الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: حيث إن تحقيق الأوامر مربوط بالاستطاعة، والموالاة الدقيقة فيها مشقة وعسر على الناس، فكان مقتضى التيسير أن يخفف فيها ما دام أنها يسيرة، واللَّه تعالى أعلم.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[2 - 111] الاقتصار على النية بالقلب مجزئ:
إذا نوى مريدُ الوضوء بقلبه، ولم يتلفظ بالنية بلسانه، فإن فعله هذا مجزئٌ (1).
• من نقل الاتفاق: ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أنه لو اقتصر على النية بقلبه أجزأ، بخلاف ما لو نطق بلسانه دون أن ينوي بقلبه"(2).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "نية الطهارة من وضوء أو غسل أو تيمم، والصلاة، والصيام، والزكاة، والكفارات، وغير ذلك من العبادات، لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام"(3).
ابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول عن الاقتصار على النية بالقلب: "ولو اقتصر عليه بقلبه أجزأه إجماعًا"(4).
• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق الحنفية (5)، وهم لا يشترطون النية في الوضوء أصلًا؛ كما وافق المالكية (6)، والشافعية (7).
• مستند الاتفاق:
1 -
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى"(8).
= مسلم كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، (ح 1337)، (2/ 975)، واللفظ له.
(1)
ليس من مسألتنا الحديث عن المستحب فعلُه، إذ فيه الخلاف، ولا ما هو المشروع، هل هو الجهر أو الإسرار بالنية؟ فالمسألة تبحث في إجزاء الاقتصار على النية بالقلب، دون التلفظ بها، وأن ذلك مجزئ.
(2)
"الإفصاح"(1/ 27)، وانظر:"المغني"(1/ 157)، و"الإنصاف"(1/ 142).
(3)
"الفتاوى الكبرى"(1/ 214).
(4)
"حاشية الروض"(1/ 189).
(5)
"بدائع الصنائع"(1/ 19)، و"تبيين الحقائق"(1/ 5).
(6)
"حاشية العدوي"(1/ 203).
(7)
"المجموع"(1/ 358).
(8)
البخاري باب بدء الوحي، (ح 1)، (1/ 3)، مسلم كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنية"، =
• وجه الدلالة: حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات، والنيات محلها القلب، ولم يبين في الحديث أنه يجب مع النية التلفظُ، مع الحاجة لبيانه لو كانت لازمة، فدل ترك البيان على عدم لزوم التلفظ، واللَّه تعالى أعلم.
2 -
عدم وجود نص يُلزم بالتلفظ، أو حتى على استحبابه، فلم ينقل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا من أمته أن يتلفظ بالنية، ولا علَّم أحدًا من المسلمين (1)، ولذلك أنكره عدد من أهل العلم، منهم ابن تيمية (2).
• الخلاف في المسألة: خالف أبو عبد اللَّه الزبيري من الشافعية في هذه المسألة، فقال: لا بد من الجمع بين نية القلب ولفظ اللسان (3).
وقال الماوردي عن هذا القول: "وهذا لا وجه له"(4).
وخالف الشافعية في وجهٍ مشهورٍ عندهم بأن نية الصلاة تجب باللفظ والقلب معًا، وغلّطه النووي، ونَقَل عن الماوردي، أنه أشار إلى جريانه في الوضوء، وقال النووي بعده:"هو أشذّ وأضعف"(5).
وهذا القول يعني أنه لا يجزئ إلا إذا جمع بين اللفظ بالنية والعزم بالقلب.
وليس لهؤلاء دليل، وهو قول شاذ لا يدعمه دليل، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بالناس، ولم يذكر أحد عنهم أنهم كانوا يتلفظون بشيء من ذلك، ولو كانوا يفعلونه لنقل، فضلًا عن أن يلتزموا به، ولم يُذكر هذا القول عن أحد من السلف، ولا ممن يعتد بقولهم، ومن نسبه للشافعي فقد غلط، كما قال النووي (6).
النتيجة:
أن الاتفاق متحقق؛ لعدم وجود المخالف المعتبر في المسألة، وإن كان وجهًا مشهورًا للشافعية، إلا أنه لم يذكر عن السلف خلاف في المسألة، ولم يشتهر الخلاف إلا عند المتأخرين، فخلافهم أتى بعد الإجماع، فلا عبرة به، واللَّه تعالى أعلم.
= (ح 1907)، (3/ 1515).
(1)
"الفتاوى الكبرى"(1/ 214).
(2)
انظر: "الفتاوى الكبرى"(1/ 214)، و"الفروع"(1/ 139).
(3)
"الحاوي"(1/ 106).
(4)
"الحاوي"(1/ 106).
(5)
"المجموع"(1/ 359).
(6)
وانظر: كلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى"(1/ 214).