الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعض الشيعة نسب القول بالوجوب للفقهاء السبعة؛ وهو تصحيف من الشيعة، وهو غير صحيح أيضًا (1).
ونسب بعض الشافعية هذا القول إلى الإمام أحمد، وهو غير صحيح أيضًا (2)، وقد سبق النقل عن ابن قدامة بما يخالفه، وقال الزركشي: هو منكر، وهما في حكم اليد الواحدة (3).
ولابن حزم كلام محتمل للوجوب، حيث قال:"ولا بد في الذراعين والرجلين من الابتداء باليمين قبل اليسار كما جاء في السنة"(4).
ولكن ذلك لم يثبت، وراجعت كلامه في صفة الوضوء، فلم يشر لذلك لا من بعيد، ولا من قريب (5).
فلم يصرح بالوجوب، والواجب حمل كلامه على ما وافق الإجماع؛ حتى يثبت الضد (6).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، لعدم وجود المخالف المعتبر في المسألة، وقد سبق مناقشة خلاف الشيعة وعدم اعتباره في خرق الإجماع، واللَّه تعالى أعلم.
[19 - 96] استحباب تثليث غسل أعضاء الوضوء:
يستحب لمن توضأ أن يغسل أعضاءه ثلاثًا، وهذا يشمل جميع الأعضاء سوى الرأس؛ فالخلاف فيه مشهور، ولا يدخل في حديث من نقلت عنه من العلماء، في هذه المسألة.
• من نقل الإجماع: الترمذي (279 هـ) حيث يقول: "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن الوضوء يجزئ مرة مرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده شيء"(7).
(1)"فتح الباري"(1/ 270)، وانظر:"نيل الأوطار"(1/ 215).
(2)
"فتح الباري"(1/ 270)، و"شرح الزركشي"(1/ 178)، و"نيل الأوطار"(1/ 215).
(3)
شرح الزركشي" (1/ 178).
(4)
"المحلى"(1/ 310).
(5)
"المحلى"(1/ 294).
(6)
وانظر: "إجماعات ابن عبد البر"(1/ 189).
(7)
"سنن الترمذي"(1/ 54) مع "العارضة".
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "فالثلاث في ذلك في سائر الأعضاء أكملُ الوضوء وأتمه، وما زاد فهو اعتداء، ما لم تكن الزيادة لتمام نقصان، وهذا لا خلاف فيه"(1).
ونفيه للخلاف هنا يحتمل كونه في مسألة الزيادة على الثلاث، وفي مسألتنا، وكونه في المسألتين معا، ولكن كونه في المسألتين أظهر، حيث إن السياق يدل لذلك، واللَّه تعالى أعلم.
سند بن عنان (541 هـ) حيث يقول: "لا خلاف في ثبوت فضيلة التكرار"(2) أي في غسل الأعضاء، فيما نقله عنه الحطاب (3).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "اتفق العلماء على أن الواجب من طهارة الأعضاء المغسولة، هو مرة مرة، إذا أسبغ، وأن الاثنين والثلاث مندوب إليهما"(4).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "أما حكم المسألة: فالطهارة ثلاثًا ثلاثًا مستحبة في جميع أعضاء الوضوء بإجماع العلماء، إلا الرأس؛ ففيه خلاف للسلف"(5).
ونقل عنه الشوكاني حكايته للإجماع في ذلك (6).
المرداوي (885 هـ) حيث يقول شارحًا لعبارة "المقنع" في سنن الوضوء: "قوله: (والغسلة الثانية والثالثة) بلا نزاع"(7).
وهو يقصد النزاع في المذهب بلا شك.
ابن نجيم (970 هـ) حيث يقول: "ومنها التثليث في حق كل واحد بالإجماع"(8)، وهو يريد تثليث المضمضة والاستنشاق هنا، إلا أن كلامه ينساق أيضًا على غيرها.
ابن حجر الهيتمي (974 هـ) في سنن الوضوء: " (وتثليث الغسل) وذلك للإجماع على طلبه، ويحصل بتحريك اليد ثلاثًا، ولو في ماء قليل"(9).
الصنعاني (1182 هـ) شارحًا حديث عثمان (10): " (دعا بوضوء) أي: بماء يتوضأ به
(1)"الاستذكار"(1/ 122).
(2)
بحثت عن كتبه فلم أجدها.
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 261).
(4)
"بداية المجتهد"(1/ 38).
(5)
"المجموع"(1/ 461).
(6)
"نيل الأوطار"(1/ 217).
(7)
"الإنصاف"(1/ 136).
(8)
"البحر الرائق"(1/ 22).
(9)
"تحفة المحتاج"(1/ 230).
(10)
سيأتي في المستند.
(فغسل كله ثلاث مرات) هذا من سنن الوضوء بإتفاق العلماء" (1).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "وقد أجمع العلماء على أن الواجب غسل الأعضاء مرة واحدة، وأن الثلاث سنة"(2).
وقال أيضًا: "وقد قدمنا أن التثليث سنة بالإجماع"(3).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث عثمان رضي الله عنه، أنه وصف وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا (4).
2 -
حديث علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا (5).
• وجه الدلالة: ظاهر من السنة الفعلية للنبي عليه الصلاة والسلام.
• الخلاف في المسألة: خالف بعض العلماء في المسألة، وقالوا بعدم المشروعية.
وقد نَقَل النووي حكاية هذا القول عن بعض الشافعية (6)، نسبوه لبعض العلماء، وأنكر أن يكون صحيحًا، فقال:"وحكى بعض أصحابنا عن بعض العلماء أنه لا يستحب الثلاث، وعن بعضهم أنه أوجب الثلاث، وكلاهما غلط، ولا يصح هذا عن أحد، فإن صح؛ فهو مردود بالأحاديث الصحيحة"(7)، قال هذا بعد حكايته للإجماع في المسألة كما سبق، مما يعني أنه يرى أن لا خلاف في المسألة معتبر.
وحُكي عن مالك بأنه لم ير التوقيت لا بواحدة ولا بثلاث (8).
واستدل بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، حيث الأمر بالغسل فقط، ولم يحدد (9).
(1)"سبل السلام"(1/ 59).
(2)
"نيل الأوطار"(1/ 180).
(3)
"نيل الأوطار"(1/ 218).
(4)
البخاري كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء، (ح 162)، (1/ 72)، مسلم كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله، (ح 226)، (1/ 204).
(5)
أبو داود كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، (ح 115)، (1/ 28)، الترمذي كتاب أبواب الطهارة، باب ما جاء في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان، (ح 48)، (1/ 67)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن حجر في "التلخيص"(1/ 80).
(6)
"المجموع"(1/ 461).
(7)
"المجموع"(1/ 461).
(8)
"الأوسط"(1/ 409)، و"الاستذكار"(1/ 124)، و"المغني"(1/ 192).
(9)
"الاستذكار"(1/ 124)، و"المغني"(1/ 193).