الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو مشمش، أو عسل، أو نحوها؛ فصار حلوًا، وهذا القسم طاهر بالإجماع، يجوز شربه وبيعه، وسائر التصرفات فيه" (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (2)، والمالكية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينبذ له الزبيب في السقاء، فيشربه يومه، والغد، وبعد الغد، فإذا كان مساء الثالثة؛ شربه وسقاه، فإن فضل شيء أهراقه"(5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من النبيذ الذي لم يشتد، وهو لا يشرب إلا طاهرًا مباحًا، فدل على طهارة النبيذ غير المشتد (6).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.
[57 - 394] طهارة الخمر المتخللة بنفسها:
إذا تخللت الخمر بنفسها، ولم تتخلل بفعل أحد، فإنها تطهر حينئذ، وحكى الإجماع عدد من العلماء.
• من نقل الإجماع: القاضي عبد الوهاب (422 هـ) أنه حكى الإجماع في هذه المسألة (7). نقله النووي عنه (8).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول في سياق استدلال له: "واحتجوا بالإجماع، على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها طهرت وطابت"(9).
ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت خلًّا، من غير معالجة الآدمي طهرت"(10).
(1)"المجموع"(2/ 582).
(2)
"المبسوط"(1/ 88).
(3)
"التاج والإكليل"(1/ 359).
(4)
"كشاف القناع"(1/ 30).
(5)
مسلم كتاب الأشربة، باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرًا، (ح 2004)، (3/ 1589).
(6)
"المجموع"(2/ 582).
(7)
لم أجد هذه العبارة، وانظر:"التلقين"(1/ 58).
(8)
"المجموع"(2/ 596).
(9)
"الاستذكار"(1/ 172)، وانظر:"شرح مختصر خليل"(1/ 88)، و"مواهب الجليل"(1/ 97، 98).
(10)
"الإفصاح"(1/ 16).
الكاساني (587 هـ) حيث يقول عن الخمر: "إذا تخللت بنفسها؛ يحل شرب الخل، بلا خلاف"(1)، والشرب طهارة وزيادة.
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها؛ جاز أكلها"(2).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "فأما إذا انقلبت بنفسها، فإنها تطهر وتحل، في قول جميعهم"(3). ونقله عنه ابن قاسم (4).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا أنها إذا انقلبت بنفسها خلًّا؛ طهرت"(5). (6).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "وأيضًا؛ فقد اتفقوا كلهم على الخمر إذا صارت خلًّا، بفعل اللَّه تعالى، صارت حلالًا طيبة"(7).
ويقول مصرحًا بلفظ الإجماع: "فإن المسلمين أجمعوا أن الخمر إذا بدأ اللَّه بإفسادها وتحويلها خلًّا؛ طهرت"(8). ونقله عنه ابن قاسم (9).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع ابن حزم (10).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نعم الإدام الخل"(11).
• وجه الدلالة: إذا كان الخل حلالًا، فهو بيقين غير الخمر المحرمة، وإذا سقطت
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 113)، وانظر:"المبسوط"(24/ 22).
(2)
"بداية المجتهد"(2/ 34).
(3)
"المغني"(12/ 518).
(4)
"حاشية الروض"(1/ 350).
(5)
"شرح مسلم"(5/ 133)، والعجيب أنه حكى الخلاف في المسألة في "المجموع"، ونسب هذا القول للجمهور، "المجموع"(2/ 596)، وانظر:"أسنى المطالب"(1/ 18)، و"تحفة المحتاج"(1/ 303)، و"مغني المحتاج"(1/ 236).
(6)
"المجموع"(2/ 596).
(7)
"مجموع الفتاوى"(21/ 71).
(8)
"مجموع الفتاوى"(21/ 601) وقد صرح في مواضع عدة بالاتفاق بألفاظ متعددة، انظر:(21/ 475، 481، 502، 517، 525)، (22/ 181)، (29/ 331).
(9)
"حاشية الروض"(1/ 350).
(10)
"المحلى"(1/ 133)، (6/ 115) مطلقًا بقصد وبدونه.
(11)
مسلم كتاب الأشربة، باب فضيلة الخل، (ح 2051)، (3/ 1621).
عن العصير الحلال صفات العصير، وحلت فيه صفات الخمر؛ فليست تلك العين عصيرًا حلالًا، بل هي خمر محرمة، وإذا سقطت عن تلك العين صفات الخمر المحرمة، وحلت فيها صفات الخل الحلال، فليست خمرًا محرمة، بل هي خل حلال.
وهكذا كل ما في العالم، إنما الأحكام على الأسماء، فإذا بطلت تلك الأسماء بطلت تلك الأحكام المنصوصة عليها، وحدثت لها أحكام الأسماء التي انتقلت إليها، فللصغير حكمه، وللبالغ حكمه، وللميت حكمه (1).
2 -
قول عمر رضي الله عنه، أنه خطب فقال:"لا يحل خل من خمر قد أُفسدت، حتى يبدأ اللَّه إفسادها، فعند ذلك يطيب الخل"(2).
• وجه الدلالة: في قوله: "أفسدت"، إذ معناها: خللت، فإذا بدأ اللَّه تخليلها، دون تدخل إنساني؛ فهي عند ذلك طيب (3).
3 -
أنها إذا انقلبت بنفسها، فقد زالت علة تحريمها، من غير علة خلفتها، فطهرت، كالماء إذا زال تغيره بمكثه (4).
• الخلاف في المسألة: خالف الحنابلة في قول غير مشهور (5)، وحكاه النووي عن سحنون المالكي (6)، وحكاه في "المدونة" عن سحنون، والحسن البصري (7)، فقالوا: لا يطهر الخمر بتخلله مطلقًا.
ولم أجد له دليلًا عندهم، غير أنه يمكن أن يستدل بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه قال: كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت "المائدة"، سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه، إنه ليتيم؟ قال:"أهريقوه"(8).
(1)"المحلى"(6/ 115).
(2)
"مصنف عبد الرزاق" كتاب الأشربة، باب الخمر يجعل خلًّا، (ح 17110)، (9/ 253) البيهقي كتاب الرهن، باب العصير المرهون يصير خلًّا، (ح 10983)، (6/ 37).
(3)
"المجموع"(2/ 593).
(4)
"المغني"(12/ 518).
(5)
"الإنصاف"(1/ 319).
(6)
"المجموع"(2/ 596)، و"شرح مسلم"(5/ 133)
(7)
(4/ 525).
(8)
الترمذي كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي للمسلم أن يدفع إلى الذمي الخمر يبيعها، (ح 1263)، (3/ 563) وقال:"حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي"(ح 1263).