الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فامسحوا وجوهكم وأيديكم، أو امسحوا بها؛ لكان يكتفي بمجرد المسح من غير إيصال للطهور إلى الرأس، وهو خلاف الإجماع" (1).
يعني أن المسح للرأس متضمن للمسح باليد، وإيصال الماء إليه، وهو معنى كلام العلماء السابق.
ابن مفلح -صاحب "المبدع"- (884 هـ) حيث يقول: "ثم يمسح رأسه، وهو فرض بالإجماع"(2).
الحطّاب (954 هـ) حيث يقول: "هذه الفريضة الثالثة من الفرائض المجمع عليها، وهي مسح الرأس"(3).
وقال أيضًا: "وقدم المصنف الكلام على الأعضاء الأربعة المجمع عليها" أي: على فرضيتها (4).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بمسح الرأس، والأمر يقتضي الوجوب.
2 -
أحاديث صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث حُمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وفيه:"ثم مسح برأسه"(5).
• وجه الدلالة: أن كل من ذكر صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مسح النبي صلى الله عليه وسلم لرأسه، مما يدل على فرضيته.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، وهذه من المسائل التي لا يجوز فيها الاجتهاد بخلافه، فهي من مسائل الإجماع القطعي، واللَّه تعالى أعلم.
[26 - 135] استحباب مسح الرأس كله:
نقل عدد من العلماء الإجماع على استحباب مسح الرأس كاملًا، وأن من فعله فقد
(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 349).
(2)
"المبدع"(1/ 126).
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 202).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 183).
(5)
سبق تخريجه.
أدى ما عليه وأحسن في ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "واتفقوا أن من مسح جميع رأسه فأقبل وأدبر، ومسح أذنيه، وجميع شعره؛ فقد أدى ما عليه"(1).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وأما المسح بالرأس: فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله؛ فقد أحسن وعمل أكمل ما يلزمه"(2).
وقال أيضًا: "وأجمع العلماء أن من عم رأسه بالمسح؛ فقد أدى ما عليه، وأتى بأكمل شيء فيه"(3).
وقال أيضًا: "وقد أجمعوا على أن الرأس يمسح كله، ولم يقل أحد إن مسح بعضِه سنة، وبعضِه فريضة، فدل على أن مسحه كله فريضة"(4).
اللخمي (478 هـ) حيث نقل عنه الحطاب أنه نفى الخلاف في أنه مأمور بالجميع ابتداء -أي بمسح الجميع -، وإنما الخلاف إذا اقتصر على بعضه (5).
القرطبي (671 هـ) حيث يقول: "وأجمع العلماء على أن من مسح رأسه كله؛ فقد أحسن وفعل ما يلزمه"(6).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "واستيعابه بالمسح مأمور به بالإجماع"(7). ونقله عنه الشوكاني بلفظ الاتفاق (8)، وابن قاسم بلفظ الإجماع (9).
ولعل النووي يريد أنه مأمور به بالاستحباب إجماعًا، ولا شك أنه لا يريد الأمر الملزم؛ لشهرة الخلاف في المسألة.
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "اتفق الأئمة على أن السنة مسح جميع الرأس، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة والحسنة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"(10).
(1)"مراتب الإجماع"(38)، وانظر:"المحلى"(1/ 299).
(2)
"الاستذكار"(1/ 129)، ونفس العبارة في "التمهيد"(20/ 123).
(3)
"الاستذكار"(1/ 130)، وانظر:(1/ 132)، و"التمهيد"(20/ 127).
(4)
"الاستذكار"(1/ 130).
(5)
"مواهب الجليل"(1/ 203)، وقد بحثت عن كتابه "التبصرة" فلم أجده.
(6)
"تفسير القرطبي"(6/ 87) ق، (6/ 59).
(7)
"المجموع"(1/ 447).
(8)
"نيل الأوطار"(1/ 196).
(9)
"حاشية الروض"(1/ 205).
(10)
"مجموع الفتاوى"(21/ 122)، ونحو هذه العبارة في "الفتاوى الكبرى"(1/ 276)، وانظر: =
وقال أيضًا: "ولا خلاف بين الأئمة أن مسح جميع الرأس مرة واحدة أولى من مسح بعضه ثلاثًا"(1). ونقله عنه ابن قاسم (2).
ابن عبد السلام (749 هـ) حيث نقل عنه الحطاب أنه نفى الخلاف في أنه مأمور بالجميع ابتداء -أي بمسح الجميع-، وإنما الخلاف فيما إذا اقتصر على بعضه (3).
ابن السمعاني (617 - 618 هـ) حيث نقل عنه ابن حجر قوله: "وأجاب بأن الخفة تقتضي عدم الاستيعاب، وهو -الاستيعاب- مشروع بالاتفاق"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بالمسح للرأس، وهذا اللفظ عام، ومن مسح رأسه كله فقد أتى بالواجب على أكمل وجه، فلزم استحباب ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
2 -
حديث عبد اللَّه بن زيد رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:"فمسح رأسه، فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة"(6).
وفي رواية: "بدأ بمقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه"(7).
• وجه الدلالة: أن فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة فعلية، فقد مسح رأسه عليه الصلاة والسلام كله، حيث بدأ بمقدم رأسه؛ حتى ذهب إلى قفاه، وهذا يكفي أن يمر على الرأس كله، ولكنه ردهما أيضًا إلى المكان الذي بدأ منه، فدل على استحباب مسح الرأس كله، واللَّه تعالى أعلم.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
= (21/ 126).
(1)
"مجموع الفتاوى"(21/ 127).
(2)
"حاشية الروض"(1/ 183)، (1/ 204).
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 203).
(4)
"فتح الباري"(1/ 298).
(5)
"المبسوط"(1/ 64).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
رواية مسلم، سبق تخريجها.