الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن المعروف عنه موافقة الجمهور، بل عنه رواية بكراهة النقض عن الثلاث (1).
وبعد مزيد من البحث، وجدت القرافي نقل عن صاحب "الطراز" وغيره (2) تفسيرًا لما نقل عن مالك في ذلك، بأنه يريد به نفي الوجوب (للثلاث)، لا نفي الفضيلة، وهذا يتوافق مع قول الجمهور وللَّه الحمد.
وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز بمشروعية التثليث إلا في الرجلين (3)، وهو قول عند المالكية (4).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق في الرجلين، بلا إشكال، فالنقل فيها واضح؛ لوجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
أما بقية الأعضاء فالنقل فيها -كما سبق- غير واضح، فالنووي نفى وجود الخلاف، وغلط من نقله، وأما ما نُقل عن مالك فغير قوي أيضًا، ولولا أن من نقله غير ابن عبد البر لنفيت صحته، مع أنه سبق نقل نفيه للخلاف في المسألة، والمسألة محل إشكال عندي، ولكن الأظهر أن المسألة إجماعية، وما نقل فيها فهو شاذ إن صح؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة والصريحة، ولمخالفته الإجماع، واللَّه أعلم (5).
[20 - 97] التثليث في الوضوء غير واجب:
إذا أراد المسلم الوضوء، فإنه لا يجب عليه أن يغسل أعضاءه ثلاثًا، وعلى ذلك حكي الإجماع.
• من نقل الإجماع: الكاساني (587 هـ) حيث يقول: "ولا خلاف في أن النجاسة الحكمية، وهي الحدث والجنابة تزول بالغسل مرة واحدة، ولا يشترط فيها العدد"(6).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "اتفق العلماء على أن الواجب من طهارة الأعضاء المغسولة هو مرة مرة إذا أسبغ، وأن الاثنين والثلاث مندوب إليهما"(7).
(1)"الاستذكار"(1/ 125).
(2)
"الذخيرة"(1/ 286).
(3)
"المغني"(1/ 193).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 261، 262).
(5)
وانظر: "إجماعات ابن عبد البر"(1/ 195)، فقد رأى الدكتور البوصي عدم ثبوت الإجماع.
(6)
"بدائع الصنائع"(1/ 87)، وانظر:"البحر الرائق"(1/ 22).
(7)
"بداية المجتهد"(1/ 38)، وانظر:"الذخيرة"(1/ 286).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "ولأن فيه غسل الكفين والتكرار وغيرهما مما ليس بواجب بالإجماع"(1).
ويقول: "فإن الثلاث لا تجب بالإجماع"(2).
ويقول: "أجمع العلماء على أن الواجب مرة واحدة"(3).
وقال بعدها بقليل: "والأحاديث في هذا كثيرة مشهورة، وهو مجمع عليه، ولم يثبت عن أحد خلافه"(4). ونقله عنه الشوكاني (5).
ابن حجر (852 هـ) حيث يقول في سياق حديثه عن قول بعض العلماء بوجوب التثليث: "وكأنه تمسك بظاهر الحديث المذكور (6)، وهو محجوج بالإجماع"(7).
ابن الهمام (861 هـ) حيث يقول عن وجوب الغسلات الثلاث: "لكن انعقد الإجماع على خروج اثنتين منهما"، أي: الثانية والثالثة عن الوجوب (8).
ونقله عنه ابن نجيم (9).
الصنعاني (1182 هـ) حيث يقول: "وأما التثليث فغير واجب بالإجماع، وفيه خلاف شاذ"(10).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "وقد أجمع العلماء على أن الواجب غسل الأعضاء مرة واحدة، وأن الثلاث سنة"(11).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنابلة (12).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بغسل الأعضاء، ولم يحدد عز وجل عدد الغسل، فيكفي ما يحصل به الغسل، ولو كان مرة واحدة أو مرتين (13).
(1)"المجموع"(1/ 402).
(2)
"المجموع"(1/ 403).
(3)
"المجموع"(1/ 465).
(4)
"المجموع"(1/ 466).
(5)
"نيل الأوطار"(1/ 217).
(6)
سيأتي في الخلاف في المسألة.
(7)
"فتح الباري"(1/ 234).
(8)
"فتح القدير"(1/ 57).
(9)
"البحر الرائق"(1/ 48).
(10)
"سبل السلام"(1/ 60).
(11)
"نيل الأوطار"(1/ 180)، وانظر:(1/ 216).
(12)
"الإنصاف"(1/ 136).
(13)
انظر: "الأوسط"(1/ 407).