الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد الوضوء" (1).
النتيجة:
أن الاتفاق غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[48 - 157] لا إثم بتأخير الوضوء عن الحدث:
إذا كان المسلم على حدث أو جنابة، فإنه لا يجب عليه الغسل أو الوضوء حتى يجب عليه الأداء وجوبًا ضيِّقًا، ولا يأثم بذلك.
وهنا قيد، وهو: أن لا يكون التأخير إلا مع العزم على الأداء، ولذلك قال ابن مفلح الحنبلي في تأخير الصلاة:"ويأثم من عزم على الترك إجماعًا"(2).
وقيد آخر، وهو: أن لا يكون التأخير لترددٍ في العزم.
• من نقل الإجماع: أبو محمد الجويني (438 هـ) حيث يقول: "أجمع العلماء أنه إذا أجنب، أو أحدث؛ لا يجب عليه الغسل، ولا الوضوء؛ حتى يدخل وقت الصلاة بالفعل أو الزمان"(3). نقله عنه النووي (4).
وبيَّن النووي مراده من هذا الإجماع، حيث قال:"هذا الذي قاله ليس مخالفًا لما سبق -الخلاف في متى يجب الوضوء-؛ لأن مراده لا يكلف بالفعل"(5).
ومعنى كلام النووي -واللَّه أعلم- أنه لا يجب الوجوب المضيق، بمعنى أنه لا يجب وجوبًا فوريًّا إلا في وقت لا يسع إلا للقيام به، ويبينه كلامه الآتي.
النووي (676 هـ) حيث يقول: "فإذا قلنا: يجب -الوضوء- بوجود الحديث، فهو
(1) الترمذي كتاب أبواب الطهارة، باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء، (ح 53)، (1/ 74)، وقال:"حديث عائشة ليس بالقائم ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء"، "سنن الدارقطني" باب التنشف من ماء الوضوء، (ح 1)، (1/ 110)، سنن البيهقي الكبرى باب التمسح بالمنديل، (ح 841)، (1/ 185)، وضعفه في هذا الموضع.
(2)
"الفروع"(1/ 293)، وهذا الإجماع غير صحيح؛ إذ أن في المسألة قولًا للحنابلة بجواز التأخير بدون العزم، "الإنصاف"(1/ 400).
(3)
ويريد بالفعل، أي إذا أراد أن يصلي فعليًّا، وجب الوضوء عندها، أو إذا تضايق الزمان للصلاة في كتابه "الفروق" في باب التيمم، قاله النووي (1/ 491)، وبحثت عن كتابه هذا فلم أجده.
(4)
"المجموع"(1/ 491).
(5)
"المجموع"(1/ 491).
وجوب موسع إلى القيام إلى الصلاة، ولا يأثم بالتأخير عن الحدث بالإجماع" (1).
يعني أنه لا يأثم بتأخير الوضوء إلى وسط وقت الصلاة أو آخره المباح. ونقله عنه ابن قاسم دون إشارة (2).
أبو بكر الحدَّادي العبادي (800 هـ) حيث نقله عنه ابن نجيم، فقال في سياق كلامٍ له:"لما نقله "السراج الوهاج" (3)، من أنه لا يأثم بالتأخير عن الحدث بالإجماع"(4).
أي: بتأخير الوضوء عن الحدث.
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع المالكية (5)، والحنابلة (6)، وابن حزم (7).
• مستند الإجماع: حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام، فقال له:"قم فصلِّه، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر، فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب، فقال: قم فصله، فصلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء، فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر، فقال: قم فصله، فصلى الفجر حين برق الفجر، أو قال: سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر، فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر، فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال: ثلث الليل فصلى العشاء، ثم جاءه حين أسفر جدًّا، فقال: قم فصله، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت"(8).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بداية الوقت ونهايته، وهو دليل الجواز في
(1)"المجموع"(1/ 491).
(2)
"حاشية الروض"(1/ 188).
(3)
"السراج الوهاج شرح مختصر القدوري"، وهو لأبي بكر العبادي، وهو مترجم في الرسالة، أما الكتاب فبحثت عنه فلم أجده.
(4)
"البحر الرائق"(1/ 9).
(5)
"المنتقى شرح الموطأ"(1/ 3)، و"مواهب الجليل"(1/ 404).
(6)
"الفروع"(1/ 293).
(7)
"المحلى"(1/ 214).
(8)
أحمد (ح 14578)، (3/ 330)، الترمذي كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، (ح 150)، (1/ 281)، وقال الترمذي:"حديث حسن صحيح غريب"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(ح 1402).