهدين؛ لأنها إذا لم تبلغ الجميع لم يتحقق إجماع؛ لأنه لا يمكن نسبة الحكم إلى من يجهله.
3 -
أن يمضي زمن يكفي للنظر والتأمل في تلك المسألة؛ لينقطع احتمال أنهم سكتوا لكونهم في مهلة النظر (1).
واختلف العلماء في هذه المسألة، على ثلاثة أقوال إجمالًا:
القول الأول: أنه حجة وليس إجماعًا.
القول الثاني: أنه إجماع وحجة.
القول الثالث: أنه ليس بإجماع (2).
• أدلة القول الأول:
أولًا: أن سكوت الساكتين من المجتهدين دليل على موافقتهم على القول المعلن الذي اشتهر عند الناس، وإلا كان سكوتهم كتمًا للحق وما يعتقدون صحته، وهذا لا يجوز، ويجب أن ينزه علماء الأمة عن ذلك (3).
ثانيًا: أن اشتراط التصريح بالقول من كل المجتهدين شرط صعب المنال، ومن النادر تحققه، ومن المعتاد للناس أن يفتي البعض ويسكت الباقون لعدم الحاجة، إلا أن يكونوا مخالفين لما أُفتي به، فدل ذلك على أن سكوتهم إقرار منهم (4).
ثالثًا: أن سكوت المجتهد عن التصريح بمخالفته للرأي المعلن لا يعني بالضرورة موافقته على ذلك، ولكن عند النظر إلى عموم المجتهدين؛ فإنهم لن يسكتوا كلهم إلا وهم موافقون، ولكن لوجود احتمال مخالفة البعض دون أن يصرحوا برأيهم، لأي سببٍ كان؛ دل ذلك على أن رتبة هذا الإجماع أقل من سابقه، نظرًا لتعرضه لاحتمال
(1)"حجية الإجماع"(226)، "الإجماع" للدكتور عبد الفتاح حسيني (131)، وانظر:"التقرير والتحبير"(3/ 102)، "كشف الأسرار"(1/ 228)، "أحكام الإجماع" للمحمد (53).
(2)
"العدة"(4/ 1170)، "الوصول إلى الأصول" لابن برهان (2/ 126)، "الإحكام" للآمدي (1/ 252)، "شرح الروضة" للطوفي (3/ 78)، "حاشية العطار على الجلال"(2/ 222).
(3)
"حجية الإجماع"(231).
(4)
"حجية الإجماع"(231).